إعلان

كيف تحولت إيران إلى "بؤرة كورونا" في الشرق الأوسط؟

01:17 م الخميس 27 فبراير 2020

كيف تحولت إيران إلى بؤرة كوورنا في الشرق الأوسط؟

كتبت- رنا أسامة:

سلّطت شبكة "إن بي سي" الأمريكية الضوء على ارتفاع وفيات فيروس كورونا الجديد في إيران، بؤرة الفيروس في الشرق الأوسط، مع تسجيل 26 وفاة من أصل 245 إصابة مؤكدة في غضون أيام، في أكبر حصيلة مُبلغ عنها خارج الصين، وهو ما أثار تساؤلات حول كيفية تعامل الحكومة الإيرانية مع أزمة قطاع الصحة العامة ومدى شفافية النظام الإيراني حيال مُعدل تفشّي الفيروس في الجمهورية الإسلامية.

وبخلاف الصين، التي انطلق منها الفيروس أولًا في أواخر ديسمبر الماضي، سجّلت إيران أكبر عدد وفيات بكورونا الجديد. فيما سجّلت الصين 2747 وفاة من إجمالي 78514 إصابة مؤكدة، وفق آخر الإحصائيات الرسمية المُعلنة. وأعلنت منظمة الصحة العالمية أنه ينتشر بشكل أسرع خارج الصين، حيث نشأ.

غير أن مُعدل الوفيات في إيران- الذي يبلغ نحو 16 بالمائة- يتجاوز مُعدل الوفيات في الدول الأخرى التي ضربها الفيروس. ففي مقاطعة هوبي، بؤرة تفشي الفيروس في الصين، قُدّر مُعدل الوفيات بـ2 بالمائة. وفي كوريا الجنوبية، قضى 13 من أصل 1761 مُصابًا بمُعدّل بلغ 1 بالمائة.

بؤرة كورونا في الشرق الأوسط

ومع نقص المُستلزمات الطبية (الأقنعة الوقائية ووسائل تعقيم الأيدي) في المتاجر، يُرجح خبراء الصحة العامة أن تُصبح إيران مركزًا لتفشي الفيروس في جميع أنحاء الشرق الأوسط، لاسيّما بالنظر إلى حدودها التي يسهل أن يتغلغل من خلالها إلى دول غير مُستقرة؛ في حالة حرب أو تسودها اضطرابات.

أبلغ مسؤولون إيرانيون عن أول إصابة بالفيروس بمدينة قُم الأسبوع الماضي، ليزحف بعدها سريعًا فيما لا يقل عن 7 مُحافظات أخرى.

وأعلن متحدث باسم وزارة الصحة الإيرانية أنه تم الآن اكتشاف الفيروس في جميع أنحاء البلاد. غير أنه عبّر عن تفاؤله بشأن الوضع في محافظة قم، وقال: "كل 24 ساعة، يتم إخراج 10 بالمائة على الأقل من المصابين من المستشفيات أو (المُشتبه في إصابتهم)".

وسجلت دول أخرى مجاورة في المنطقة، بما في ذلك العراق والكويت وعُمان وأفغانستان وباكستان، أولى الإصابات هذا الأسبوع لأشخاص قالت إنهم "زاروا إيران مؤخرًا".

وعلى ذات المِنوال الذي ظهر عليه الصينيون بعد تفشي كورونا في بلادهم، يُشكك مُنتقدو النظام الإيراني داخل الجمهورية الإسلامية وخارجها في مدى مِصداقية المسؤولين في طهران وتقديمهم صورة كاملة ودقيقة وشافية للمواطنين حيال الفيروس. لكن المسؤولين الإيرانيين يرفضون أية شكوك أو فرضيات تُرجح احتمالية تقليلهم من خطر الفيروس، وفق الشبكة الأمريكية.

تكتم وحظر نشر

قال رئيس جامعة العلوم الطبية في قُم، محمد رضا غدي، للتليفزيون الرسمي الإيراني إن وزارة الصحة حظرت نشر أرقام عن تفشي الفيروس في المدينة الواقعة جنوب العاصمة طهران.

وبسؤاله عن عدد الأشخاص الذين تم إخضاعهم للحجر الصحي، أجاب غدير: "وزارة الصحة (الإيرانية) أوصتنا بعدم الإفصاح عن أي إحصائيات جديدة" تتعلق بالفيروس الذي لا تزال منظمة الصحة العالمية.

وأضاف أن "مُعظم الفحوص ينبغي إجراؤها في طهران. وطهران تُعلن ذلك". وأشارت تصريحاته إلى ان الاختبارات التشخيصية تُجرى بشكل أساسي في طهران.

لكن خبراء طبيون غير إيرانيين قالوا إن الإبلاغ عن إجمالي الإصابات يتأخر عن الإبلاغ عن إجمالي الوفيات في إيران. وأرجعوا ذلك إلى أن السلطات الإيرانية لا تتمكن من إحصاء الإصابات الأقل خطورة في جميع أنحاء البلاد لأسباب رُبما تعود إلى طريقة اختبار وتشخيص المرضى، أو كيفية مُشاركة المعلومات حول الفيروس، أو استخدام معدات طبية معيبة.

تفسيرات مُحتملة

الأمر الذي رجّحه يانتشونج هوانج، مدير مركز دراسات الصحة العالمية بجامعة سيتون هول الأمريكية، قائلًا "يبدو أن الأمر يتعلق بتوقيت الإبلاغ". وأضاف: "قد يسقط الإبلاغ عن أعداد الإصابات سهوًا مع التركيز فقط على الإبلاغ عن أعداد الوفيات".

وفي حين لا يزال من غير الواضح بعد ما إذا كانت إيران قادرة على اكتشاف وإحصاء عدد المُصابين بالفيروس داخل البلاد بشكل دقيق، أشار الدكتور ويليام شافنر، أستاذ الطب الوقائي والأمراض المعدية في المركز الطبي بجامعة فاندربيلت الأمريكية، إلى أن ذلك الأمر يتطلّب إخضاع المتواجدين في كافة القرى والبلدات إلى فحوض واختبارات لاكتشاف الإصابات، وليس مجرد الاعتماد على عدد الأشخاص الذين يتوجّهون إلى المستشفيات بعد أن تظهر عليهم أعراض حادة.

وأوضح شافنر في مقابلة مع الشبكة الأمريكية أن هذا الأمر "يعني طرق كافة الأبواب في كل حي في محاولة حثيثة لاكتشاف إصابات". وتابع: "لا أدري ما إذا كانت لديهم (السلطات الصحية الإيرانية) القدرة على فِعل ذلك. العديد من الدول لا تقوى على ذلك، ولا تتبع أنظمتها الصحية ذلك التقليد. سيكون شيئًا جديدًا للغاية بالنسبة لهم".

وطرح شافنر تفسيرًا مُحتملا لارتفاع وفيات كورونا في إيران، وقال إن معظم المرضى المُصابين من كبار السن، نظرًا إلى كونهم أكثر عُرضة للإصابة بالفيروس، وبالتالي فإنه "إذا أصابهم إلى جانب ما يُعانون منه من أمراض شيخوخة كامنة، فربما يُفسر ذلك ارتفاع مُعدل الوفيات"، وفق قوله.

أما الاحتمال الأقل ترجيحًا الذي طرحه شافنر، فتمثل في تعثّر المستشفيات الإيرانية وعجزها عن توفير الرعاية الطبية اللازمة للمُصابين. غير أنه شكّك في ذلك الاحتمال، لأن إيران تملك نظام رعاية صحية متقدم نسبيًا.

قال المراسل الطبي لشبكة "إن بي سي"، الدكتور جون توريس، إنه لا يوجد دليل على حدوث تغيّر في المظهر الجيني للفيروس، وبالتالي فإن ارتفاع مُعدّل الوفيات يرتبط على الأرجح بـ"كيفية تتبّع الإيرانيين لحالات الإصابة".

وتابع: "لا تغيّرات مهمة تحدث في الحمض النووي. الفيروس لم يتحور في مكان آخر".

حجر صحي

والثلاثاء، قالت وسائل إعلام حكومية إن عضوًا بالبرلمان الإيراني يدعى محمود صادقي، ونائب وزير الصحة في البلاد إراج حريرجي الذي يقود فريق عمل حكومي لمواجهة الفيروس، أثبتت إصابتهما بـ"كوفيد 19". جاء ذلك بعد يوم من ظهور الأخير في مؤتمر صحفي فيما بدا وكأنه "محمومًا"، دون أن يضع أي قناع واقٍ، فيما أعرب المتحدث الرسمي باسم الوزارة الذي كان يقف إلى جانبه عن ثقته في احتواء الحكومة الإيرانية لأزمة كورونا.

وقال حريرجي في مقطع فيديو بعد تشخيص إصابته بالفيروس: "أقول لكم من أعماق قلبي. اعتنوا بأنفسكم". "هذا فيروس ديمقراطي. لا يميز بين الأغنياء والفقراء، الأقوياء وغير الأقوياء. إنه قد يصيب عددًا من الناس".

وفي وقت سابق، اعتبر حريرجي المعزول طبيًا في الوقت الحالي أن "الحجر الصحي ينتمي إلى العصر الحجري"، وذلك قبل يوم واحد من الاعتراف بإصابته بالمرض.

وأمس الأربعاء، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني، أن بلاده لا تعتزم فرض حجر صحي كامل على أي مدن وبلدات رغم تفشي الفيروس في جميع أنحاء البلاد. وقال في اجتماع لمجلس الوزراء إن السلطات الصحية ستواصل فقط "وضع أفراد في الحجر الصحي".

وناشد المسؤولون الإيرانيون المواطنين عدم الذهاب إلى مدينة قم، المقدسة لدى الشيعة، لأنها مركز تفشي الفيروس، ومع هذا لم تغلق السلطات ضريح "المعصومة"، الذي يستقطب ملايين الزوار الشيعة.

فيديو قد يعجبك: