إعلان

"أبو محمد المصري".. هل قُتل الرجل الثاني في تنظيم القاعدة؟

03:28 م السبت 14 نوفمبر 2020

كتبت – إيمان محمود

أثارت صحيفة صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، جدلاً بعد نشر تقرير يفيد بتنفيذ عملية اغتيال سرية للرجل الثاني في تنظيم القاعدة الإرهابي، داخل الأراضي الإيرانية قبل ثلاثة أشهر، مشيرة إلى أنه تم التعتيم على الخبر وقتذاك وإذاعة مقتله تحت اسم مُستعار، فيما نفت طهران وجود أي من قادة القاعدة على أراضيها من الأساس.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين استخباراتيين –لم تذكر هويتهم- أن القيادي بالقاعدة والذي يُدعى عبد الله أحمد عبد الله واسمه الحركي "أبو محمد المصري"، قتله رجلان استقلا دراجة نارية وأطلقا عليه الرصاص في شوارع طهران، وذلك في السابع من أغسطس الماضي، وهو اليوم الموافق لذكرى الهجمات التي تم تنفيذها على سفارتي الولايات المتّحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998.

وقالت الصحيفة إن منفذي عملية الاغتيال –وهم يعملون لحساب الولايات المتحدة- قتلوا أيضًا ابنته مريم، وهي أرملة حمزة بن لادن نجل زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن.

في المقابل، لم تعلن القاعدة عن مقتل أحد كبار قادتها حتى اليوم، كما غطّى المسؤولون الإيرانيون الأمر، ولم تعلن أي دولة كذلك مسؤوليتها عن العملية.

كان أبو محمد المصري، البالغ من العمر 58 عامًا، أحد القادة المؤسسين للقاعدة ويُعتقد أنه أول من قاد التنظيم بعد زعيمه الحالي أيمن الظواهري.

وظهر المصري منذ فترة طويلة ضمن قائمة الإرهابيين المطلوبين لمكتب التحقيقات الفيدرالي، إذ اتهمته الولايات المتحدة بارتكاب جرائم تتعلق بتفجيرات سفارتيها في كينيا وتنزانيا، والتي أسفرت عن مقتل 224 شخصًا وإصابة المئات.

كما عرض مكتب التحقيقات الفيدرالي مكافأة قدرها 10 ملايين دولار، مقابل المعلومات التي تساعد في القبض عليه، وحتى أمس الجمعة، كانت صورته لا تزال على قائمة المطلوبين.

وأبدت الصحيفة تعجبها من اختباء المصري في إيران، إذ يُعتبر إيران والقاعدة أعداء لدودين؛ فإيران دولة دينية شيعية، أما القاعدة فهي جماعة جهادية سُنّية، تقاتل كل منهما الأخرى في ساحات الصراع بالعراق وأماكن أخرى.

يقول مسؤولو المخابرات الأمريكية إن المصري كان في إيران منذ عام 2003، لكنه كان يعيش بحرية في منطقة باسداران بطهران.

وفي تفاصيل عملية الاغتيال، سردت الصحيفة قائلة: "في حوالي الساعة التاسعة من مساء يوم صيفي، كان أبو محمد المصري يقود سيارته البيضاء رينو L90 مع ابنته بالقرب من منزله عندما اقترب مسلحان على متن دراجة نارية بجانبه. أطلقت خمس طلقات من مسدس مزود بكاتم للصوت، دخلت أربع رصاصات السيارة من جهة السائق وخامسها أصابت سيارة قريبة".

ومع انتشار نبأ إطلاق النار، حددت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية هوية الضحيتين وهما "حبيب داوود أستاذ التاريخ اللبناني، وابنته مريم البالغة من العمر 27 عامًا".

كما أفادت قناة MTV الإخبارية اللبنانية وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي التابعة للحرس الثوري الإسلامي الإيراني أن حبيب داوود كان عضوًا في حزب الله اللبناني، بحسب الصحيفة الأمريكية.

أبو محمد المصري على لائحة المطلوبين في الإف بي آي

كشف الأكذوبة

وبحسب الصحيفة، فإن الأمر بدا معقولاً في البداية، إذ جاءت عملية الاغتيال وسط انفجارات متكررة في إيران، مما أدى إلى تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة، وبعد أيام من انفجار ميناء بيروت وقبل أسبوع من تفكير مجلس الأمن الدولي في تمديد حظر الأسلحة المفروض على إيران.

وكانت هناك تكهنات بأن القتل ربما كان استفزازًا غربيًا يهدف إلى إثارة رد فعل إيراني عنيف قبل التصويت في مجلس الأمن.

بالإضافة إلى أن عمليات الاغتيال على يد مسلحين على دراجة بخارية تتناسب مع طريقة الاغتيالات الإسرائيلية السابقة لعلماء نوويين إيرانيين، وكان من المنطقي أيضًا أن تقتل إسرائيل مسؤول في حزب الله، بحسب الصحيفة.

قال عدد من اللبنانيين المقربين من إيران إنهم لم يسمعوا به أو بقتله، ولم يجد بحث في وسائل الإعلام اللبنانية أي تقارير عن مقتل أستاذ تاريخ لبناني في إيران الصيف الماضي.

كما أكد باحث تربوي لديه إمكانية الوصول إلى قوائم جميع أساتذة التاريخ في البلاد أنه لا يوجد سجل عن حبيب داوود، بحسب الصحيفة.

كما نقلت الصحيفة عن مسؤولي المخابرات أن "حبيب داوود كان اسما مستعارا أعطاه المسؤولون الإيرانيون لأبو محمد المصري وأن وظيفة تدريس التاريخ كانت مهنة مُختلقة ليتستر وراءها".

يشير بعض خبراء الإرهاب إلى أن الهدف من اختباء قادة القاعدة في طهران، هو توفير بعض الأمان لإيران التي ضمن بذلك أن الجماعة لن تشن هجمات عليها، وفي رأي آخر، يرى مسؤولو مكافحة الإرهاب الأمريكيون أن إيران ربما سمحت لهم بالبقاء للقيام بعمليات ضد الولايات المتحدة؛ الخصم المشترك.

إيران ترد: "سيناروهات هوليووديه"

اعتبرت إيران تقرير صحيفة "نيويورك تايمز" عبارة عن "معلومات مُختلقة وسينارويوهات هوليوودية"، نافية وجود أي عناصر من تنظيم القاعدة على أراضيها.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده في بيان أصدره اليوم السبت إن "واشنطن وتل أبيب تحاولان، كل حين وآخر، إلقاء المسؤولية على الآخرين عن الأعمال الاجرامية لهذا التنظيم وتنظيمات إرهابية أخرى في المنطقة، وربط إيران بتنظيمات كهذه من خلال الأكاذيب وتسريب معلومات مختلقة الى وسائل الإعلام".

وجدد خطيب زاده نفي إيران وجود أي عناصر من القاعدة على أراضيها، داعيًا الإعلام الأمريكي الى "عدم الوقوع في فخ السيناريوهات الهوليوودية للمسؤولين الأمريكيين والصهاينة".

ورأى خطيب زاده أنه "على رغم أن الولايات المتحدة في الماضي لم تحجم عن توجيه اتهامات خاطئة الى إيران، أصبحت هذه المقاربة روتينية في ظل الإدارة الأمريكية الحالية، وحاول البيت الأبيض الدفع بخطة رهابه من إيران من خلال تكرار اتهامات كهذه".

وتابع "بلا شك يتم الدفع بهذه الاتهامات في إطار حرب اقتصادية واستخبارية ونفسية شاملة ضد شعب إيران، ويجدر بالإعلام ألا يكون مذياعا لنشر أكاذيب البيت الأبيض التي تستهدف إيران".

مَن هو أبو محمد المصري

ولد أبو محمد المصري في محافظة الغربية عام 1963، وكان في شبابه لاعب كرة قدم محترف في الدوري المصري، بحسب معلومات نقلتها صحيفة "نيويورك تايمز" عن ملفه القضائي بالولايات المتحدة.

وبعد الغزو السوفيتي لأفغانستان عام 1979، انضم إلى الحركة الجهادية التي كانت تتحد لمساعدة القوات الأفغانية.

وبعد انسحاب السوفيت بعد 10 سنوات، بقي في أفغانستان حيث انضم في النهاية إلى بن لادن في المجموعة التي أصبحت فيما بعد النواة المؤسسة للقاعدة، وأدرجته المجموعة في المرتبة السابعة بين مؤسسيها البالغ عددهم 170.

وفي أوائل التسعينيات، سافر مع بن لادن إلى العاصمة السودانية الخرطوم، حيث بدأ في تشكيل خلايا عسكرية.

كما توجّه إلى الصومال لمساعدة الميليشيا الموالية لأمير الحرب الصومالي محمد فرح عيديد، وهناك قام بتدريب المقاتلين الصوماليين على استخدام قاذفات الصواريخ المحمولة على الكتف ضد طائرات الهليكوبتر، والتدريب الذي استخدموه في معركة مقديشو عام 1993 لإسقاط طائرتين هليكوبتر أمريكيتين، وهو ما يعرف باسم "هجوم بلاك هوك داون".

إحدى مروحيات بلاك هوك الأمريكية أسقطت في مقديشو بالصومال عام 1993 على يد مقاتلين دربهم المصري.

بعد معركة مقديشو بوقت قصير ، كلف بن لادن أبو محمد المصري بتخطيط عمليات ضد أهداف أمريكية في إفريقيا، مثل هجمات 11 سبتمبر، تستقطب الاهتمام الدولي.

فبعد الساعة 10:30 من صباح يوم 7 أغسطس 1998 بقليل، توقفت شاحنتان محملتان بالمتفجرات أمام السفارات الأمريكية في نيروبي، كينيا، ودار السلام بتنزانيا، بحسب "نيويورك تايمز".

وفي عام 2000، كان المصري أحد الأعضاء التسعة في مجلس تنظيم القاعدة، وترأس التدريب العسكري للتنظيم، كما واصل الإشراف على العمليات في إفريقيا، وفقًا لمسؤول سابق في المخابرات الإسرائيلية، وأمر بشن هجوم في مومباسا بكينيا في عام 2002، الذي أسفر عن مقتل 13 كينيًا وثلاثة سائحين إسرائيليين.

كان المصري أحد الأعضاء القلائل رفيعي المستوى في المنظمة الذين نجوا من المطاردة الأمريكية لمنفذي هجمات 11 سبتمبر وهجمات أخرى، بعدما فرّ وزعماء آخرون من القاعدة إلى إيران، وتم ضعهم في البداية تحت الإقامة الجبرية.

وفي عام 2015، أعلنت إيران عن صفقة مع القاعدة أفرجت فيها عن خمسة من قادة تنظيم القاعدة، كان من ينهم المصري، مقابل دبلوماسي إيراني كان مُختطف في اليمن.

بعد ذلك لم يعرف أحد مكان اختباء المصري، لكن وفقًا لما قاله أحد مسؤولي المخابرات لـ"نيويورك تايمز"، فإنه استمر في العيش في طهران ، تحت حماية الحرس الثوري ثم وزارة المخابرات والأمن لاحقًا، وسُمح له بالسفر إلى أفغانستان وباكستان وسوريا.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان