إعلان

دراسة: "ضريبة الثروة".. تواجه كورونا وتعالج خلل توزيع الدخل في جنوب أفريقيا

01:08 م الخميس 07 مايو 2020

أرشيفية

جوهانسبرج - أ ش أ
دعا باحثون بارزون صناع القرار في دولة جنوب أفريقيا إلى تبني علاج سحري وفعال يتمثل في فرض ضريبة ثروة لمواجهة التداعيات التي خلفتها سياسة الإغلاق للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، إضافة إلى علاج الاختلالات الحادة التي تعانيها توزيع الثروات والتفاوت في الدخول داخل أراضي جنوب أفريقيا.
وقال الباحثون الثلاثة المتخصصون في بحوث اختلالات توزيع الثروات، أروب شاتيري، وأموري جيثين، ولوي كزايكي، إنهم أعدوا دراسة عن دولة جنوب أفريقيا والتي كشفت النقاب عن أن نصف السكان البالغين في البلاد تقترب مدخراتهم من الصفر، بينما يهيمن 3500 شخصية ثرية على 15 في المائة من ثروات البلاد.
وقدروا أن فرض ضريبة الثروات على أثرى 350 ألف شخص في جنوب أفريقيا سيجلب إيرادات لا تقل عن 143 مليار راند (بما يعادل 9ر7 مليار دولار أميركي)، وهو ما يعادل 29 في المائة من حزمة الإنقاذ المعلنة البالغة 500 مليار راند (75ر27 مليار دولار) .
وبين الباحثون أن أي استجابة لمواجهة تداعيات الأزمة الراهنة يتعين أن تأخذ في الاعتبار تلك النتائج التي توصلت إليها الدراسة من أجل تخفيف الأعباء عن الفئات الأكثر تضرراً وصياغة سياسة نقدية مستدامة وفعالة، مشيرين إلى أن الضريبة المقترحة على الفئات القادرة تتماشى مع التوصيات الأخيرة التي أعلنها صندوق النقد الدولي لإعداد سياسة نقدية عادلة ومستدامة لتحسين وضع الاقتصاد في فترة ما بعد وباء كورونا.
ولدى رصدهم لاختلال توزيع الثروة في جنوب أفريقيا، قال الباحثون الثلاثة إن هناك العديد من الدراسات تناولت بعمق التفاوت في الدخول في جنوب أفريقيا، لكن القليل منه قام بدراسة وتوثيق طبيعة الثروات، مشيرين إلى أن دراستهم الجديدة استندت إلى جمع إحصاءات الحسابات القومية ، ودراسات إنفاق العائلات، وبيانات الضرائب المفروضة وذلك لتقييم مدى مصداقية مصادر البيانات المتاحة أمامهم، على أنهم حاولوا تقديم صورة شاملة لتوزيع الثروة لأول مرة في جنوب أفريقيا.
وخلصت الدراسة إلى ثلاث محصلات رئيسية تستحق الإلتفات: أولاها؛ في عام 2017، أن نسبة الـ10% الأكثر ثراءً بين مواطني جنوب أفريقيا يستحوذون على 86% من الثروة في البلاد، بمتوسط 8ر2 مليون راند لكل بالغ منهم. وفي المقابل، فإن هناك نحو 18 مليون شخص (فئة الـ50% الأكثر فقراً) إما أنهم يرزحون تحت وطأة الديون وإما أن مدخراتهم تقترب من الصفر. أما طبقة الـ3500 الأكثر ثراءً في جنوب أفريقيا (بمتوسط ثروة 486 مليون راند لكل منهم) فهم يهيمنون على 15 في المائة من الثروة في البلاد، وهو ما يزيد على ما يمتلكه أكثر من 32 في المائة من فقراء جنوب أفريقيا مجتمعين.
أما الثانية؛ أن التفاوت في الدخل امتد إلى كافة أشكال الأصول، فنسبة الـ10% الأكثر ثراءً تمتلك 8ر99% من السندات والأسهم- التي تشكل 35 في المائة من الثروة. كما تمتلك الطبقة العليا الأكثر ثراءً 60% من الثروة العقارية، و64% من أصول المعاشات. المعروف أن الأصول العقارية تشكل 29 في المائة من الثروة، وأصول المعاشات تمثل 33 في المائة من الثروة.
وفي المحصلة الأخيرة تقول الدراسة إن تركز الثروة ظل سمة متجذرة وبارزة بقوة منذ عام 1993، وربما زادت حدتها بين الجماعات الأكثر ثراءً، كما أن مستويات اختلال توزيع الثروات في جنوب أفريقيا كان أكثر ارتفاعاً مما هو مقدر في روسيا أو الصين أو الهند أو الولايات المتحدة الأميركية أو فرنسا.
واقترحت الدراسة فرض ضرائب تصاعدية على الثروة بحيث تطبق على مواطني جنوب أفريقيا ممن تزيد ثرواتهم عن 6ر4 مليون راند، وهم الـ354 ألفاً الأكثر ثراءً في المجتمع (ويشكلون 1 في المائة من تعداد البالغين في جنوب أفريقيا).
تتمثل الشريحة الأولى لمعدل الضريبة على الثروة (من 6ر3 مليون راند إلى 27 مليوناً) بنسبة 3%، والشريحة الثانية (من 27 مليون راند إلى 119 مليوناً) بنسبة 5 في المائة، والشريحة الثالثة (أزيد من 119 مليون راند) 7 في المائة. وسيعفى الأشخاص ممن تقل ثرواتهم عن 6ر3 مليون راند من ضريبة الثروات.
ويقول المقترح إن من يملك مليار راند سيحمل بضريبة متوسطها 7ر6 في المائة استنادا إلى نسق الضريبة التصاعدية بما يعني أن ثروته بعد خصم الشرائح الثلاث ستصل إلى 933 مليون راند. ومن الممكن تصميم ضرائب أخرى تستهدف تعزيز الإيرادات وعلاج الاختلالات في توزيع الدخول في جنوب أفريقيا.
وقلل الباحثون من اهمية الانتقادات المثارة بشأن ضريبة الثروات وعدم واقعيتها وصعوبة حصرها وفرضها وتنفيذها في العديد من البلدان، مؤكدين أن دولة جنوب أفريقيا مؤهلة لفرض تلك الضريبة بفعالية وكفاءة، وأرجعوا ذلك تضاؤل عدد الخاضعين لشرائح ضريبة الثروات المقترحة مما يقلل من المتطلبات والأعباء الإدارية، فضلاً عن وجود وسطاء ماليين ووكالات متخصصة معنية بتقديم معلومات عن الدخل الاستثماري والملكية في البلاد، بما يسهل تقدير ملكية الأصول ومنها الأسهم والسندات.
كما يتخوف البعض من فكرة هروب رؤوس الأموال إلى الخارج، وهو ما رأت الدراسة أنه أحد المخاطر المحتملة لفرض مثل تلك النوعية من الضرائب، بيد أنهم استدركوا الأمر قائلين إن هناك تدابير للحيلولة دون هروب رؤوس الأموال والاسثتثمارات، إلى جانب أن أصحاب رؤوس الأموال لن يضحوا بالفرص الاستثمارية المغرية التي تزيد ثرواتهم في داخل الأوطان في حال انتعاش الاقتصاد وازدهاره.
ويقول الباحثون في دراستهم إنه على عكس ما يشاع بين الرأي العام بأن ضريبة الثروات ربما تضر بجهود خلق فرص عمل في المجتمع، مؤكدين أن الحفاظ على صلابة الوضع المالي بوجه عام في البلاد واستدامة سياساتاتها النقدية وتقليص الهشاشة ستمثل عوامل مهمة للتعافي من أزمة فيروس كورونا وتداعياتها، وستسهم كذلك في جذب الاستثمارات، ويساعد في إيجاد أفضل استراتيجية تحصيل إيرادات لتحسين الرفاه الاجتماعي وتحقيق النمو في المجتمع الجنوب أفريقي.

هذا المحتوى من

Asha

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان