الخوف من صدمة اقتصادية يعيق جهود مكافحة كورونا في إثيوبيا
أديس أبابا- (د ب أ):
توصل رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد إلى اتفاق مع الملياردير الصيني ومؤسس شركة "علي بابا"، جاك ما، لتقديم إمدادات طبية إلى الدول الإفريقية، كما كتب مناشدة مفعمة بالحماس بصحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، يدعو فيها إلى تقديم مساعدات دولية للقارة لدعمها في مكافحة تفشي وباء كورونا.
وعلى النقيض من ذلك، جاء تحرك آبي أحمد داخل بلاده بوتيرة اتسمت بالبطء.
أرجأ رئيس الوزراء، الذي يبلغ من العمر 43 عاما والحاصل على جائزة نوبل للسلام لعام 2019، الانتخابات العامة التي كانت مقررة في بلاده في شهر أغسطس المقبل. ولكنه، وعلى نحو حاسم، أبقى المطار الرئيسي في البلاد مفتوحا، وسمح لشركة الطيران الوطنية، الخطوط الجوية الإثيوبية، بمواصلة رحلاتها، مما ترك إثيوبيا عرضة لإصابات جديدة بفيروس كورونا. وجاءت الاختبارات للكشف عن المصابين بالفيروس في ثاني أكبر دول أفريقيا من حيث السكان، هزيلا.
وقال مسؤول حكومي على دراية بأسلوب تفكير رئيس الوزراء الإثيوبي، إن التناقض بين الهم العام بشأن تفشي كورونا عند آبي أحمد وعدم رغبته في فرض قيود صارمة لمكافحته، يكشف عن مخاوفه الراسخة من عرقلة جهوده لتحديث الاقتصاد الإثيوبي، بحسب ما أوردته
وكالة أنباء "بلومبرج" الأمريكية في تحليل لها.
وهناك دليل واسع الانتشار يدعم مخاوف آبي أحمد، ألا وهو عمليات الإغلاق المتشددة في أنحاء شتى من العالم، والتي نجم عنها حالات انكماش اقتصادي وبطالة جماعية.
ونقلت الوكالة عن وزير الدولة الإثيوبي للشؤون المالية أيوب تولينا، القول: "لا اعتقد أن الوباء كان من الممكن أن يأتي في وقت أسوأ من ذلك... لا نستطيع أن نخلف صدمة مستمرة للاقتصاد لأننا لدينا كثيرا سنخسره."
محور إقليمي للنقل الجوي
وصل متوسط معدل النمو الاقتصادي في إثيوبيا إلى حوالي 10 في المئة خلال العقد الماضي، وكان ذلك هو المعدل الأسرع في القارة. وكان السبب في القسم الأكبر من ذلك هو توسع الخطوط الجوية الإثيوبية، والاستثمارات الصناعية الصينية التي تقدر بمليارات الدولارات، في إثيوبيا. وتعد الصين اقوى حليف لإثيوبيا.
وحولت الخطوط الإثيوبية مطار أديس أبابا إلى مركز للنقل الجوي من المنطقة إلى الشرق الأوسط وآسيا، بنحو 2ر12 مليون مسافر سنويا. ووصل عدد كبير من هؤلاء من الصين، حتى في الوقت الذي كانت فيه تلك البلاد تواجه ذروة تفشي فيروس كورونا.
وتعمل الخطوط الإثيوبية بنحو 10 في المئة من طاقتها الطبيعية في الوقت الحالي، ولكنها كانت لا تزال تسير رحلات إلى باريس والصين والشرق الأوسط، وإلى أنحاء من أفريقيا، حتى يوم الاثنين الماضي، الثالث عشر من نيسان/أبريل الجاري، بحسب موقع "فلايت رادار 24" الالكتروني السويدي.
وجاء ذلك في الوقت الذي أوقفت فيه دول رئيسية أخرى في القارة، مثل جنوب أفريقيا وكينيا ونيجيريا، والتي تملك خطوط طيران أكبر من "الإثيوبية" ، الرحلات الجوية وأغلقت حدودها. وترفض معظم الدول الأخرى في أفريقيا استقبال ركاب من أي دولة يوجد بها أكثر من 200 حالة إصابة بكورونا.
وقال إد هوبي-هامشير، كبير محللي أفريقيا في مؤسسة "فيريسك مابلكروفت " لاستشارات المخاطر السياسية، ومقرها بريطانيا: "من الناحية الاقتصادية، يكشف ذلك عن أهمية الحفاظ على الربط الجوي مع الصين."
وفي المقال الذي كتبه رئيس الوزراء الإثيوبي لـ "فاينانشيال تايمز"، أكد آبي أحمد أهمية شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.
وجاء في المقال: "خذ على سبيل المثال، الخطوط الجوية الإثيوبية، وهي أكبر شركة في البلاد وتمثل حوالي 3 في المئة من الناتج القومي، ومصدر رئيسي للعملة الصعبة... ستذهب إلى حافة الهاوية حيث إن الوباء يقلب أعمالها رأس على عقب."
وتقول الخطوط الإثيوبية إنها تكبدت حوالي 550 مليون دولار من العائدات. وجاءت اختبارات فيروس كورونا لثلاثة من موظفي الشركة إيجابية، ضمن 85 حالة إصابة في أنحاء البلاد.
طريق وسط
وتقول آتيا موسام، خبيرة الصحة العامة في جامعة "ويتووترزراند" في جوهانسبرج بجنوب أفريقيا: "على المرء أن يقر بأنه يستورد حالات إصابة بكورونا إذا ما كان لديه مطار مفتوح... إن السماح بتنقل الناس بحرية عبر الحدود، ليس، حقا، في صالح أي شعب."
وتتحرك إثيوبيا التي يبلغ تعداد سكانها حوالي 110 مليون نسمة، ببطء في برامج إجراء الاختبارات للكشف عن المصابين بكورونا، حيث قامت حتى الآن بفحص حوالي خمسة آلاف شخص فقط. وبدأت الاختبارات المنتظمة لقياس درجة حرارة الجسم بمطار أديس أبابا في أوائل شهر آذار/مارس الماضي، ولكن فقط للركاب القادمين من الصين وإيطاليا وكوريا الجنوبية وإيران.
وعلى النقيض من ذلك، شملت اختبارات كورونا في دولة جنوب أفريقيا، التي يصل تعداد سكانها إلى حوالي 59 مليون نسمة، حوالي 80 ألف شخص، وجرى الكشف عن 2415 حالة إصابة مؤكدة.
ورأت "مجموعة إدارة الأزمات الدولية"، ومقرها العاصمة البلجيكية بروكسل، في تقرير أمس الأول الأربعاء إن إدارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد سعت إلى طريق وسط بين تبني بعض الإجراءات لإبطاء انتشار فيروس كورونا في البلاد، وفرض قيود صارمة من شأنها أن تسبب خسائر اقتصادية وخيمة. وواجهت حكومة آبي أحمد احتجاجات عرقية وعنف منذ توليها مقاليد الأمور في البلاد قبل عامين.
وقالت المجموعة في تقريرها: "إذا ما تمكن الفيروس ووجد كثير من الإثيوبيين أنفسهم دون موارد كافية لرعاية أسرهم، قد يتحولون ضد السلطات التي يرونها عديمة الكفاءة."
وأوضح التقرير: "وعوضا عن ذلك، إذا اتخذت الدولة إجراءات تتعلق بالصحة العامة تجعل من المستحيل على الناس أن يكفوا أنفسهم، قد يثير ذلك رد فعل مماثل." والتدابير التي اتخذتها الحكومة حتى الآن قد تكون زهيدة للغاية، ومتأخرة جدا.
وبحسب وزير الشؤون المالية الإثيوبي، تحتاج البلاد إلى ما يقدر بنحو 6ر1 مليار دولار لمواجهة تفشي فيروس كورونا بها، وتداعيات ذلك على مدار الأشهر الثلاثة المقبلة. وستذهب هذه الأموال إلى الرعاية الصحية والاحتياجات الطارئة، وبينها المواد الغذائية.
ويقول ويليام آتويل، رئيس قسم أبحاث أفريقيا جنوب الصحراء بمؤسسة "دوكر فرونتير" للاستشارات: "هناك نقص خطير في الاستعدادات," في ظل حقيقة وجود 3ر0 سرير فقط بالمستشفيات لكل ألف شخص.
وأضاف آتويل: "الحكومة غير مستعدة، لدرجة يرثى لها، وستعتمد على الجهات المانحة عندما تزداد أعداد الإصابة ."
فيديو قد يعجبك: