صيف لاهب في العراق في ظل انقطاع تام للكهرباء
(أ ف ب)
يعيش العراقيون صيفا لاهبا كل عام، لكن هذا المرة مع ارتفاع درجات الحرارة إلى 52 وغرق البلاد في ظلام دامس بسبب انقطاع الكهرباء وتوقف أجهزة التكييف والمراوح وبرادات المياه.
علي كرار، موظف حكومي يسكن مدينة الحلة الى الجنوب من بغداد ويعاني مثل غيره من نقص الكهرباء. كان يعمد احيانا الى وضع ابنه الرضيع في ثلاجة المنزل للحظات معدودة لحمايته من حرارة الجو، لكنه لم يعد قادرا على ذلك وفق مراسل فرانس برس.
وفي الديوانية، المدينة الجنوبية، فقد راهي عبد الحسين الأمل بالكهرباء وتوجه للبحث عن قطع ثلج لتأمين مياه باردة لأطفاله.
في شوارع مختلفة بمدن البلاد، يقوم أصحاب محال تجارية بتركيب أنابيب ووضع مرشات مياه على جانب الطريق ليتمكن المارة المتسوقون من الاستحمام مرتدين ملابسهم التي سرعان ما تجف.
والوضع الأكثر سوءا تعيشه مدينة البصرة الساحلية الواقعة في أقصى جنوب العراق، حيث ترتفع معدلات الرطوبة مع تزايد درجات الحرارة كما هو الحال في كل صيف.
ودفع ذلك محافظ البصرة الى إعلان عطلة رسمية لأربعة أيام للحد من خروج سكان محافظته.
ويقول مشعل هاشم (50 عاما) الذي يعمل في أحد موانىء البصرة والاب لثلاثة اطفال "أطفالنا ينامون على الارض بحثا عن البرودة وكبارنا لا يغمض لهم جفن".
"من المسؤول؟"
يتساءل اربعون مليون عراقي: من المسؤول عن كل ما يحدث لبلادهم التي ضاع نصف مواردها النفطية في الاعوام العشرين الماضية وذهب الى جيوب سياسيين ورجال اعمال فاسدين.
وبات نقص الكهرباء موضوعا رئيسيا على شبكات التواصل الأجتماعي في العراق. وكتب الباحث سجاد جهاد في تغريدة أن وزارة "الكهرباء تقول ان السبب النفط والنفط تقول المالية والمالية تقول إيران وإيران تقول الحكومة (العراقية) والحكومة تقول الشعب والشعب يقول السياسيين والسياسيون يقولون هذا ما هو موجود".
ويعيش العراق حاليا صيفا لاهبا أكثر من اي عام، ولم تجدد وزارة الكهرباء وحداتها وبينها شبكة توزيع الطاقة ما يعني ضياع 40 بالمئة من الانتاج. ولم تتمكن وزارة النفط رغم محاولاتها المتواصلة، من استثمار الغاز الطبيعي المرافق لعمليات الاستخراج والذي يحترق من خلال مشاعل على مدار الساعة، لتحويله إلى وقود لتشغيل محطات الطاقة الكهربائية.
كما أوقفت طهران التي تدين لها بغداد بستة مليارات دولار مقابل تصدير كهرباء وغاز للعراق، عن تصدير الغاز الذي يعتمد عليه العراق لتشغيل محطاته الكهربائية.
كما لم يستطع العراق دفع ديونه لإيران بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على طهران وبسبب وضعه الاقتصادي الناتج من تراجع معدلات تصدير النفط الذي يمثل المورد الرئيسي لميزانية البلاد، بسبب تداعيات انتشار كوفيد-19.
إلى ذلك، تعاني السلطات من صعوبة جباية فواتير الكهرباء التي لا يدفعها الإ عدد قليل جداً من العراقيين، ناهيك عن تجاوزات في أغلب مدن البلاد من عامة وحتى مسؤولين.
من المستفيد؟
تعرضت أربع محافظات في جنوب العراق الثلاثاء، لانقطاع كامل للكهرباء، والسبب تعرض شبكة نقل الطاقة لهجمات متكررة، وفقا لوزارة الكهرباء.
وتتهم السلطات "إرهابيين" يصعب معرفة من يقف وراءهم، بالوقوف وراء تلك الهجمات.
وقال المتحدث باسم وزارة النفط أحمد موسى في لقاء تلفزيوني مؤخراً "هناك من يحاول إثارة الشارع لخلق حالة من الإرباك والفوضى" في البلاد.
وشهدت محافظات متعددة جنوب البلاد، بينها ميسان وواسط، احتجاجات متكررة عند محطات توليد الطاقة، واصيب خمسة متظاهرين وسبعة من قوات الأمن بجروح خلال تلك التي جرت في واسط.
وفشل جميع وزراء الكهرباء الذي شغلوا هذا المنصب بعد عام 2003، في معالجة هذه المشكلة مع حلول كل صيف الامر الذي يدفعهم للاستقالة وخصوصا مع القاء الحكومة المسؤولية على وزير الكهرباء، عند كل موجة احتجاجات.
والأمر ذاته تكرر هذا العام، وبادر الوزير ماجد حنتوش المدعوم من التيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الى تقديم استقالته قبل يوم من وقف إيران تصديرها للغاز الى عراق وغرق البلاد في ظلام دامس.
وجاءت الاستقالة بناء على طلب التيار الصدري الذي يعد معارضا للحكومة الحالية.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: