باحثة قانونية: الحصول على اللقاحات حق للمواطنين في المناطق الخاضعة لجماعات مسلحة
واشنطن- (د ب أ):
وفقا لتقديرات اللجنة الدولية للصليب الأحمر، يعيش حوالي 66 مليون شخص حاليا في مناطق تسيطر عليها جماعات مسلحة، و لا تخضع لسيطرة الدول.وهؤلاء الأشخاص النازحون من حين لآخر، والذين يعانون من سوء التغذية ، والمحرومون من تلقي الرعاية الطبية، والمرافق الصحية الملائمة، والذين يعيشون في الغالب في مستوطنات أو أماكن إقامة مزدحمة للغاية، هم ضمن الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد-.19
وقد أكد مدير عام منظمة الصحة العالمية على الدوام أن مرض كوفيد-19 برهن على أنه "لن يكون أحد آمنا ما لم يتوفر الأمان للجميع". فما الذي يعنيه هذا بالنسبة لتوفير اللقاحات للأشخاص الذين يعيشون في مناطق خاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة؟
تقول إيمانويلا جيلارد الباحثة في معهد أوكسفورد للأخلاقيات والقانون والصراع المسلح في تقرير نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي إن حق هؤلاء الأشخاص في الحصول على اللقاح مؤكد وفقا للقانون الدولي. وحق الصحة يتطلب من كل دولة اتخاذ إجراءات لمنع الأوبئة، والعلاج منها، والسيطرة عليها، بما في ذلك توفير التطعيم دون تمييز، وهذا الالتزام يظل قائما حتى لو كانت هناك جماعات مسلحة منظمة تسيطر على أجزاء من أراضي هذه الدولة.
وفي مثل هذه الظروف تقع الالتزامات على الدولة والجماعة المسلحة على السواء. ومنذ بداية جائحة كورونا اتخذت مختلف الجماعات المسلحة المنظمة خطوات لاحتواء انتشار الفيروس في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
ومن المبادىء الأساسية في القانون الدولي الإنساني أنه في حالات أي صراع مسلح، من حق المصابين والمرضى تلقي الرعاية الطبية التي يحتاجون إليها بأسرع ما يمكن. وفي حالة تفشي جائحة، يمكن القول إن هذا يشمل أيضا توفير اللقاح.
وتقع المسؤولية الأساسية بالنسبة لتوفير الرعاية الطبية على طرف الصراع الذي يجد المواطنون أنفسهم تحت سيطرته. وإذا كان ذلك الطرف- سواء كان دولة أو جماعة مسلحة- غير قادر على توفير الرعاية الضرورية، يمكن تقديم عروض للقيام بعمليات مساعدات انسانية غير متحيزة، بما في ذلك التطعيم. وعلى الرغم من أن موافقة الدولة على ذلك مطلوبة، من الصعب تخيل أي سبب مقبول للرفض، خاصة أن الدولة تظل مسؤولة عن التزامات حقوق الانسان تجاه الاشخاص الواقعين تحت سيطرة الجماعات المسلحة.
وعلى الرغم من أن الدولة هي التي ستكون في وضع يسمح لها بالحصول على اللقاحات- بما في ذلك لصالح الأشخاص الموجودين في مناطق تسيطر عليها الجماعات المسلحة – يجب عدم عرقلة أي من الطرفين لاعطاء اللقاحات لهؤلاء الأشخاص أو التدخل في الأمر، بل عليهما تسهيل عمليات التطعيم.
وفي الماضي، توصلت الدول والجماعات المسلحة المنظمة إلى سبل لضمان توفير الرعاية الصحية في المناطق الخاضعة لمثل هذه الجماعات. ففي سريلانكا، واصلت الحكومة تشغيل منشآت الرعاية الصحية في المناطق الخاضعة لسيطرة جبهة تحرير نمور تاميل إيلام . وفي سياقات أخرى، قامت الفرق الصحية للحكومات برفقة مسؤولين من اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتطعيمات في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة.
وتضيف جيلارد أنه بالإضافة إلى أدوار والتزامات أطراف الصراع، من المهم أيضا ألا تعرقل إجراءات محاربة الإرهاب التي تتبناها الدول توفير اللقاح. وبعض الجماعات المسلحة التي هناك أراض خاضعة لها تم تصنيفها كجماعات إرهابية، وفقا لإجراءات محاربة الإرهاب الدولية والمحلية.
ورغم أن هذه الإجراءات تمنع تقديم أموال وغيرها من الأصول لمثل هذه الجماعات، فإنها لا تمنع تقديم المساعدات الطبية. كما أنها لا تحول دون التواصل مع أعضاء هذه الجماعات لتقديم مثل هذه المساعدات، لأن دلك يخالف القانون الدولي الإنساني.
ولكن هناك قيودا ومتطلبات صعبة في بعض اتفاقات التمويل، مثل تلك التي تفرضها بعض الجهات المانحة في مناطق تنشط فيها الجماعات التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية(داعش)، ومن بينها نيجيريا، وحوض بحيرة تشاد، وسوريا، والعراق. ومثل هذه الإجراءات يمكن أن تمنع تقديم المساعدات الطبية المطلوبة لانقاذ الأرواح، وهو ما يعد انتهاكا للقانون الدولي الإنساني، ومبدأ الحيادية الانسانية، والأخلاقيات الطبية.
وعندما تناقش الحكومات، وقطاع الأدوية والمنظمات الحكومية انتاج وتوفير لقاحات كوفيد-19 يجب أن تأخذ في الاعتبار احتياجات الأشخاص الخاضعين لسيطرة الجماعات المسلحة المنظمة في كل خطوة من خطوات هذه العملية: التخصيص العادل، والشراء، وتوزيع التمويل، وإعطاء اللقاح.
وخلال المناقشات بشأن التخصيص العادل للقاحات، بما في ذلك مبادرة كوفاكس، يجب أن تشمل طلبات وحصص الدول المواطنين الخاضعين لسيطرة الجماعات المسلحة. ونظرا لأنه ليس من المحتمل أن تكون الدول المعنية بذلك قادرة على تغطية تكاليف اللقاحات، يتعين أن يشمل الدعم الدولي والثنائي من جانب الجهات المانحة هؤلاء الأشخاص- وفي حقيقة الأمر يمكن أن يكون وضع وتنفيذ برامج التطعيم غير التمييزي شرطا للدعم المالي.
وبالتوازي مع ذلك، يجب أن يكون هناك حوار بين الدول المتضررة، والجهات المانحة، والجماعات المسلحة المنظمة لوضع وتنفيذ برامج تطعيم ملائمة لضمان عدم حرمان الذين يعانون بالفعل من الصراع، والنزوح، والإرهاب من اللقاحات.
فيديو قد يعجبك: