اقتحام الكونجرس: ما هي الميليشيات اليمينية المتطرفة في الولايات المتحدة؟
واشنطن- (بي بي سي):
يقول خبراء إن جماعات اليمين المتطرف، مثل تلك التي شاركت في أحداث الشغب لاقتحام مبنى الكابيتول، باتت تمثل خطرا جديا ومتزايدا في عموم الولايات المتحدة الأمريكية.
ومنذ فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، زادت مشاركة جماعة مسلحة في المظاهرات بشكل كبير، بحسب جماعة متخصصة بمتابعة قضايا العنف السياسي.
وحذر مكتب التحقيقات الفيدرالي من وقوع احتجاجات مسلحة في كل الولايات الأمريكية الخمسين بالترافق مع تنصيب بايدن في البيت الأبيض في 20 من الشهر الجاري.
ويقول مشروع "أيه سي أل إي دي" الذي يعنى برصد وتحديد مواقع النزاعات المسلحة وتوثيق البيانات عن أحداثها: إن جماعات اليمين المتطرف ساهمت بشكل مطرد ومتزايد في المظاهرات ضد نتائج الانتخابات.
ويحذر المشروع من أنه من المرجح جنوح المظاهرات نحو العنف إذا كانت عناصر الميليشيات حاضرة فيها.
وأن هذه الجماعات، لم تشرع في حضور احتجاجات أكثر، فحسب، بل كثفت إقامة فعاليات للتدريب وتجنيد الاتباع.
كم عدد هذه الجماعات؟
ثمة عشرات الميليشيات في عموم الولايات المتحدة التي تحمل توجهات أيديولوجية مختلفة، ولكنها على العموم ضد الحكومة. وعلى الرغم من أنها، قد لا تدافع بالضرورة عن العنف، إلا أنها مسلحة وقد انخرط بعضها في مظاهرات عنيفة.
ويقول العديد من هذه الجماعات إنهم يعملون بدافع الدفاع عن النفس بوجه مخاوف مما يعتقدون أنه تدخل متزايد من الحكومة الفيدرالية، مع تركيز خاص على موضوع تنظيم حيازة الأسلحة.
ويشترط بعض الولايات أن تكون هذه الميليشيات مجازة ومسجلة لدى الحكومة المحلية، بيد أن التعديل الثاني في الدستور الأمريكي يحدد المدى الذي يمكن أن تُفرض فيه عمليات التنظيم والسيطرة على مثل هذه النشاطات.
وقد انخفض عدد هذه الجماعات المسلحة (الميليشيات) في الولايات المتحدة في الفترة بين 2017 إلى 2019. وتقول الباحثة في شؤون الميليشيات، آمي كوتر: إن ذلك نموذج شائع تحت حكم الرؤساء الجمهوريين.
وعلى الرغم من كونها ضد الحكومة، إلا أن هذه الجماعات مالت إلى صف الرئيس ترامب.
وتقول كوتر "يرى معظم هذه الجماعات أن ترامب أقرب شخص، حصلوا عليه حتى الآن، إلى نموذجهم المثالي للرئيس".
وتنتشر نشاطات الميليشيات في عموم الولايات المتحدة الأمريكية.
ما هي سمات بعض هذه الجماعات؟
تمثل " حراس القسم" و "ثلاثة في المئة" أبرز اثنين من جماعات الميليشيات في الولايات المتحدة.
وقد أُسس الجماعتان بعد انتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة، مستندتين إلى اعتقاد بأن الحكومة الفيدرالية كانت "تعمل على تدمير حريات الأمريكيين"، بحسب المؤسسة المعنية بمكافحة التطرف "ساوثرن بوفرتي لو سينتر" (أس بي أل سي).
وقد أخذ "حراس القسم" اسم جماعتهم من القسم الذي يردده أعضاء الجماعة في أن يدافعوا عن الدستور الأمريكي. وتقدر رابطة مكافحة التشهير عدد أعضاء الجماعة بين 1000 إلى 3000 شخص، لكن تأثيرهم يذهب إلى أبعد من ذلك بكثير.
وأخذت جماعة "ثلاثة في المئة" اسمها من زعم غير صحيح بأن نسبة 3 في المئة فقط من الأمريكيين قاتلت ضد البريطانيين في حرب الاستقلال.
ومؤخرا، برزت جماعات أخرى من أمثال "ذا براود بويز" (الأولاد الفخورون) و "ذا بوغالو بويز"، جراء انخراطها في أعمال عنف في الشوارع، في الغالب.
وتعد "ذا بوغالو بويز" جماعة غير محكمة التنظيم يعبر أفرادها عادة عن رغبتهم في القيام بانقلاب مسلح ضد الحكومة، بينما تركز جماعة "ذا براود بويز" التي أنشأت في عام 2016 على معاداة المهاجرين والذكور عموما.
وقد شُخص وجود عناصر من كل هذه الجماعات في عملية اقتحام مبنى الكابيتول في 8 يناير.
انخراط بعض قدامى المحاربين العسكريين مع هذه الميليشيات
دق وجود عسكريين متقاعدين في عملية اقتحام مبنى الكابيتول ناقوس الخطر بشأن إنخراطهم في جماعات الميليشيات.
ويبحث محققون في استخدام بعض التكيتكات التي تُدرّس لضباط الجيش وقوات فرض القانون، كاستخدام أشارات خاصة بالأيدي للتجمع وقيادة جماعات من الأشخاص وتوجيههم.
وأفادت وكالة أسوشيتد برس للأنباء أن ما لا يقل عن 22 من عناصر، حاليين وسابقين، في الجيش الأمريكي وقوات فرض القانون قد شُخص وجودهم في أو قرب أحداث الشغب في الكابيتول، وثمة عدد أكبر يجري التحقق من وجودهم.
ولطالما نبّه خبراء إلى مشكلة التطرف في الجيش الأمريكي، ومن ضمنهم لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب الأمريكي في فبراير 2020.
ويقول فريدي كروز، الباحث والمحلل في مركز "أس بي أل سي": ثمة محاربون عسكريون قدامى يعانون من أجل الحصول على مكان لهم في المجتمع بعد تقاعدهم من الخدمة".
ويضيف: تحاول الجماعات المتطرفة المعادية للحكومة استثمار شعورهم هذا بعدم الاستقرار وبيعهم صورة أخرى لبنية تلاحم واستقرار ورفقة وصداقة قوية، وهي سمات اعتادوا عليها في البيئة العسكرية.
وليس غريبا أن ترى في أوراق الدعوة للانخراط في ميليشيا، ملاحظة تشير إلى تفضيل من لديهم خبرة في الجيش أو الشرطة.
ويقول هامتون ستول الباحث والخبير في شؤون الميليشيا في "أيه سي أل إي دي": "ثمة صعوبة كبيرة في الحصول على عدد صحيح لقدامى المحاربين في صفوف الميليشيات. مع الأخذ بنطر الاعتبار أن عضوية الميليشيا عادة ما تكون مائعة جدا (غير صارمة)".
ويضيف: "عادة ما يعطى مجند جديد ذو خبرة عسكرية مكانة أعلى من عضو أقدم منه في الميليشيا ليست لديه مثل هذه الخبرة".
وكان ستيورات رودس، مؤسس جماعة حراس القسم جنديا سابقا في الجيش. ويقول محللون إن الجماعة قد حققت بعض النجاح في تجنيد قدامى المحاربين العسكريين.
وتقول رابطة مكافحة التشهير إن عدد عناصر الشرطة والجيش المستمرين في الخدمة الذين أقروا بانتمائهم إلى حراس القسم كان قليلا جدا.
وتضيف أن "حراس القسم حققت نجاحا أكبر في تجنيد العسكريين السابقين، بوصفهم تجمعا أوسع للقوة البشرية يمكنهم الاستفادة منه".
وحذرت وزارة الأمن الوطني الأمريكية في آخر تقييم سنوي لها من أن عنف نزعة تفوق البيض كان "التهديد الأكثر فتكا واستمرارا في البلاد".
وخلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2020، جاء معظم المؤامرات والهجمات الإرهابية من اليمين المتطرف، أكثر بكثير من اليسار المتطرف أو الجماعات "الجهادية" المسلحة، بحسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن.
فيديو قد يعجبك: