"متى سنموت".. عائلات داعش تنتظر كورونا في مخيمات سوريا
كتبت – إيمان محمود:
في مخيمات الاعتقال الواقعة بشمال شرق سوريا، تثير كل حالة وفاة موجة جديدة من الذُعر من انتشار فيروس كورونا المُستجد "كوفيد-19"، حتى أصبح ساكني المُخيمات يتساءلون في كل يوم: متى سنموت؟
مخيمات الاعتقال تضم العديد من أسر مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي سواء الذين قُتلوا أو تم أسرهم خلال المعارك، لكن هؤلاء الأسر من نساء وأطفال يعيشون حالة من الإحباط واليأس في ظل ظروف إنسانية صعبة وتفشي فيروس كورونا، بحسب ما نقلته "فويس أوف أمريكا" عن منظمات إنسانية تحدثت إليها سيدات المخيمات.
ويتركز الخطر في مناطق مختلفة من المخيم كملحق الأجانب، حيث يقيم أشخاص من جنسيات مختلفة (غير السورية والعراقية)، مع صعوبة إجراء مفاوضات بين مجموعات الإغاثة وسلطات المخيم.
إحدى النساء في مخيم "الروج" قالت في رسالة أرسلتها إلى منظمة "FAVE" الكندية: "من الصعب التنفس، لدينا سعال شديد"، فيما قالت امرأة أخرى في مخيم الهول المجاور إنه لم يكن هناك ما يكفي من الماء لغسل أيديهم بانتظام، غير أن الاختلاط بين سكان المخيم مستمر، مضيفة: "نحن لا نفهم ما يحدث، لذلك الناس خائفون".
تحذير مجموعة الأزمات
وفي بيان لها، حذّرت "مجموعة الأزمات الدولي" من انتشار فيروس كورونا في مخيمي "الهول" و"الروج" للاجئين والواقعان في مناطق سيطرة "الإدارة الذاتية الكردية" بريف الحسكة السوري.
وحذّرت المجموعة في تقريرها الصادر، الثلاثاء: "إذا أصاب الفيروس أماكن مثل الهول، فإننا نخاطر بأن نكون في وضع سنراقب فيه الناس يموتون".
وقال مدير عمليات الطوارئ في منظمة "أطباء بلا حدود"، ويل تورنر، إن أمراض الالتهاب الرئوي والتهابات الصدر والسل تضع سكان المخيم في خطر مرتفع من كورونا.
وأضاف أن الملحق لم يتلق أي خدمات طبية مباشرة منذ أشهر، كما أن محاولة تمرير المشورة الصحية المتعلقة بالفيروس إلى الملحق تمثل تحديًا، إذ لا تسمح إدارة المخيم رسميًا للنساء المحتجزات بالحصول على هواتف محمولة، ولن يُسمح بتوزيع المنشورات.
وأشار التقرير إلى تعطل عمليات عودة الأجانب القاطنين في المخيم إلى بلادهم، بعد انتشار الفيروس عالميًا.
سجون داعش
تشير "فويس أوف أمريكا" إلى أن هناك مخاوف من انتشار الفيروس التاجي بين مقاتلي داعش الأسرى المحتجزين في سلسلة من السجون المؤقتة التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة.
ويرى بعض مسؤولي قوات سوريا الديمقراطية "قسد" أن أعمال شغب في سجن الحسكة في 30 مارس المنصرم، والتي تضم حوالي 5000 سجينًا، ربما تكون اندلعت بسبب الحديث عن الوباء.
إن المخاوف بشأن أكثر من 10 آلاف سجين من داعش، وحوالي 70 ألف من النساء والأطفال في مخيمات الهول والروج ليست جديدة، إذ حذّرت المنظمات الإنسانية لبعض الوقت من أن هؤلاء السكان معرضون لمخاطر عالية.
وقالت إيناس حمام من مكتب منظمة الصحة العالمية بالقاهرة لـ"فويس أوف أمريكا" في فبراير الماضي "أي مناطق بها مجموعات كبيرة من الناس، مثل المخيمات والمدن التي تستضيف تجمعات جماهيرية، هي مصدر قلق أكبر".
ففي ذلك الوقت، كانت منظمة الصحة العالمية بدأت بالفعل العمل مع الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية بشأن خطط التأهب والاستجابة.
جهود كافية
بعض المسؤولين الغربيين تساءلوا عما إذا كانت مثل هذه الجهود ستكون كافية، بحجة أن الاتصالات والتبادل غير المشروع بين سكان المخيم مع المهربين ومقاتلي داعش وحتى الاتصال المحتمل مع أعضاء الميليشيات المدعومة من إيران يمكن أن يؤدي إلى تفاقم انتشار الفيروس.
أعلن التحالف المناهض لتنظيم اداعش الذي تقوده الولايات المتحدة يوم الجمعة الماضي أنه قدّم إمدادات طبية بقيمة 1.2 مليون دولار للإدارة المستقلة في شمال شرق سوريا، بما في ذلك قفازات اللاتكس والأقنعة والأطقم الجراحية وأجهزة تنظيم ضربات القلب وأجهزة قياس التأكسج.
لكن المسؤولين عن الإشراف على مخيمات الاعتقال يشعرون بالقلق من أن المساعدة التي ذهب بعضها إلى مستشفيات الحسكة والشهدادي "ليست كافية".
بالإضافة إلى ذلك، هناك اتهامات بأن محاولات تحديد ما إذا كان الفيروس التاجي بدأ ينتشر بالفعل عبر المخيمات والسجون، تم رفضها، إذ زعم مركز معلومات روجافا، وهو منظمة بحثية مرتبطة بالأكراد، الأسبوع الماضي ، أن "دمشق رفضت فحص عينات لمُشتبه بإصابتهم بالفيروس بعد أن أرسلها المركز".
وقال المركز أيضا أن الأطباء في شمال شرق سوريا ما زالوا لا يستطيعون الحصول إلى أجهزة الاختبار ليقوم بالفحص بنفسه.
حلول مُقترحة لتخفيف الخطر
تقرير مجموعة الأزمات يرى أنه يجب على الولايات المتحدة دفع السلطات العراقية و”الإدارة الذاتية” للموافقة على تفعيل ممر إنساني منتظم ثنائي الاتجاه، لتتمكن مجموعات الإغاثة العاملة عبر الحدود العراقية من الحفاظ على أنشطتها وخطوط الإمداد وتسليم المساعدات.
ولإقناع السلطات العراقية وقوات سوريا الديمقراطية بتفعيل طلب الممرات، يجب تسليم مساعدات إنسانية ومعدات طبية خاصة بـ"كورونا"، للسكان في شمال شرقي سوريا والعراق ومخيمات النازحين.
إضافة إلى عمليات التثقيف الصحي وتأمين معدات الاختبار، وإطلاق سراح أكبر عدد ممكن من السوريين في مخيم الهول من قبل "قسد" لتخفيف الازدحام.
وتتهم الأمم المتحدة "الإدارة الذاتية" التي تدير أوضاع المخيم باحتجاز السكان فيه، خاصة عائلاتهم المقاتلين الأجانب الذين ترفض بلدانهم إعادتهم، وتصف الأوضاع الإنسانية داخله بـ"المروعة".
فيديو قد يعجبك: