إعلان

الانتخابات الأمريكية 2020: لماذا تثير احتمالات فوز بايدن مخاوف روسيا؟

12:21 م الأحد 27 سبتمبر 2020

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمرشح الديمقراطي جو

كتبت- رنا أسامة:

في موسكو، يعمل المحللون السياسيون في الكرملين ومجلس الأمن القومي الروسي التابع له، على قدمٍ وساق، من أجل إعداد سيناريوهات للمناورات التي يمكن القيام بها، في حال فاز المرشح الديمقراطي جو بايدن بانتخابات الرئاسة الأمريكية المُقبلة.

وتشعر روسيا بقلق متزايد من احتمالات خروج الرئيس الحالي دونالد ترامب من البيت الأبيض، وتحاول تحديد تداعيات هذا الاحتمال على قضايا شائكة تتنوع ما بين السلاح النووي والعلاقات مع الصين، مرورا بتصدير الطاقة والعقوبات، وانتهاء بالصراعات العالمية ذات التأثيرات بعيدة المدى، حسبما نقلت وكالة "بلومبرج" الأمريكية عن أشخاص وصفتهم بالمُطلعين على الجهود الروسية في هذا الصدد.

1

وفي حين لا يتوقع كثيرون أن تتحسّن العلاقات كثيرًا بين واشنطن وموسكو إذا أُعيد انتخاب ترامب، قالت مصادر مقربة من الرئاسة الروسية (الكرملين) إن فوز بايدن لن يكون بمثابة خبر سار بالنسبة لموسكو.

ونقلت بلومبرج عن مصدر وثيق الصلة بالكرملين- اشترط عدم الكشف عن هويته- قوله إن فوز الديمقراطيين ربما يعطي الكرملين سببًا آخر لتغيير برنامجه الانتخابي، والمضي قُدُمًا في إجراء انتخابات برلمانية مبكرة خلال الربيع المقبل، للانتهاء من هذا الاستحقاق، قبل أن تجد الإدارة الأمريكية الجديدة الوقت الكافي لفرض عقوبات إضافية على روسيا.

وفي ظل هذه المخاطر والمخاوف الجمّة، يقول مسؤولون أمريكيون إن روسيا تتدخل بالفعل في الحملة الانتخابية الأمريكية، وإن كان الوضع قد اختلف عن عام 2016، عندما جاء فوز ترامب بمثابة مفاجأة، حتى بالنسبة لمن كانوا يساندونه في موسكو.

بحسب مسؤول كبير في الاستخبارات البريطانية، فإن الاستقطاب استشرى بشدة في الحياة السياسية الأمريكية لدرجة أنه لم تعد هناك حاجة كبيرة كي تتدخل روسيا وتبتكر قضايا جديدة مثيرة للجدل. بيد أن مدير مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي كريستوفر راي، صرح الاسبوع الماضي بأن موسكو تقود حملة "نشطة للغاية" لكي تحط من قدر بايدن وتزرع الفرقة في المشهد السياسي الأمريكي.

وفي هذا الصدد، قال جليب بافلوفسكي، المستشار السابق بالكرملين، إن القيادة الروسية لم تُخرِج ترامب من حساباتها حتى الآن، مضيفا: "لم يتضح بعد نوعية المساعدة التي يمكن أن تقدمها (روسيا) لترامب، ولكنها سوف تمد له يد العون طالما أن ذلك لن يسبب فضيحة كبيرة". وتابع: "إنهم لا يريدون التسبب في نتائج عكسية".

2

بدوره، فإن ترامب يُسهّل مهمة روسيا من خلال نوعية حرب المعلومات التي يخوضها، بما في ذلك تكرار المزاعم بأن التصويت عبر البريد سوف يؤدي إلى عمليات تزوير واسعة النطاق، وهي تأكيدات يحرص الإعلام الرسمي الروسي على تسليط الضوء عليها وتضخيمها.

وينفي المسؤولون الروس التلاعب في الانتخابات الأمريكية، سواء الحالية أو تلك التي جرت عام 2016. واقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرا أن تتبادل الولايات المتحدة وروسيا تقديم الضمانات بعدم تدخل أي من البلدين في الانتخابات التي تجرى في الدولة الأخرى، حسبما جاء في بيان على الموقع الإلكتروني للكرملين، داعيًا إلى إجراء محادثات بشأن أمن المعلومات واستئناف التعاون في مجال الأمن الإلكتروني، ليطرح بذلك من جديد الاقتراح الذي سبق وأن قدمه بعد الانتخابات الأمريكية عام 2016.

ومنذ تلك الانتخابات، انقضى الافتتان الروسي بالرئيس ترامب، ويقول مسؤولون روس إن "الخوف المرضى من روسيا" داخل أروقة الإدارة الأمريكية لن يتغير بصرف النظر عن الرئيس الذي يجلس داخل البيت الأبيض، وإن كان هناك اختلاف شاسع بين المرشحين الجمهوري والديمقراطي. ففي حين أن ترامب صرح الأسبوع الماضي أن الصين والتصويت البريدي يمثلان خطورة أكبر من روسيا، ذكر بايدن أنه سوف يجعل روسيا تدفع ثمن التلاعب في الانتخابات الأمريكية، ووصف موسكو بأنها "غريم".

وتعود خصومة الكرملين مع بايدن إلى زمن بعيد مضى، على الأقل عندما زار موسكو عام 2011، وكان آنذاك نائبًا للرئيس الأمريكي، وأعرب لزعماء المعارضة الروسية عن اعتقاده أن فلاديمير بوتين لا يجب أن يترشح للرئاسة مرة أخرى، وهذه النوعية من الإهانات لا تنسى بسهولة، على حد قول شخص مقرب من الكرملين. وتحرك بوتين في ذلك العام لتمديد حكمه حتى عام 2036.

3

وتتلهف الزعامة الروسية على اغتنام الفرصة كي تقلب الطاولة على واشنطن بعد انقضاء عقود مما كان الكرملين يعتبره جهودًا أمريكية فجة، في بعض الأحيان، للتلاعب في الحياة السياسية الروسية، على حد قول شخص مقرب من السلطات الروسية.

ولكن فيسبوك وغيره من شركات التواصل الاجتماعي اتخذت موقفا نشطا للتصدي لحملات المعلومات المزيفة، وأوقفت حسابات على صلة بالكرملين. والأسبوع الماضي، أعلن فيسبوك أنه تصدي للمزيد من الجهود الروسية لنشر المعلومات الخاطئة.

وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية في الوقت ذاته عقوبات على مسؤول سياسي أوكراني، وصفته بأنه عميل روسي، بسبب جهوده لتلويث سمعة بايدن بتهم تتعلق بالفساد على صلة بالمعاملات التجارية لنجل بايدن في أوكرانيا.

وبحسب فيونا هيل، التي شغلت منصب مدير مجلس الأمن القومي الأمريكي للشؤون الأوروبية والروسية حتى عام 2019، فإن هناك انقسامات داخل الكرملين بشأن مدى الحكمة من مواصلة "الألعاب القذرة" في الحملة الانتخابية، والتي قد تقود إلى نتائج غير واضحة، وربما تعود في الوقت الحالي بمكاسب محدودة.

وقالت هيل إن ثبوت ضلوع روسيا في محاولة تخريب الديمقراطية الأمريكية يكلف موسكو خسائر باهظة، موضحة: "لقد خسروا الطبقة السياسية الأمريكية برُمتها، وقاموا بتسييس الروابط بين الجانبين، لدرجة أن مستقبل العلاقات الأمريكية الروسية الآن أصبح يتوقف على الفائز في انتخابات نوفمبر المقبل".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان