إجراءات عزل ترامب: ماذا حدث للرؤساء الأمريكيين الذين تعرضوا للمساءلة؟
واشنطن- (بي بي سي):
أصبح الرئيس دونالد ترامب أول رئيس في التاريخ يخضع للمساءلة مرتين من قبل مجلس النواب الأمريكي، ولا يزال واحدا إلى جانب ثلاثة فقط تمت مساءلتهم على الإطلاق.
وفيما يلي ما حدث للثلاثة الآخرين.
أندرو جونسون
كان أندرو جونسون أول رئيس أمريكي يواجه مساءلة
ماذا فعل؟
خيمت الحرب الأهلية على علاقة الرئيس أندرو جونسون، وهو ديمقراطي، مع الكونجرس الذي سيطر عليه الجمهوريون حينئذ، حيث هيمن التشاحن المستمر بين الجانبين حول كيفية إعادة بناء جنوب الولايات المتحدة المهزوم.
ودفع "الجمهوريون المتشددون" في تلك الفترة باتجاه تشريع لمعاقبة قادة الكونفدرالية السابقين وحماية حقوق العبيد المحررين، وقد استخدم جونسون حق النقض الرئاسي لعرقلة جهود الجمهوريين في كل منعطف.
وفي مارس من عام 1867 أقر الكونجرس قانون صلاحيات الرئيس، المصمم للحد من قدرة الرئيس على إقالة أعضاء حكومته دون موافقة مجلس الشيوخ، وفي تحد لذلك القانون أقال جونسون عضو مجلس الوزراء ومنافسه السياسي إدوين ستانتون، بينما كان الكونجرس في العطلة البرلمانية.
وإذا كانت إجراءات المساءلة اليوم تبدو وكأنها مفعمة بالكثير من العروض المسرحية السياسية، فهي تتماشى مع تقاليد المساءلة حيث رد ستانتون على إقالته من خلال حبس نفسه في مكتبه ورفض المغادرة.
وقد ثبت أن عزل ستانتون من منصبه كان القشة الأخيرة في العلاقة مع الرئيس حيث سارع الجمهوريون في مجلس النواب إلى صياغة 11 مادة من إجراءات المساءلة.
وبعد التصويت الحزبي على تلك المواد تم عرضها على مجلس الشيوخ حيث تمت تبرئته ولكن بالكاد، حيث افتقدت الإدانة لصوت واحد فقط لتحقيق أغلبية الثلثين اللازمة لذلك.
ماذا كانت العواقب؟
وبحسب بعض الروايات، فقد بكى جونسون لدى سماع نبأ تبرئته متعهدا بتكريس نفسه لتنظيف سمعته. ولكنه لم ينجح.
فقد أكمل ما تبقى من فترته الرئاسية، لكن شهدت الأشهر الأخيرة من ولايته نفس صراعات السلطة التي شوهت فترته قبل مساءلته.
وفي عام 1869، خسر الديمقراطيون البيت الأبيض أمام المرشح الجمهوري الجنرال يوليسيس غرانت، الذي سمح باستمرار خطة حزبه الراديكالية لإعادة الإعمار.
ما هو إرثه؟
قام بشراء ألاسكا من روسيا عام 1867 مقابل 7.2 مليون دولار. وكان جونسون أيضا أحد أفقر الرؤساء، وهو لم يذهب إلى المدرسة قط.
ريتشارد نيكسون
ماذا فعل؟
ترتبط إجراءات مساءلة ريتشارد نيكسون بحادث اختراق مقر الحزب الديمقراطي عام 1972 في مجمع مكاتب ووترغيت في العاصمة الأمريكية واشنطن.
وعندما كشفت التحقيقات أن اللصوص قد حصلوا على أموال من حملة إعادة انتخاب نيكسون انتشرت فضيحة ووترغيت لتصل إلى ما هو أبعد من الاقتحام بغرض السرقة حيث كشفت عن تورط كبار مسؤولي البيت الأبيض فيها.
وقد حاول نيكسون، وعلى مدى عامين تقريبا، التستر على دوره في المؤامرة دون جدوى، وقد أدى الأمر في نهاية المطاف إلى إنهاء مسيرته السياسية.
فقد تبين أن جهود الرئيس الجمهوري في التستر على ما حدث أنها عقيمة، ففي أغسطس من عام 1974 عندما أعدت اللجنة القضائية بمجلس النواب بنودا بشأن إجراءات المساءلة، أُجبر نيكسون على إصدار تسجيلات المكتب البيضاوي التي يُسمع فيها الرئيس يأمر موظفيه بأن يطلبوا من وكالة المخابرات المركزية إبلاغ مكتب التحقيقات الفيدرالي بوقف التحقيق في اقتحام ووترغيت.
وقد كان ذلك الشريط سيئ السمعة بمثابة "دخان البندقية" أو المؤشر على الانهيار النهائي لمحاولة نيكسون للتستر.
ففي 27 يوليو من عام 1974، صوتت اللجنة القضائية في مجلس النواب على تمرير 3 مواد من إجراءات المساءلة، وهي مواد تتعلق بإعاقة العدالة وإساءة استخدام السلطة وازدراء الكونجرس، وأرسلتها إلى مجلس النواب للتصويت عليها.
لكن لم يجر التصويت، ففي 8 أغسطس من عام 1974 استقال نيكسون، وهو يظل الرئيس الأمريكي الوحيد في التاريخ الذي فعل ذلك.
وقال نيكسون في خطاب استقالته: "لم أكن قط متخاذلا، ويعد ترك المنصب قبل انتهاء فترة ولايتي أمرا بغيضاً بالنسبة لي، لكن كرئيس يجب أن أضع مصلحة أمريكا أولا".
ماذا كانت العواقب؟
أدى نائب الرئيس جيرالد فورد اليمين الدستورية كرئيس بعد 6 أسابيع، وأصدر عفوا عن نيكسون عن أي جرائم ارتكبها أثناء وجوده في منصبه.
وبعد أقل من عامين، خسر فورد البيت الأبيض أمام الديمقراطي جيمي كارتر.
ما هو إرثه؟
لا جدال بأنها فضيحة ووترغيت رغم أنه لم يعترف قط بارتكاب أي مخالفات جنائية، إلا أن أفعاله تظل حكاية تحذر من إساءة استخدام السلطة الرئاسية.
وقد توفي نيكسون في أبريل من عام 1994 بعد 20 عاما من استقالته المشينة.
وقد ركز الرئيس بيل كلينتون، في حديثه في جنازة نيكسون، على عمل نيكسون في الشؤون الخارجية.
وقال كلينتون: "دعونا نقول.. أتمنى أن يكون الحكم اليوم على الرئيس نيكسون شاملا لحياته كلها ومهنته، وليس أقل من ذلك".
بيل كلينتون
ماذا فعل؟
بعد سنوات قليلة فقط من دعوة الرئيس بيل كلينتون للتسامح إزاء إخفاقات نيكسون، كان هذا الرئيس الديمقراطي من أركنساس يواجه أزمته السياسية الخاصة.
ففي غضون عام واحد من توليه منصبه، وجد كلينتون نفسه قيد التحقيق من قبل مدع خاص يتبع وزارة العدل.
وتحت إشراف المستشار الخاص كينيث ستار، توسع نطاق التحقيق في صفقات عقارية في يناير من عام 1998 ليشمل علاقة الرئيس مع المتدربة السابقة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي.
وكجزء من دعوى قضائية منفصلة ضد الرئيس، وهي قضية التحرش الجنسي بباولا جونز، سُئل كلينتون عن علاقته مع لوينسكي، وقد نفى كلينتون، تحت القسم، في 17 يناير من ذلك العام وجود علاقة مع المتدربة السابقة في البيت الأبيض.
وبعد أيام من ذلك النفي تحت القسم، أنكر الرئيس الأمريكي الأمر مجددا.
وقال الرئيس كلينتون لوسائل الإعلام في البيت الأبيض: "أريدكم أن تستمعوا إلي، لم أمارس الجنس مع تلك المرأة، مونيكا لوينسكي، ولم أطلب من شخص واحد أن يكذب، ولا مرة واحدة أبدا".
وفي 9 سبتمبر من عام 1998، قدم ستار تقريره إلى الكونجرس، وسرعان ما تمكن الجمهور أيضا من الاطلاع على تقرير ستار المؤلف من 445 صفحة والذي تضمن شهادة بذيئة من لوينسكي، التي أبرمت صفقة حصانة مع المستشار الخاص ستار مقابل تعاونها.
كما تضمن التقرير 11 سببا محتملا للمساءلة. وفي ديسمبر من عام 1998، صوت مجلس النواب على مساءلة كلينتون في قضيتين هما الحنث باليمين وعرقلة عمل الكونجرس.
وفي فبراير من عام 1999، تمت تبرئة كلينتون من قبل مجلس الشيوخ الذي كان يسيطر عليه الجمهوريون.
ماذا كانت العواقب؟
في العام الذي استحوذت فيه فضيحة لوينسكي - كلينتون على البلاد قاوم الرئيس الدعوات المتزايدة التي طالبته بالاستقالة.
وخلال هذه الفترة وتحديدا في نهاية يناير من عام 1998، أشارت استطلاعات الرأي إلى أن شعبية كلينتون وصلت لأحد أعلى معدلاتها على الإطلاق حيث وجدت شبكة سي إن إن ومؤسسة غالوب أن 67% من الأمريكيين راضون عن الرئيس.
وفي النهاية، كان السياسيون الذين فقدوا وظائفهم أثناء أزمة المساءلة من الجمهوريين فقط.
وقد انتهت خطة الجمهوريين لركوب تلك الفضيحة لتحقيق النصر في انتخابات التجديد النصفي لعام 1998 بنتائج عكسية حيث حقق الديمقراطيون مكاسب في كل من مجلسي النواب والشيوخ.
وترك كلينتون منصبه في يناير من عام 2001 بنسبة تأييد تبلغ 65%، وهي أعلى نسبة من أي من أسلافه منذ نصف القرن.
لكن حزبه خسر البيت الأبيض عندما تغلب جورج دبليو بوش على آل غور بعد إعادة فرز الأصوات في ولاية فلوريدا.
ما هو إرثه؟
يعتمد على من توجه له هذا السؤال، ولكن فضيحة مونيكا لوينسكي ستكون موجودة لدى إجابات معظم الناس كأول شيء يفكرون فيه.
وتأتي المساءلة في مرتبة تالية للفضيحة، فهي أقل شأنا منها. وتشير تقييمات شعبيته العالية طوال عملية المساءلة إلى أنه لم يتضرر منها مثل الرئيسين السابقين أندرو جونسون وريتشارد نيكسون.
فيديو قد يعجبك: