إعلان

مجلة أمريكية: لماذا ستفشل خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط؟

11:51 ص الخميس 07 مايو 2020

لماذا ستفشل خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط؟

القاهرة- (د ب أ):

ليس أمرا خارقا التنبؤ بأنه ليس من المحتمل أن يذكر التاريخ " صفقة القرن" التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنها خطة السلام التي أنهت صراعا طال مداه. فقد كان هناك من قبل الكثير من مقترحات السلام الفاشلة لتسوية الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني.

ويقول الدكتور سكوت أبرامسون مؤرخ الشرق الأوسط الحديث في تقرير نشرته مجلة "ذا ناشونال إنتريست" الأمريكية أمس الأربعاء إنه مع ذلك فإنه في التحليل الأخير ، لن تكون لحكمة أو حماقة صانعي السلام المحتملين المكلفين من الرئاسة الأمريكية تأثير يذكر طالما أن الطريق للسلام مازال مغلقا بعقبة لا يستطيع أن يزيحها سوى تنازل مؤلم للغاية ومن ثم غير محتمل تماما من جانب أحد طرفي الصراع: وهو تنازل إسرائيل عن هويتها كدولة يهودية أو تنازل الفلسطينيين عن حق العودة.

ورغم أنه قد يبدو أن الأمرين غير مرتبطين بصورة مباشرة، فهما وجهان لعملة واحدة، وهما شطران لمنطق متعادل يتطلب التخلي إما عن غرض وجودي لإسرائيل(وهو توفير حكم ذاتي ومأوى آمن للشعب اليهودي) أو عن أعلى طموح للفلسطينيين (وهو العودة للأراضي التي فروا منها أو طردوا منها عام 1948 واستردادها).

ويضيف أبرامسون أن الأمر لا يقتصر على أن هذين الموقفين لا يمكن التوفيق بينهما، من وجهة نظر الإسرائيليين والفلسطينيين الذين يتمسكون بهما، بل أنهما غير قابلين للتفاوض. فقد كتب العالم السياسي الإسرائيلي يواف بليد وأستاذ العلاقات الدولية الفلسطيني نديم روحانا يقولان :"بالنسبة للفلسطينيين ، حق العودة هو حق غير قابل للتصرف يحدد هويتهم الوطنية ونضالهم من أجل التحرير. وبالنسبة لليهود الإسرائيليين، يعتبر حق العودة تهديدا لوجود الطابع اليهودي لمجتمعهم، إن لم يكن تهديدا لوجودهم نفسه".

وعلى هذا الأساس يمكن القول إن هذا الصراع غير قابل للحل حتى يتزحزح أحد الطرفين عن أهم موقف له.

ويؤكد أبرامسون أن المفاوضات التي جرت طوال العشرين عاما الماضية بين الإسرائيليين والفلسطينيين كانت تركز على أربع قضايا خاصة بالوضع النهائي والتي كان يتصور أنه إذا تم حسمها ستؤدى إلى تسوية الصراع تماما وهي: حدود دولة فلسطينية/ومصير المستوطنات في الضفة الغربية، والأمن الإسرائيلي، واللاجئين الفلسطينيين، ووضع مدينة القدس.

ويرى أبرامسون أن جوهر الصراع يتركز فقط على قضية اللاجئين الفلسطينيين ( والقضية المصاحبة لها وهى هوية إسرائيل كدولة يهودية)، ويرجع أساس هذه القضية لحرب عام 1948 التي أسفرت عن وجود إسرائيل نفسها ومشكلة اللاجئين الفلسطينيين.

ويقول أبرامسون إنه فيما يتعلق بحل الدولتين فقد كان لكل طرف تفسيره له؛ إذ يرى الإسرائيليون أن الحل سيحترم طابع إسرائيل كدولة يهودية بحسم مشكلة اللاجئين خارج حدود إسرائيل، من خلال توطين اللاجئين الفلسطينيين وعائلاتهم في دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة، وليس بإعادتهم إلى إسرائيل نفسها. ويرى الفلسطينيون أن حل الدولتين سيقيم دولة فلسطينية فقط في جزء من فلسطين (أي في الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967) ولكن سيسمح بعودة اللاجئين الفلسطينيين وعائلاتهم إلى باقي فلسطين ( أى في إسرائيل نفسها).ويرى الفلسطينيون أن القانون الدولي لا يتطلب شيئا أقل من ذلك.

وفي مفاوضات السلام توضح اللغة المحددة التي كان يصر عليها الطرفان أو يتجنبانها هذا التضارب في تفسير حل الدولتين. ومنذ تولي رئيس الوزراء الإسرائيلي منصبه في عام 2009 وهو يؤكد على مطلب سلفه في المنصب وهو اعتراف الفلسطينيين بــ" إسرائيل كدولة يهودية".

ومن جانبهم يعترض القادة الفلسطينيون على ذلك وكان ردهم كما قال نبيل شعث كبير المفاوضين السابق هو أن "السلطة الفلسطينية لن تعترف مطلقا بإسرائيل كدولة يهودية لأن مثل هذا الإعلان سوف يلغي حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة لوطنهم".

وعلى نفس المنوال، فإنه رغم أن السلطة الفلسطينية تقبل حل الدولتين، فإنها ترفض صيغة " دولتين لشعبين"، وهو رفض قوبل باستهجان من جانب المسؤولين الإسرائيليين.

ويقول أبرامسون إن "صفقة القرن" تبنت الموقف الإسرائيلي حيث تنص على أنه لن يكون هناك حق عودة لأي أي لاجئ فلسطيني أو استيعابه في دولة إسرائيل، وإنه يتعين على القادة الفلسطينيين تبني السلام بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية. ولم تكن مفاجأة أن تؤكد الحكومة الإسرائيلية قبولها للخطة، وأن يرفضها الفلسطينيون تماما. وقد اعتبرها كثير من الفلسطينيين بمثابة " وعد بلفور ثان".

ويختتم أبرامسون تقريره بالقول إن توقع أنه لن تكون إدارة ترامب وسيط سلام في الشرق الأوسط أمر واضح ، وأن " صفقة القرن" أثبتت في حقيقة الأمر أنها ولدت ميتة، وأن واشنطن عاجزة عن إنهاء معركة الإرادات المأساوية الدامية هذه ما لم يتنازل الإسرائيليون أو الفلسطينيون عن ما هو بالغ الأهمية بالنسبة لهما: الصهيونية أو حق العودة. وحتى يحين ذلك الوقت سيظل الطرفان محصورين بين مطرقة الصراع وسندان الحل الوسط.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان