إعلان

بعد تسجيل مليون وفاة: كيف مزّق فيروس كورونا العالم؟

01:44 م الثلاثاء 29 سبتمبر 2020

وفيات كوفيد-19

كتبت- رنا أسامة وهدى الشيمي:

الطبيب الصيني الذي حاول دق ناقوس الخطر، أب لستة أبناء هاجر من باكستان إلى الولايات المتحدة لمنح عائلته فرصة لعيش حياة أفضل، صبي في الخامسة عشر من عمر غادر منزله في الأمازون من أجل الدراسة جميعهم لقوا حتفهم إثر إصابتهم بمرض كوفيد-19 الذي يسببه فيروس كورونا المُستجد.

على مدار ثمانية أشهر، شُخص أكثر من 33 مليون شخص حول العالم بالإصابة بفيروس كورونا الذي أصاب مواطنين في كافة الدول تقريبًا، وحصد أرواح أشخاص في كل القارات باستثناء انتركاتيكا، وتجاوزت حصيلة وفياته عتبة المليون.

تفوق حصيلة وفيات كورونا عدد القتلى إثر زلزال المُحيط الهندي في عام 2004 بأربعة مرات، وتتجاوز عدد وفيات الأنفلونزا في الولايات المتحدة بفصل الشتاء الماضي 16 مرة، كما أنها تزيد عن عدد قتلى هجمات 11 سبتمبر بحوالي 335 مرة، حسبما ذكرت شبكة سي إن إن الإخبارية.

إلا أن مأساة فيروس كورونا لا تتوقف فقط عند حصيلة الوفيات المُرعبة، ولكنه في الحقيقة القاتمة المتمثلة في أنه كشف لنا حقيقتنا وكيف نتعامل مع الأشخاص الأكثر هشاشة حولنا.

قالت الشبكة الأمريكية إن الوباء كشف عن اخفاقات البشرية، وفاقم التفاوتات العميقة بين الطبقات الاجتماعية، وأظهر مدى الصعوبة في الحصول على الرعاية الصحية في بعض الأحيان، وأشعل حربًا طويلة الأمد حول الحقائق التي تمنع العلماء من نقل المعلومات التي من شأنها إنقاذ حياة البشر.

رغم أن الوباء أثر على حياة مُعظم الأشخاص تقريبًا في جميع أنحاء العالم، قالت "سي إن إن" إنه مع الأسف لم يساعدنا على التقرّب من بعضنا البعض، ولكنه زاد من انقسامنا.

آسيا:

عدد الوفيات: 191.016

"عندما يدفع الفقراء الثمن"

1

فينود كومار، توفي في 24 أبريل، عمر عمر يناهز 57 عامًا

يجمع فينود كومار القمامة يوميًا وينظف الشوارع في العاصمة الهندية نيودلهي من أجل توفير لقمة عيش لعائلته، إلا أن الأمر كلفه حياته في نهاية المطاف.

في مارس الماضي، عندما فرضت الهند إغلاقًا شاملاً على مستوى البلاد، باتت شوارع نيودلهي المزدحمة عادة خالية من المواطنين، حيث مكث الناس في منازلهم لحماية أنفسهم من كورونا، فيما عجز كومار عن فعل ذلك، لأنه كان مُضطرًا إلى النزول إلى الشوارع للحفاظ على مصدر الدخل الوحيد لأسرته.

سُجلت إصابات بفيروس كورونا في المناطق التي جمع منها كومار القمامة، إلا أن سلطات دلهي، حسبما ذكرت سي إن إن، التي عمل لصالحها الرجل الهندي لم توفر له هو وغيره مُعدات للحماية من الفيروس، ولم تجري اختبارات للكشف عن الفيروس.

حاول ابنه سوميت فينود، 27 عامًا، نقل أبيه إلى مستشفى خاص بعد ظهور الأعراض، حيث كان يأمل أن يكون خطر الإصابة ونقل العدوى هناك أقل، ولكن الإدارة أخبرته أن الأمر سيكلفه 34 الف روبية هندية، حوالي (475) دولار، وهو ما يعادل راتب الأب الشهري.

لم يكن أمامهم سوى المستشفى الجامعي، حيث بلغت تكلفة العلاج 3100 روبية هندية، اضطر فينود إلى اقتراض المال من أصدقائه وعائلته لسداد المستحقات المالية.

كان الوضع داخل المستشفى سيئًا للغاية، قال فينود إنه لم يكن هناك نقالة لحمل كومار، بينما كان والده عاجزًا عن الحركة لأنه لا يستطيع التنفس ويجد صعوبة في الوقوف، واستغرق الأمر حوالي ثماني ساعات حتى يعثر على سرير فارغ.

توفي كومار في يوم في 24 أبريل، بعد ستة أيام من ادخاله المستشفى.

لم تحصل العائلة على تعويض من محل عمل الأب الراحل، فيما قال جاي براكاس، مسؤول في بلدية نيودلهي، إن العمال تم تزويدهم بالقفازات والأقنعة منذ أبريل الماضي، وجرى اختبار من ظهرت عليهم الأعراض، لافتًا إلى أن عائلات ضحايا كوفيد-19 حصلوا على تعويض وصل 10 ملايين روبية هندية (ما يعادل 136 ألف دولار) في غضون ستة أسابيع.

لا يعلم فينود ما إذا كان من الممكن إنقاذ حياة أبيه في حالة توفير علاج أفضل، ولكنه يؤكد أن ما مرت به العائلة كان صعبًا للغاية، وقال:"بالتأكيد إذا كان لدينا المال، لما وصلنا إلى هذه الحالة".

مثل الكثير من الدول، يوجد في الهند فجوة هائلة في توزيع الثروات، لفتت سي إن إن إلى أن العمال الهنود أصحاب الدخل المنخفض كانوا أكثر من عانى خلال الجائحة في البلد التي سجلت ثاني أكبر حصيلة إصابات في العالم تجاوزت 6 مليون حالة.

اتسعت هذه الفجوة بشكل صادم بعد فرض الإغلاق في مارس الماضي، بعدما أصبح الملايين من العمال المهاجرين محاصرين في المدن بدون وظائف أو وسيلة تمكنهم من الوصول إلى منازلهم.

ذكرت "سي إن إن" أن أبناء الطبقة المتوسطة والفقيرة في الهند عانوا بشدة، خاصة هؤلاء الذين عاشوا في الأحياء الفقيرة والمكتظة حيث كان التباعد الاجتماعي امرًا مُستحيلاً، وكان من الصعب الحصول على خدمات طبية ورعاية صحية.

توقع بحث نشره المعهد العالمي لبحوث اقتصاديات التنمية أن يدفع فيروس كورونا نصف مليار شخص إلى الفقر، وتقول الشبكة الأمريكية إن الوباء لم يبرز فقط الفجوة الكبيرة في الثروة بين المواطنين، ولكنه زادها سوءً.

أوقيانوسيا

عدد الوفيات: 922

"لقد تم تحذيرنا"

2

كارلا ليك، توفيت في 29 مارس، عن عمر يناهز 75 عامًا

صعدت كارلا ليك وزوجها جرايم، 73 عامًا، على متن الباخرة الفاخرة روبي برينسيس في سيدني في الثامن من مارس، وهو نفس اليوم الذي قالت فيه السلطات الصحية الأسترالية إن خطر الإصابة بفيروس كورونا في البلاد مُنخفض.

بعد لقائهما بثلاثة عقود قرر الزوجان التقاعد وقاما بعشرات الرحلات البحرية إلى نيوزيلندا، وكانت هذه الرحلة بمناسبة عيد ميلاد كارلا الخامس والسبعين.

خلال الرحلة تفشى الفيروس على متن الباخرة وهو الأمر الذي علمه الزوجان أثناء العودة إلى وطنهما، وأظهرت الاختبارات أنهما مُصابين بالفيروس، وأدخلا المستشفى، وتوفيت كارلا بعد عشرة أيام فقط.

قال جرايم، لسي إن إن:" نامت كارلا في الساعة الثالثة عصرًا، ولم أكن أعلم أنها المرة الأخيرة التي أراها فيها أو اتحدث إليها، ولم أحصل على فرصة أخيرة لأخبرها عن مقدار حبي لها".

كانت هذه المجتمعات الصغيرة المُغلقة في البحر بمثابة نماذج مُصغرة لأزمة كورونا التي تكشفت مع مرور الوقت في جميع أنحاء العالم، أظهرت روبي برينسيس وسفن أخرى مدى سرعة انتشار الفيروس، حسب سي إن إن.

علاوة على ذلك، قدمت البواخر والسفن الفاخرة دروسًا مبكرة للحكومات بشأن كيفية التعامل مع الوباء، ومن بينها سرعة التصرف، التحلي بالشفافية مع المواطنين، وإتاحة الاختبارات على نطاق واسع، ولكن لسوء الحظ لم تستجب جميع الحكومات لتلك التحذيرات، ولم تتعلم الدروس.

أوروبا

عدد الوفيات: 221.307

"اعتداء على كبار السن"

3

مايكل جيبسون، توفي في 3 أبريل، عن عمر يناهز 88 عامًا

عمل جيسبون وعاش معظم حياته في انجلترا، قالت ابنته كاثري جاردنر إن والدها، 88 عامًا، الذي عانى من مرض الزهايمر احد نزلاء دار رعاية في أكسفوردشاير، وظهرت عليه بعض الأعراض مثل السعال والحمى في منتصف مارس، في ذلك الوقت أصاب الفيروس آلاف الأشخاص في المملكة المتحدة، ولكن المسؤولين عن دار الرعاية لم يخضعوا جيبسون للاختبار واكتفوا بمنحه مضادات حيوية وبعض الأدوية.

عندما سألت جاردنر إدارة دار الرعاية عما إذا كان أحد نزلائه قد أصيب بكوفيد-19، أخبروها بأن امرأة لقيت حتفها إثر الإصابة بالفيروس، علاوة على بعض الأشخاص الآخرين من بينهم رجل كان يُقيم في الغرفة المجاورة لوالدها.

كتب الأطباء في شهادة وفاة جيبسون أن كوفيد-19 سبب مُحتمل لوفاته.

رفعت جاردنر دعوى قضائية ضد الحكومة، تتهمها بالتمييز والفشل في حماية كبار السن، بينما تنفي الحكومة البريطانية فشلها في حماية نزلاء دور الرعاية.

وحتى 13 مارس، قالت الحكومة البريطانية إنه من المستبعد أن يُصاب كبار السن في مراكز الرعاية بالعدوى. في الوقت نفسه أرسلت المستشفيات مرضى كوفيد-19 إلى دور الرعاية والتي لم تكن مجهزة لاستقبالهم وعزلهم عن باقي الأشخاص، برغم من المشاكل الصحية التي يعانون منها.

بحلول منتصف مارس، وصلت العدوى في دور الرعاية ذروتها، مع لم تضع الحكومة قواعد جديدة للتعامل مع المرضى من كبار السن حتى منتصف أبريل، وقتها قررت ألا يغادروا المستشفيات دون الخضوع لاختبار.

فات الأوان بالنسبة لكثيرين، وفقًا لبيانات الحكومة فإن نزلاء مراكز الرعاية شكلوا حوالي 53 % من بين أكثر من 36 ألف حالة وفاة جراء كوفيد-19 في إنجلترا وويلز في 12 يونيو.

بعض الأشخاص من بينهم دونالد ترامب قالوا إن فيروس كورونا مرضًا يُصيب كبار السن فقط بمشاكل صحية، ما أثار جدلاً كبيرًا عما إذا كان هؤلاء الأشخاص لا يمانعون وفاة كبار السن والتخلص منهم.

وبعد وفاة 200 ألف شخص بالفيروس في الولايات المتحدة، زعم ترامب أن الشباب محصنون ضد كوفيد-19.

في المقابل، ترى جاردنر وأشخاص آخرون أن حياة كبار السن تستحق الحماية، وقالت إن الخطوات التي اتخذتها السلطات كان بها تمييزا واضحًا ضد كبار السن والفئات الضعيفة من السكان، مُضيفة: "لقد فشلت الحكومة في أداء واجب أساسي يتمثل في حماية حق المواطن في العيش".

أمريكا الشمالية

الوفيات: 214.422

"حينما تصبح المعلومات المضللة قاتلة"

4

ريتشارد روز، توفي في 4 يوليو، عن عمر يناهز 37 عامًا

خدم ريتشارد روز لمدة 9 أعوام في الجيش الأمريكي، نفّذ خلالها مهام في العراق وأفغانستان، لكن فيروس كورونا كان معركة لم يستطع الفوز بها. ثبتت إصابة الأمريكي البالغ من العمر 37 عامًا بكوفيد-19 في 1 يوليو. وكتب في منشور عبر فيسبوك: "أنا رسميًا في الحجر الصحي لمدة 14 يومًا".

بعد 3 أيام، عثِر عليه ميتًا في منزله ببورت كلينتون في ولاية أوهايو الأمريكية.

ورُغم عدم تشريح جثة روز، إلا أن الطبيب الشرعي في مقاطعة أوتاوا، الدكتور دانييل كاديجان، خلُص إلى أنه توفي متأثرًا بإصابته بـكوفيد 19، بناءً على نتيجة اختباره الإيجابية وصحته الجيدة السابقة.

يتذكره أصدقاؤه وأفراد عائلة كرجل طيب، وودود، وعطوف، ومُحب لألعاب الفيديو.

لكن يتذكره بعض رواد التواصل الاجتماعي لسبب مختلف. في 29 أبريل، أعلن روز في منشور عبر فيسبوك أنه لن يشتري قناعًا للوجه (كمامة). وبعد وفاته، راج هذا المنشور على نطاق واسع عبر الإنترنت.

ولم يتضح ما إذا كان روز غيّر قراره إبّان معركته ضد كوفيد 19.

قبل وفاته بفترة وجيزة، كتب روز: "أتنفس بسرعة وبصعوبة". وبعد أسابيع، كان روز لا زال يتعرّض لهجوم إلكتروني بسبب تجاهله إرشادات الوقاية الصحية وعدم ارتدائه كمامة.

بحسب المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (سي دي سي)، تعمل أقنعة الوجه على حماية مُرتديها والآخرين من الفيروس التاجي على حدٍ سواء، ويحتاج كل شخص إلى ارتدائها في الأماكن العامة.

قال نيك كونلي، صديق روز، لسي إن إن: "ينبغي أن نُظهر تعاطفنا مع أي شخص سواء اتفقنا أو اختلفنا مع معتقداته، لا سيّما وأنه قد رحل عن عالمنا".

في مايو، اجتاح مقطع فيديو يروّج لمؤامرة تزعم أن الوباء "مجرد خدعة"، مواقع التواصل الاجتماعي وحظي بملايين المشاهدات قبل أن تحذفه منصتا يوتيوب وفيسبوك. في غضون ذلك، أبلغت الولايات المتحدة عن أكثر من مليون إصابة بـ"كوفيد 19. وأظهر حجم المشاهدات لفيديو المؤامرة مدى انتشار المعلومات المُضللة في البلاد.

ولطالما أدلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصريحات لا تمُت إلى الواقع بصلة محاولًا تقويض الوسائل الإعلامية. فيما حلّ الوباء على العالم ليُزيد هذا الأمر سوءا.

ففي وقت تعد فيه الدقة العلمية أمرًا بالغ الأهمية، كان ترامب دائمًا ما يُقلل- أو يرفض تمامًا- فكرة أن الفيروس يُهدد العالم، رغم أنه على دراية بأنه فتّاك للغاية، حسب سي إن إن. لقد روج الرئيس الأمريكي لعقاقير غير مُثبتة، كما حاول الترويج لشرب المطهرات لمكافحة الفيروس، متسائلاً عما إذا كانت هناك "طريقة يمكننا بها القيام بشيء من هذا القبيل، عن طريق الحقن (بالمطهرات)".

وحتى شهر يوليو- حيث أُصيب أكثر من 3 ملايين شخص بالفيروس في الولايات المتحدة وحدها- حتى قرر ترامب أخيرًا ارتداء الكمامات في الأماكن العامة. وحتى الآن، يسخر الرئيس الأمريكي من منافسه في انتخابات الرئاسة، المرشح الديمقراطي جو بايدن، لارتدائه قناع وجه.

ومن ثمّ، أظهر وباء "كوفيد 19" الكُلفة الحقيقية للحرب على الحقائق. أثّرت الأخبار الكاذبة على الانتخابات وأثبتت أن الناس يجهلون بما يحدث في العالم. الأمر الذي يعني أن تصديق المعلومات المُضللة عن كورونا قد يؤدي إلى خسائر في الأرواح.

أمريكا اللاتينية وجزر الكاريبي

الوفيات: 338.935

مجتمعات السكان الأصليين تواجه "إبادة جماعية"

5

إيزاريري لوكوكوي كاراجا، توفي في 15 أغسطس، عن عمر يناهز 60 عامًا

لم يستغرق الأمر سِوى 4 اختبارات للكشف عن فيروس كورونا وتشخيص بالتهاب رئوي كاذب، قبل إدخال إيزاريري لوكوكوي كاراجا إلى المستشفى في البرازيل. وفي 13 أغسطس، جاءت نتيجة اختباره إيجابية.

في اليوم التالي (أي في 14 أغسطس)، توفيت شقيقته الكبرى جراء إصابتها بالفيروس.

مع تدهور حالته وتفاقمها بسبب مشاكل صحية أخرى، ناشدت ابنته، تويناكي كاراجا، والدها بالصمود في المعركة ضد كوفيد 19. وقالت: "قلت له: أرجوك يا أبي، حارب من أجل حياتك". بعد فترة وجيزة من عودة تويناكي إلى المنزل، رنّ الهاتف، لتتلقّى نبأ وفاة والدها.

يعيش أكثر من نصف سكان البرازيل الأصليين البالغ عددهم 800 ألف نسمة في مناطق نائية، بما في ذلك المحميات. ويبعد كثيرون منهم عن المستشفيات، مُفتقرين إلى الصرف الصحي الأساسي، وهم أكثر عرضة للأمراض بسبب عزلتهم عن العالم الخارجي. وحتى أولئك الذين يعيشون في المناطق الحضرية يكافحون للحصول على الرعاية الصحية العامة وغالبًا ما يتم التعامل معهم كمواطنين من الدرجة الثانية.

كل هذا ساهم في إصابة البرازيليين الأصليين بفيروس كورونا، بما يقرب من ضعف معدل السكان في البلاد.

يعيش العديد من سكان كاراجا البالغ عددهم 3800 نسمة، ومنهم إيزاريري، في محمية سانتا تيريزا دو مورو الأصلية، بولاية توكانتينز، وفقًا للمعهد الاجتماعي البيئي المستقل غير الربحي في البرازيل. كان والد إيزاريري قائد المحمية، وعندما توفي، خلّفه نجله.

خلال عمله بالمحمية، عُرِف إيزاريري بغنائه، وإنتاجه أغطية رأس تقليدية من الريش، وبصفته شخصًا يًمكنه إسداء نصائح لأي شخص. في عام 2005، أصبح أول شخص أصلي يحصل على شهادة في المحاسبة في البرازيل.

قالت ابنته توينكي: "لقد فعل والدي الكثير من أجل مجتمعات السكان الأصليين. كان يقول: أنا أفعل هذا لأنني أحب ذلك، أريد أن أرى شعبي جيدًا".

عندما وصل المستعمرون الأوروبيون إلى أمريكا الجنوبية قبل 500 عام، كان هناك ما يقدر بنحو 11 مليون من السكان الأصليين. في غضون قرن من الزمان، انخفض عدد السكان بنسبة 90 بالمائة، لأسباب ترجع في الأغلب إلى ظهور الأمراض.

أثار فيروس كورونا مخاوف من احتمال حدوث شيء مماثل مُجددًا.

وحتى قبل الوباء، في أمريكا اللاتينية، كان متوسط العمر المتوقع للسكان الأصليين أقل بـ 20 عامًا من عامة السكان، وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

مع انتشار الفاشية في البرازيل- التي لديها ثالث أكبر عدد من الحالات المبلغ عنها - حذر النشطاء من أن الحكومة لم تفعل ما يكفي لمساعدة أشخاص مثل إيزاريري . لقد حصلوا على عمليات التعدين وقطع الأشجار غير القانونية في أراضي السكان الأصليين - والتي زادت منذ أن أدى الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو اليمين الدستورية العام الماضي - يمكن أن يجلب الفيروس إلى المجتمعات المعرضة للخطر.

مع انتشار الجائحة في البرازيل - التي لديها ثالث أكبر عدد من الحالات المبلغ عنها- حذر النشطاء من أن الحكومة لم تفعل ما يكفي لمساعدة أشخاص مثل إيزاريري. وقالوا إن عمليات التعدين وقطع الأشجار غير القانونية على أراضي السكان الأصليين -والتي زادت منذ أن أدى رئيس البرازيل المؤيد للتنمية جايير بولسونارو اليمين في العام الماضي- يمكن أن تجلب الفيروس إلى المجتمعات الضعيفة.

يخشى السكان الأصليون من كورونا لدرجة أن البعض رفع دعوى قضائية لإجبار الحكومة الفيدرالية على اتخاذ تدابير السلامة. وفي حين حقّقت المحكمة العليا في البرازيل انتصارًا جزئيًا في أغسطس، قال أحد القضاة إنه ليس من قبيل المبالغة وصف الوضع بأنه "إبادة جماعية". وعزلت مجتمعات السكان الأصليين في بعض البلدان، بما في ذلك البرازيل، أنفسهم بشكل وقائي.

ووفق السي إن إن، فإن المأساة التي يعيشها السكان الأصليون في جميع أنحاء العالم تتمثل في كونهم فقدوا بالفعل الكثير من الأشياء أمام المحتلين. وقُضي على بعض القبائل، فيما تُرِك البعض الآخر في مهبّ رياح الوباء.

قال دينامان توكسا، أحد السكان الأصليين في البرازيل: "هؤلاء كبار السن هم حفظة المعرفة واللغات والتقاليد والاحتفالات والطقوس. لكننا نخسر أكثر بكثير من مجرد أرواح، إننا نفقد ثقافتنا، وأمتنا".

أفريقيا

الوفيات: 35.512

"التكلفة الأوسع لفيروس كورونا"

6

ياسين حسين مويو، توفي في 30 مارس، عن عمر يناهز 13 عامًا

توفي ياسين حسين مويو بعد إطلاق النار عليه بينما كان في شرفة منزل عائلته بالعاصمة الكينية نيروبي، حيث كان يشاهد قوات الشرطة في الشارع أدناه تفرض إغلاقًا بسبب فيروس كورونا. كان عمره 13 عامًا وكان هذا اليوم الثالث لحظر تجول فُرض على مستوى البلاد لمواجهة الوباء.

في ذلك الوقت، سجّلت كينيا 50 إصابة فقط بالفيروس.

كان والد ياسين، حسين مويو مولت، في منزل صديق قريب يشاهد الأخبار ويتذكر سماع طلقات نارية قبل لحظات من اتصال ابنته لتُخبره: "قُتِل ياسين". أطلقت الشرطة النار لفرض حظر التجوال، وأُصيب المُراهق القتيل برصاصة طائشة اخترقت معدته.

قال والده مويو: "أُصيب طفلي برصاصة في شرفة المنزل، ولم يكن حتى في الشارع". أنا أؤيد حظر التجوال لكن الطريقة التي تعامل بها الشرطي مع الأمر كانت خاطئة للغاية".

قبل وفاته، طلبت والدة ياسين، هديجة عبدالله حسين، من أطفالها عدم الخوف من ضباط الشرطة. لكنها قالت إنها فقدت ثقتها في الأمن منذ ذلك الحين.

وقالت: "هل يمكنني أن أقول لهم بصدق أن الشرطي شخص جيد بعد أن قتل شقيقهم؟ لا يمكنني أن أعود لأقول لهم أن يثقوا بالشرطة".

بيد أن المشكلة تجاوزت مقتل ياسين ذات الـ13 عامًا.

بعد شهر واحد من الإغلاق الوطني في كينيا، توفي 14 شخصًا بسبب فيروس كورونا. وبحلول ذلك الوقت، قُتِل 16 شخصًا على أيدي ضباط الشرطة أثناء قيامهم بتطبيق قواعد حظر التجول، وفقًا لمنظمة العفو الدولية. وقالت هيئة الرقابة الشرطية المستقلة في البلاد في سبتمبر إنها تحقق في مقتل 20 شخصًا يُزعم أنهم قتلوا على أيدي الشرطة أثناء حظر التجوال المستمر في البلاد.

وأظهرت مقاطع فيديو بثتها وسائل الإعلام المحلية، الشرطة وهي تطلق الغاز المسيل للدموع وتضرب الناس وتجبرهم على الانبطاح في مجموعات ضيقة على الأرض بمدينة مومباسا الساحلية. فيما دخلت كينيا الآن شهرها السادس من حظر التجول على الصعيد الوطني - وليس هناك ما يشير إلى رفعه قريبًا.

وبينما سجّلت كينيا وفيات بسبب وحشية الشرطة، يبدو أن الوباء فاقم المشكلة. الأمر الذي يعكس أزمة تتجاوز حدود كينيا: عدد وفيات كورونا البالغ مليون حالة عالميًا لا يعكس التكلفة الحقيقية للفيروس. إذ يمتد ضحاياه إلى ما هو أبعد من أولئك الذين تأكدت وفاتهم من "كوفيد 19".

ورجّحت السي إن إن أن يزداد هذا العدد الخفي.

بحلول نهاية العام، يُقدّر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن ما يصل إلى 12 ألف شخص قد يموتون يوميًا من الجوع المرتبط بالآثار الاجتماعية والاقتصادية للوباء، وقد يموت أكثر منذ ذلك كل يوم بسبب المرض.

الأسوأ من ذلك، وفق السي إن إن، أنه لن يتم تضمين هؤلاء الأشخاص في إحصاءات الوفيات المرتبطة بفيروس كورونا، لكنهم جزء من التكلفة المأساوية للوباء.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان