كيف تسبب تفشي كورونا في زيادة الكراهية ضد المسلمين في الهند؟
كتبت – إيمان محمود:
"قنابل بشرية" و "كورونا الجهاد"، كانت هذه المصطلحات التي أطلقها مسؤولو الحزب الحاكم في الهند على جماعة إسلامية بمثابة شرارة الغضب وارتفاع نسبة الكراهية ضد المسلمين الذين يمثّلون أقلية في البلاد، والسبب كان تصرّف جاهل من هذه الجماعة تسبب في نشر الفيروس التاجي على نطاق واسع.
وصل الأمر إلى الاعتداء على شباب مسلمين كانوا ينقلون الطعام للفقراء بمضارب الكريكيت، وتعرّض مسلمون آخرون للضرب، وقُتل البعض، كما طُرد آخرون من أحيائهم وهوجم البعض الآخر في المساجد التي توصف بأنها مكان ينشر الفيروس، بالإضافة إلى انتشار خطابات الكراهية عبر الإنترنت، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
وفي ولاية البنجاب؛ تبث مكبرات الصوت في معابد السيخ رسائل تطلب من الناس عدم شراء الحليب من مزارعي الألبان المسلمين لأنهم مصابون بفيروس كورونا.
على الجانب الآخر، ظهرت مقاطع فيديو تطالب المسلمين بالاختلاط وعدم ارتداء الأقنعة، وعدم القلق بشأن الفيروس على الإطلاق، كما لو أن صانعي مقاطع الفيديو أرادوا أن يُصاب المسلمون بالمرض، بحسب الصحيفة الأمريكية.
منذ انتشار الفيروس التاجي، هناك دائمًا بحث عن جهة لإلقاء اللوم عليها، لكن في الهند، لم يتم تشويه أي فئة أخرى غير المسلمين الذين يُقدر عددهم في البلد الذي يسيطر عليها الهندوس بأكثر من 200 مليون مسلم.
ألقت الحكومة الهندية باللوم على حركة دينية إسلامية تُدعى جماعة "التبليغ" قائلة إنها مسؤولة عن إصابة نسبة كبيرة من الحالات في الهند، مؤكدة أن أكثر من ثلث الحالات في البلاد مرتبطة بالجماعة، التي عقدت تجمعًا كبيرًا للخطباء في الهند في مارس الماضي. كما أدت اجتماعات مماثلة في ماليزيا وباكستان إلى تفشي المرض.
وقال فيكاس سواروب، أحد كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الهندية: " الحكومة مُجبرة على استدعاء هذه الجماعة".
وأضاف أن تجمّع مارس الماضي "كان له تأثير كبير على أساليب الاحتواء" لكنه نفى أن يكون اللوم المتكرر للحكومة على الجماعة "له أي علاقة بفئة معينة".
نقلت الصحيفة الأمريكية عن محمد حيدر، وهو بائع حليب في الهند قوله: "الخوف يحدق بنا من كل مكان، يحتاج الناس فقط إلى سبب صغير ليضربونا أو يقتلونا".
القادة المسلمون خائفون –بحسب الصحيفة- إنهم يرون الهجمات المكثفة ضد المسلمين ويتذكرون ما حدث في فبراير، عندما هاجم الهندوس حي للطبقة العاملة في دلهي، ما أسفر عن مقتل العشرات، فيما تتنحى الشرطة جانبًا أو في بعض الأحيان تقف إلى جانب الهندوس.
يقول خالد رشيد رئيس المركز الإسلامي في الهند: "لم يكن على الحكومة أن تلعب لعبة اللوم.. إذا عُرضت القضايا بناءً على ديانة شخص ما، فإنها تخلق انقسامًا كبيرًا".
وأضاف رشيد: "قد يموت الفيروس التاجي، لكن من الصعب القضاء على فيروس الانقسام الطائفي عندما ينتهي الوباء".
تجمّع مارس
طاهر إقبال، هو شاب مسلم من كشمير وخريج جامعي حديث، كان ضمن 4000 شخص تقريبًا ممن تجمّعوا في مقر جماعة التبليغ في مارس بهدف التدريب على "الدعوة" وهو الهدف الأساسي للجماعة بحسب قولها.
يروي إقبال ما جرى ذلك اليوم قائلاً "الناس ناموا وأكلوا وصلوا في أماكن قريبة، مع خوف قليل من الفيروس التاجي.. لم نأخذ الأمر على محمل الجد في ذلك الوقت".
في 16 مارس -أي قبل تجمّع أعضاء تبليغ- منعت الحكومة التجمعات لأكثر من 50 شخصًا، وبعد عدة أيام؛ أعلن الرئيس الهندي إغلاق كامل للبلاد.
رغم هذه الإجراءات، ظلّ أكثر من 1000 شخص في مقرّ الجماعة خلال خطبة 19 مارس، إذ قال سعد كاندالفي أحد قادة الجماعة لأتباعه إن الفيروس التاجي هو "عقاب الله" داعيًا أتباعه ألا يخافوا منه، بحسب الصحيفة.
وبعد حوالي أسبوع؛ وجد مفتشو الصحة أن حوالي 1300 شخص ما زالوا يتواجدون في المركز بدون أقنعة أو أي أدوات خاصة بالوقاية، فيما انتقد العديد من الزعماء المسلمين مركز الجماعة لعدم إغلاقه.
مئات المصلين في ذلك اليوم شقوا طريقهم عبر الهند بالسيارة والحافلة والقطار والطائرة، ونشروا الفيروس التاجي في أكثر من نصف ولايات الهند، من المدن الشاطئية في جزر أندامان إلى المدن الزراعية الحارة في السهول الشمالية للبلاد.
وفي 31 مارس، رفعت سلطات دلهي قضية جنائية ضد زعيم الجماعة "مولانا كاندالفي" بتهمة تعريض صحة الجمهور "عمدا وعن قصد وبإهمال خبيث" للخطر، تم إغلاق مركز جماعة تبليغ اختفى مولانا.
وشددت السلطات الهندية على إغلاق المناطق الحيوية في جميع أنحاء البلاد، وأغلقت جميع الحركات في المناطق التي تم الكشف عن حالات الإصابة بالفيروس التاجي، بحسب الصحيفة.
وعلى الرغم من أن الحشود لا تزال منخفضة نسبيًا، إلا أن الكثيرون يخشون من أن الفيروس يمكن أن ينتشر في المناطق المكتظة الواقعة في المدن.
واستخدمت السلطات الهندية بيانات الهاتف المحمول لتعقّب رعايا جماعة التبليغ وتم اعتراضهم في المطار قبل أن يتمكنوا من السفر إلى خارج الهند.
وبحسب الصحيفة، فإن بعض السياسيين الهندوس ومؤيديهم استغلوا هذا الوضع، وهم يتوقعون ازدياد مشاعر الكراهية للمسلمين التي كانت تتراكم في السنوات الأخيرة في ظل حكومة مودي.
وقال راج ثاكراي، زعيم حزب ماهاراشترا نافنيرمان سينا، وهو حزب قومي يميني متطرف، لوسائل الإعلام المحلية إنه يجب إطلاق النار على أعضاء جماعة التبليغ.
وقال راجيف بندال، زعيم حزب بهاراتيا جاناتا للرئيس الهندي، إن أفراد جماعة التبيلغ يتنقلون وسط الشعب "كالقنابل البشرية"، بحسب ما نقلته الصحيفة.
وفي قرية هاروالي بالقرب من دلهي، قام مجموعة من الناس بالاعتداء بالضرب على شاب مسلم يُدعى محبوب علي، لحضوره تجمّع جماعة التبليغ، وقاموا بتصوير الواقعة، إذ قال أحد الاشخاص الذين اعتدوا عليه: "أخبرنا عن خطتك هل كانت خطتك لنشر الفيروس؟"
واستشعارًا لرد الفعل العكسي ضد المسلمين، توقفت وزارة الصحة الهندية عن إلقاء اللوم على جماعة التبليغ في تصريحاتها، بل قالت في أحد البيانات قبل بضعة أيام "يتم تصنيف بعض الفئات والمناطق على أساس تقارير كاذبة.. هناك حاجة ملحّة لمواجهة مثل هذه الأحكام المُسبقة".
فيديو قد يعجبك: