استراتيجية رئيس بيلاروس لإعادة انتخابه: سجن المنافسين وإلقاء اللوم على روسيا
موسكو- (د ب أ):
يبدو رئيس بيلاروس (روسيا البيضاء) ألكسندر لوكاشينكو عازما على التمسك بالسلطة في الانتخابات المقررة يوم الأحد المقبل على حساب الإضرار بعلاقته الوثيقة مع روسيا المجاورة، بعد سجن اثنين من أكبر منافسيه و توجيه الاتهامات لروسيا.
وقد قاد لوكاشينكو، 65 عامًا، الجمهورية السوفيتية السابقة في أوروبا الشرقية، والواقعة بين روسيا وبولندا الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي، لمدة ربع قرن ، دون السماح بمعارضة حقيقة. وكانت روسيا أقرب حليف لبيلاروس المعزولة منذ نهاية الحقبة السوفيتية.
وقد أدان الغرب، وخاصة الاتحاد الأوروبي سجن المدون والناشط البارز سيرجي تيخانوفسكي والقطب المصرفي السابق فيكتور باباريكو في الفترة التي سبقت الانتخابات، للاشتباه في أن هذه الخطوة تمت بدوافع سياسية.
وقال المحلل السياسي أرتيوم شريبمان في تعليق لمركز أبحاث "كارنيجي موسكو" إن "الانتخابات تهدد بإفساد علاقة مينسك مع كل من موسكو والغرب، في وقت تعني فيه الحالة الاقتصادية السيئة للبلاد أنها في حاجة ماسة إلى دعم خارجي".
واتهمت السطات تيخانوفسكي بمحاولة إثارة أعمال شغب، بينما اتهمت باباريكو، الذي تربطه علاقات عمل وثيقة بروسيا، بالاحتيال والاختلاس. وأشارت السلطات البيلاروسية إلى تورط روسيا في كلتا الحالتين.
وقال شريبمان "اتهم لوكاشينكو سادة الدمى الروسية بالتدخل (في شؤون بلاده)، وفي المقابل انتقده الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لاعتقال أولئك الدمى ".
وفر مرشح محتمل قوي ثالث وهو فاليري تسيبكالو، إلى روسيا بعدما تلقى معلومات تفيد بأنه سيتم اعتقاله في القريب العاجل أيضا.
وأصبح المرشح الرئاسي الوحيد الذي يعتبر ممثلا للمعارضة السياسية غير النظامية هي سفيتلانا تيخانوفسكايا، زوجة تيخانوفسكي، والتي سمحت السلطات على نحو مفاجئ بإدراجها كمرشحة على بطاقات الاقتراع.
وأعلنت تيخانوفسكايا أنها إذا فازت في الانتخابات، فإنها ستفرج عن باباريكو وزوجها من السجن وستسمح بإجراء انتخابات رئاسية جديدة يشارك فيها المرشحان.
وقد تصاعد الخلاف الناشئ بين لوكاشينكو وروسيا في وقت سابق من العام الجاري عندما اتهم القيادة الروسية باستخدام الضغط الاقتصادي في محاولة للسيطرة على بيلاروس من خلال اتفاقية حرية الحركة بين الحليفين المقربين والمبرمة منذ عقود.
وتفاقمت التوترات الأسبوع الماضي بعدما أعلنت السلطات البيلاروسية اعتقال مجموعة وصفتهم بأنهم مرتزقة روس كانوا في مهمة لتنفيذ هجوم إرهابي في بيلاروس لزعزعة استقرار البلاد قبل الانتخابات.
وقالت وسائل الإعلام الحكومية في بيلاروس إنه تم اعتقال المجموعة المؤلفة من نحو 30 رجلا في فندق خارج مينسك وأن المجموعة "ربما تكون على صلة" بالسياسي المعارض المسجون تيخانوفسكي دون ذكر أي تفاصيل.
وأثارت هذه القضية غضب موسكو، ودعا المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الإفراج الفوري عن المجموعة. ووصفت روسيا المجموعة بأنها أعضاء في شركة أمنية خاصة كانت في طريقها إلى اسطنبول.
وتقول بيلاروس إنهم أعضاء في مجموعة "فاجنر" وهي منظمة سرية شبه عسكرية، ويعتقد أن العديد من المشتبه بهم قاتلوا في الصراع في شرق أوكرانيا، وفقا لبيان صادر عن وزارة الخارجية البيلاروسية.
وقال ريهور أستابينيا، الخبير السياسي البيلاروسي في مركز أبحاث تشاتهام هاوس للشؤون الدولية، إن المواطنين يشعرون بالشك في هذه المزاعم.
وصرح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) بأنه "لا يعتقد الكثير من الناس في بيلاروس أن هؤلاء الأشخاص جاءوا إلى بيلاروس لزعزعة استقرارها... الكثير من الناس في بيلاروس مسجونون بتهم ملفقة".
وتكهن أستابينيا أن الوضع العام يمكن أن يكون في الواقع مفيدا لروسيا. فمع ظهور النظام الانتخابي البيلاروسي فاقدا للشرعية وانتشار الاضطرابات بين الشعب، فقد يضطر لوكاشينكو إلى الاعتماد بشكل أكبر على روسيا.
وقال "إن لوكاشينكو يفعل كل ما يريده الكرملين."
كما أعرب خبير آخر في الشؤون الروسية، مارك جاليوتي، مدير شركة"ماياك انتلجنس" للاستشارات ، عن شكه في صحة المزاعم ضد مجموعة المعتقلين الروس.
واعتبر جاليوتي أن لوكاشينكو يجعل روسيا كبش فداء لأنه سيكون من الأسهل بالنسبة له استعادة علاقاتهما الثنائية القوية السابقة مقارنة بإصلاح العلاقات المتوترة مع دولة غربية.
وقال جاليوتي إن لوكاشينكو "يستطيع تحسين الأمور مع بوتين بعد الانتخابات".
فيديو قد يعجبك: