أزمة تيجراي: نظرة من داخل منطقة الصراع
أديس أبابا- (بي بي سي):
فرضت قيود على وصول الصحافة ووكالات الإغاثة إقليم تيجراي في أثيوبيا، منذ اندلاع الصراع. سمح أخيراً لمراسل بي بي سي كالكيدان يبلتال بالدخول إلى المنطقة، حيث شهد وضعاً إنسانياً مزرياً.
تستقبل مدينة شاير كل يوم المزيدمن الضحايا.
نزحت بيت لحم تسفايي البالغة من العمر ست سنوات، من منطقة قرب أكسوم، على بعد 50 كيلومتر إلى الشرق. خسرت قدميها في تفجير تسبب أيضاً بقتل والدتها.
أنفق والدها مدخراته على علاجها. ولا يعلم الآن كيف يستطيع تأمين أطراف صناعية لها.
مثل مدن وبلدات أخرى في أنحاء تيجراي، أصبحت شاير ملاذا لمئات الآلاف من الأشخاص الذين أجبروا على ترك منازلهم، بسبب صراع أحيط باتهامات حول انتهاكات لحقوق الإنسان، تشمل ارتكاب مجازر واغتصاب ممنهج.
لكن هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 170 ألف نسمة وتقع في وسط الإقليم، تكافح بشكل خاص.
فقد شهدت تدفقاً هائلاً من الناس خلال الأشهر الأربعة الماضية، ولم تكن مستعدة لذلك.
وأصبحت مدارسها وحرمها الجامعي ساحات للمعاناة.
وتقدر وكالات الإغاثة إقامة نحو 200 ألف شخص حاليا في المخيمات المؤقتة في المدينة. العديد من بينهم نساء واطفال.
بدأت أولى المجموعات بالوفود في شهر نوفمبر مع اندلاع الصراع. ووفد أغلبهم من الأراضي المنخفضة في الجنوب والجنوب الغربي، التي كانت بؤراً للقتال في الأيام الأولى.
وأتى الصراع بعد فترة طويلة من التوتر بين رئيس الحكومة الفدرالية آبي أحمد من جهة، وجبهة تحرير شعب تيجراي، القوة المهيمنة في السياسة الأثيوبية إلى حين وصول آبي أحمد إلى الحكم عام 2018.
واندلع الصراع على عدة جبهات، وانخرطت فيه قوات متعددة مختلفة، بعد إعلان آبي أحمد شنّ هجوم عسكري، ردّاً على تعرّض قاعدة عسكرية لاعتداء في ميكيللي، عاصمة الإقليم.
وانضمت قوات الأمهرة المسلحة، من المناطق المجاورة في جنوب وجنوب غرب تيغراي، للقتال إلى جانب الجيش الفدرالي ضدّ جبهة تحرير شعب تيجراي.
تتذكر أتسيدي مبراهتوم البالغة من العمر 65 عاماً، تلك الأيام بخوف شديد.
كانت تسكن في بلدة تدعى دانشا. تعيش الآن مع بناتها وأزواجن وأحفادها في واحد من مخيمات مدينة شاير.
حين هجروا بيوتهم مع القليل أو دون مال، لم يعلموا كيف سينتهي بهم الأمر.
مشوا على أقدامهم حين اضطروا، واستعانوا عندما استطاعوا بالشاحنات والباصات المليئة بالأشخاص الذين عانوا مثلهم.
وقالت أتسيدي:" لم نستطع الراحة".كانوا يشعرون بالجوع والعطش. وأضافت "الجدّة تتوسل قطعة من الخبز وتعطيها لطفل".
وتابعت قائلة إنها رأت جثث غير مدفونة، ملقاة طوال الطريق - صورة تجد من الصعب نسيانها.
وأخبرت مراسل بي بي سي أنهم غير سعداء، لكنهم أحياء وقالت:" نحن محظوظون لأننا لم نمت".
ووزعت بعض المساعدات داخل المخيمات، لكن الناس يقولون إنها غير كافية.
وتقول إدارة تيجراي المؤقتة، المعينة من الحكومة الفدرالية، إن نحو أربعة مليون شخص - أكثر من نصف سكان تيغراي - بحاجة للمساعدة.
وقد نزح أكثر من مليون شخص.
ودعت إتينيش نيغوسي، المتحدثة باسم الإدارة المؤقتة، المانحين ووكالات الإغاثة إلى تكثيف جهودهم.
وقالت لمراسل بي بي سي إنه مسموح الآن لوكالات الإغاثة الدخول وتقديم المساعدة. وإنها تتوقع منهم تقديم "كلّ ما هو ضروري لمساعدة وإنقاذ شعبنا، إلى جانب المساعدة التي تقدمها الحكومة".
وصدرت دعوات عالمية للسماح دون قيود بوصول المساعدات الإنسانية.
في مخيم في شاير أيضاً، تسكن لتيربرهان أسفة، القادمة من هوميرة، بلدة صغيرة قريبة من الحدود مع السودان وإريتريا.
وضعت ابنتها مولوداً جديداً بعد عملية قيصرية قبل بدء الصراع. حين نزحوا، اضطرت للاعتناء بابنتها حتى تتعافى، وللاهتمام بالمولود الجديد. تقول إنها شعرت بالأمان نسبياً داخل المخيم، لكنها لم تهتم للأمر.
ورغم هذا الوجود المحفوف بالمخاطر، لا يزال الآلاف يصلون إلى شاير في الحافلات المكتظة والشاحنات وعربات تجرّها الخيول.
وذلك لأنه على الرغم من تمكن الحكومة الفيدرالية من السيطرة على جزء كبير من تيجراي في غضون أسابيع، إلا أن الوضع الأمني لا يزال متقلبًا مع ورود تقارير عن قتال متقطع في بعض المناطق.
ولا تزال حالة الطوارئ سارية مع حظر تجول ليلي ونقاط تفتيش متعددة للمسافرين داخل المنطقة.
ولكن، بغض النظر عن وضع القتال، فقد تستغرق الجروح سنوات لتلتئم. وبالنسبة للبعض ستستمر الندوب إلى الأبد.
فيديو قد يعجبك: