تظاهرات لفتح البلاد.. ميركل تواجه أزمة رغم السيطرة على كورونا
كتب - محمد عطايا:
تواجه الحكومة الفيدرالية الألمانية اختبارًا صعبا، فرغم محاولتها السيطرة على معدلات تفشي كورونا في البلاد، ما جعلها مستمرة في إجراءات الإغلاق رغم تخفيف بعض القيود، فهناك انتقادات سياسية وتظاهرات متوالية تطالب بإنهاء الإغلاق والعودة للحياة الطبيعية.
يبدو أن الأزمة تفاقمت بتجمع آلاف المتظاهرين أمس، في شتوتجارت ومئات في برلين ضد إجراءات العزل بسبب كورونا وطالبوا بالالتزام بحرية التجمع وحرية العقيدة.
كانت ألمانيا قد شرعت منذ 20 أبريل تخفف القيود على الحياة العامة وسمحت باستنئاف العديد من الأنشطة الاقتصادية.
وسمحت السلطات الألمانية للشركات الصغيرة بمعاودة فتح أبوابها في وقت سابق من هذا الشهر، واعتمدت الولايات الـ16 في البلاد قواعد مختلفة لارتداء أقنعة الوجه في الأماكن العامة، مع فرض استخدام أقنعة قماش إلزامية الآن في وسائل النقل العام وفي معظم المناطق وداخل المتاجر.
في المقابل، تم السماح بالمظاهرة بعدما رفضت المحكمة الدستورية الاتحادية قرارا أصدرته سلطات شتوتجارت في البداية يحظر المظاهرة.
وجرت في مدن أخرى منها برلين مظاهرات مشابهة ويخشى المنتقدون لتلك المظاهرت أن يتم استغلالها من قبل أصحاب نظريات المؤامرة واليمين الشعبوي.
وقالت متحدثة باسم الشرطة إن 300 شخص تجمعوا في وقت واحد في ميدان روزا لوكمسبورج، حسبما نقل موقع قناة "ان تي في" الألمانية.
هل أخطأت ميركل؟
منذ بداية أزمة تفشي كورونا في ألمانيا، واتخذت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، خطوات جادة وصارمة، مكنت بلادها من تجنب سيناريوهات إيطاليا وإسبانيا وبريطانيا، وتمكنت في حوالي شهرين فقط من السيطرة بشكل كبير على الفيروس.
وتشهد شعبية ميركل تحسنا ملحوظا بعد أن كان كثيرون يرون قبل أشهر أنها وصلت إلى نهاية مسيرتها السياسية بسبب سياساتها المتعلقة بالهجرة، إلا أنه تم الثناء على أدائها فيما وصفته بعض التقارير الإعلامية "الأزمة الأخيرة" قبل رحيل ميركل عن الحكم.
وأظهر استطلاع للراي ارتفاع شعبية الائتلاف الحاكم في ألمانيا ورضى الغالبية من الألمان عن طريقة إدارة الائتلاف بقيادة ميركل لأزمة جائحة كورونا، وذلك بحسب ما ذكرته دوتشيه فيله.
هذا واختارت ميركل اتباع نهج تدريجي في تخفيف إجراءات الإغلاق، وأعلنت المستشارة الألمانية عن مزيد من التسهيلات لإجراءات الإغلاق بسبب فيروس كورونا المستجد، وتحذر من تخفيف القيود السريع وما قد يسببع من ارتفاع معدل الإصابات من جديد.
وأظهر الاستطلاع الذي نشر أوائل الشهر الماضي، أنه في الموشور السياسي فإنّ أغلب الألمان يعتبرون الإجراءات المتخذة مناسبة، وقد قال 72% ممن استطلعت آراؤهم أنهم راضون عن تعامل الحكومة مع الأزمة.
فيما أعرب 3 من كل عشرة جرى سؤالهم عن نقدهم للحكومة.
وقالت وكالة "بولمبرج" الأمريكية، إن ميركل، عكست آلية إدارتها للأزمة مدى الصراحة والوضوح والتعامل الأمين مع البيانات، لافتة إلى أنها اتبعت نهجًا واضحًا سارت عليه منذ البداية، وتفوق به على دول كبرى مثل الولايات المتحدة.
فيما أكد خبراء الصحة العامة أن ألمانيا حافظت على واحدة من أدنى معدلات الوفيات الناجمة عن الفيروس التاجي في العالم، ويتزايد عدد الحالات المؤكدة بما يزيد قليلاً عن النصف كما هو الحال في الولايات المتحدة ومن بين أسباب نجاح الدولة هي اختبارات الفحص.
وبرغم الإشادة الكبيرة بالسياسة الألمانية في معالجة أزمة فيروس كورونا المستجد، وتسجيل البلاد لأدنى نسبة وفيات من مجموع الإصابات قياسًا لعدد من جيرانها، إلّا أن بعض الاعتراضات على سياسة المستشارة ميركل المتعلّقة بالوباء بدأت تظهر، حتى داخل صفوف حزبها، بسبب استمرار فرض العديد من القيود على الحياة العامة.
وحذر فولفغانج شويبله رئيس البرلمان الألماني (بوندستاج)، وهو شخصية سياسية معروفة من حزب ميركل، من تمديد القيود على الحقوق الأساسية للمواطنين.
وقال لصحيفة "تاجس شبيجل" البرلينية، ونقلت عنها "دوتشه فيله"، منذ أيام "عندما أسمع بأن حماية الأرواح أولوية فوق أي اعتبار آخر أرى أن هذا الموقف المطلق غير مبرر".
كما يعارض أرمين لاشيت المرشح لخلافة ميركل ورئيس حكومة ولاية شمال الراين فيستفاليا، بشدة نهج المستشارة منذ أيام، إذ طالب أكثر من مرة بالتسريع في رفع العزل.
وصرح لاشيت لقناة "ARD": "بالطبع نتحدث هنا عن حياة أو موت لكن علينا أيضا أن نأخذ في الاعتبار أضرار العزل على الأولاد الذين يلازمون منازلهم منذ ستة أسابيع"، منتقدًا كذلك التوقعات الشديدة التشاؤم لعلماء الأوبئة التي تصغي ميركل لتوصياتهم.
ودخلت بعض أحزاب المعارضة على الخط، إذ صرّح سيباستيان منزنماير، المسؤول في حزب "البديل من أجل ألمانيا"، وهو حزب يميني شعبوي: "كان من الممكن تفادي العزل المعمم والآن نجهل كيفية الخروج منه"، مضيفاً: "يجب إعادة فتح كافة المتاجر لا بد من استعادة السكان حريتهم!".
هل نجت ألمانيا؟
مطالب الشعب الألماني بتخفيف القيود المفروضة، وإجراءات الحظر، توحي بأن الأزمة انتهت من ألمانيا، إلا أنه بعد تخفيف إجراءات الإغلاق بشكل جزئي، عادت مرة أخرى معدلات الإصابة بالفيروس إلى الارتفاع.
وكشف تقييم حديث لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) اليوم الأحد، أن ألمانيا سجلت حتى الآن أكثر من 163200 حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" و6715 حالة وفاة على الأقل إثر الإصابة بالفيروس.
ووفقًا لموقع "إندبندنت عربية"، أكد رئيس معهد روبرت كوخ، لوطار فيلير، أن عدد الأشخاص المصابين بالفيروس التاجي في ألمانيا من كل حامل للفيروس، ارتفع من نحو 0.7 إلى 0.96، منذ أن بدأت البلاد رفع القيود في 20 أبريل.
وقال إن ذلك الرقم يشير إلى أن الوباء لا يزال تحت السيطرة، إلا أنه يضيّق المجال أمام الحكومة الألمانية في سعيها إلى إزالة مزيد من القيود، بحيث يجب أن يظل الرقم المعروف أيضًا برقم التكاثر، عند عتبة 1.0 أو أقل، من أجل احتواء الفيروس.
وناشد رئيس المعهد الألماني، الشعب على مواصلة التزام قواعد التباعد الاجتماعي، بما في ذلك وضع الأقنعة أثناء استخدام وسائل النقل العام أو خلال التسوق.
وقال في مؤتمر صحافي عقده يوم الثلاثاء الماضي "نريد الاستمرار في حماية هذا النجاح، وفي استطاعتنا القيام بذلك إذا اتّبعنا قواعد معينة. نحن لا نريد أن يتم إغراق النظام الصحي في البلاد، ولا نريد أن يموت عددٌ كبيرٌ من الأشخاص بداء كوفيد – 19".
فيديو قد يعجبك: