قبل الأمتار الأخيرة في انتخابات أمريكا.. ما مواقف ترامب من المنطقة؟
كتبت- رنا أسامة:
تتباين مواقف الخِصمين، الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطي جو بايدن، من الشرق الأوسط. ففي حين تنحاز سياسات الأول لأمن واستقرار المنطقة، يتجاهل الثاني خطر إيران وحركات الإسلام السياسي، وإن كانت تجمعهما رغبة مشتركة في وضع حدّ لنهاية التورط الأمريكي في حروب المنطقة طويلة الأمد.
وصفت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) ترامب بأنه "رجل يفضل التحدث الواضح بلغة الدبلوماسية"، مُشيرة إلى أنه قلّب خلال السنوات الأربع التي قضاها في منصبه العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة الأقوياء سابقًا، وأقام صداقات جديدة مفاجئة، وغرّد حول كل ذلك - كثيرًا.
وقبل أمتار من وصول قطار السباق الرئاسي إلى وجهته الأخيرة، نستعرض أبرز مواقف ترامب من دول المنطقة، وفق البي بي سي.
مصر
التقى ترامب لأول مرة بالرئيس عبدالفتاح السيسي- الذي وصفه بأنه "رجل رائع"- في سبتمبر 2016. وعندما فاز في انتخابات الرئاسة الأمريكية بعد شهرين (أي في نوفمبر من الشهر نفسه)، كان السيسي أول زعيم أجنبي يتصل به ليُهنّئه.
استمرت علاقتهما الوثيقة بمجرد أن تولى ترامب منصب ، وزار الرئيس السيسي البيت الأبيض في أبريل 2017 لأول مرة. وقال الرئيس الأمريكي في مؤتمر صحفي وقتذاك: "أريد فقط أن أبلغ الجميع في حالة وجود أي شك أننا نقف بكل وضوح وراء الرئيس السيسي كثيرًا".
وقال مسؤولون إن الولايات المتحدة تسعى إلى "إعادة تنشيط" العلاقات بين البلدين لأن الرئيس ترامب رأى في مصر المستقرة "حليفًا لا يُقدّر بثمن" في المعركة ضد الإرهاب.
وأشاد السيسي بترامب باعتباره شخصًا لديه "فهم عميق ورائع" للشرق الأوسط.
والتقى الرئيسان مجددًا خلال زيارة ترامب الأولى إلى السعودية في مايو 2017. خلال قمة بالرياض، قال ترامب إن الرئيس السيسي "يقوم بعمل رائع وسط ظروف صعبة".
ولم يزُر ترامب بعد مصر كرئيس بخلاف زوجته ميلانيا التي حطّت في القاهرة، خلال جولة أفريقية خاطفة في أكتوبر 2018، حيث زارت أهرامات الجيزة.
إسرائيل
بدا ترامب مستعدًا لاتباع نهج تقليدي إلى حدٍ ما في علاقته مع أقرب حليف لأمريكا، إسرائيل.
وسارع بدعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض، وخلال زيارة إلى تل أبيب في مايو 2017، قال إنه جاء "لإعادة التأكيد على الرابطة غير القابلة للكسر" بين البلدين.
في أغسطس من العام نفسه، غرّد ترامب بأن "السلام في الشرق الأوسط سيكون حقًا إرثًا عظيمًا لجميع الناس!".
لكن وبحلول ديسمبر اختار مسارًا جديدًا، بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، ما أثار دهشة المجتمع الدولي. ووصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخطوة بأنها "مؤسفة" وقال إن الولايات المتحدة لم يعد بإمكانها أن تكون وسيط سلام.
ورُغم ذلك، مضى ترامب قُدمًا، وفي مايو 2018، كانت ابنته إيفانكا ضمن وفد أُرسِل لفتح سفارة أمريكية جديدة في القدس المحتلة.
وفي الذكرى الأولى لافتتاحها، غرّد ترامب في مايو 2019:"سفارتنا الجميلة بمثابة تذكير فخور بعلاقتنا القوية مع إسرائيل وأهمية الوفاء بالوعد والدفاع عن الحقيقة".
في إشارة على حميمية علاقته مع نتنياهو، هنّأه الرئيس الأمريكي بعد أن أصبح يصبح رئيس الوزراء الأطول خدمة في البلاد في يوليو 2019 ، وغرّد بأنه "قاد إسرائيل ملتزمًا بقيم الديمقراطية والحرية وتكافؤ الفرص التي تعتز بها وتشاركها دولتنا!".
ومطلع هذا العام، كشف الرئيس ترامب النقاب عن خطته التي طال انتظارها "للسلام والازدهار ومستقبل أكثر إشراقًا للإسرائيليين والفلسطينيين". ووصف نتنياهو الخطة بأنها "فرصة القرن"، فيما شجبها الرئيس الفلسطيني ووصفها بـ"صفعة القرن".
وفي سبتمبر، في سبتمبر ، أشاد ترامب بـ "فجر شرق أوسط جديد" بعد أن وقعت الإمارات والبحرين اتفاقيات تطبيع علاقاتهما بالكامل مع إسرائيل - لتصبحا ثالث ورابع دولة عربية تعترف بإسرائيل منذ تأسيسها عام 1948.
إيران
في حين لم يتحدث ترامب مُطلقًا إلى الزعيم الإيراني حسن روحاني منذ وصوله إلى سُدة الحكم، فقد أمضى الكثير من الوقت في الحديث عن بلاده.
وكان من أولى خطوات إدارة ترامب فرض عقوبات جديدة على الإيران، ردا على تجربة صاروخ باليستي قالت طهران إنها لم تنتهك قرار الأمم المتحدة بشأن أنشطتها النووية.
وأكدت الولايات المتحدة أن طهران تواصل الامتثال لاتفاق الأمم المتحدة، لكن ترامب وصفها بأنها "صفقة مريعة" وأمر بمراجعتها رغم ذلك.
خلال جولة إلى إسرائيل في عام 2017، قال ترامب إن إيران "ينبغي ألا يُسمح لها بامتلاك سلاح نووي - أبدًا – وعليها أن تكف عن تمويلها القاتل وتدريبها وتجهيزها للإرهابيين والميليشيات". وفي تغريدة لاحقة، زعم أن إيران كانت تتعاون مع كوريا الشمالية لتطوير أسلحة نووية.
وفي مايو 2018، انسحب ترامب أخيرًا من الاتفاق النووي مع إيران. وقال: "من الواضح لي أنه لا يمكننا منع قنبلة نووية إيرانية في ظل الهيكل المتعفن والفاسد لهذه الصفقة".
وخلافا لنصيحة الحلفاء الأوروبيين، قال ترامب إنه سيعيد فرض العقوبات الاقتصادية التي تم التخلّي عنها عند إبرام الاتفاق النووي عام 2015.
في يونيو 2019، أعلنت إيران أنها ستتجاهل بعض البنود في الاتفاق وتبدأ في تكثيف تخصيب اليورانيوم منخفض الدرجة. ليردّ ترامب في تغريدة عبر تويتر:" احذري من التهديدات يا إيران. فقد تعود لعضك كما لم يُعض أحد من قبل!".
ثم في ديسمبر 2019 ، تحول الخطاب إلى أعمال عنف عندما شنت الولايات المتحدة ضربات جوية في العراق وسوريا ضد مليشيا عراقية مدعومة من إيران، يُلقى باللوم فيها على هجوم أسفر عن مقتل متعاقد مدني أمريكي.
ردًا على ذلك، هاجم متظاهرون السفارة الأمريكية في بغداد، وحمّل ترامب إيران المسؤلوية، مُغردًا: "سيدفعوا (الإيرانيون) الثمن غاليًا! إنه ليس تحذيرًا، بل تهديد".
وبعد يومين فقط ، قتلت غارة جوية أمريكية في العراق أقوى قائد عسكري إيراني، الجنرال قاسم سليماني.
وتوعّد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي "بالانتقام الشديد" من المسؤولين عن هذا الهجوم، وأطلقت إيران صواريخًا على القواعد الجوية التي تأوي القوات الأمريكية في العراق.
في سبتمبر، غرّد ترامب بشأن التقارير التي تفيد باستعداد إيران للرد على مقتل سليماني، وقال إن أي هجوم على الولايات المتحدة سيقابله هجومًا "أكبر 1000 مرة" على إيران.
السعودية
ترتبط المملكة العربية السعودية بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة منذ عقود، استمرت حتى عهد الرئيس ترامب.
أجرى ترامب أول رحلة خارجية له كرئيس إلى الرياض للقاء الملك سلمان بن عبدالعزيز. ووفق البيت الأبيض، وقّع حينها صفقات تزيد قيمتها عن 350 مليار دولار (270 مليار جنيه إسترليني).
وفي حين شابت بعض التوترات العلاقة بين واشنطن والرياض إبّان حكم الرئيس السابق باراك أوباما، في أعقاب الاتفاق النووي الذي أبرمته إدارته مع إيران، بدا ترامب حريصًا على إعادة المياه إلى مجاريها مع المملكة بعد أن انحاز إلى جانبها خلال المقاطعة مع قطر.
عندما أطلقت السعودية حملة تطهير ضد الفساد في نوفمبر الماضي، غرّد ترامب: "لديّ ثقة كبيرة في الملك سلمان وولي عهده،
إنهما يعرفان بالضبط ما ينبغي القيام به.. بعض أولئك (الفاسدون) الذين يعاملونهم بصرامة كانوا (يحلبون) بلادهم لسنوات! "
في الآونة الأخيرة، دعا ترامب، العاهل السعودي، لزيادة إنتاج المملكة من النفط ، وشكا من ارتفاع سعر برميل النفط بشكل كبير. وأعرب في تغريدة عبر تويتر عن امتنانه باتفقت الرياض وموسكو على صفقة لخفض إنتاج النفط في أبريل.
الإمارات
تحدث ولي العهد الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، هاتفيًا، مع ترامب، بعد أيام قليلة من تولي رجل الأعمال النيويوركي السابق رئاسة الولايات المتحدة.
وناقش الزعيمان مكافحة الإرهاب الدولي وأكّدا التزامهما "بتعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب الإسلامي المتطرف".
لم تكن الإمارات واحدة من دول الشرق الأوسط التي حاول ترامب حظر السفر منها إلى الولايات المتحدة عام 2017، وكان وزير الخارجية الإماراتي أحد المسؤولين القلائل في المنطقة الذين دافعوا عن هذه الخطوة.
ووصف الشيخ عبد الله بن زايد الحظر الذي اقترحه ترامب بأنه "قرار سيادي" وقال إن بعض الدول المدرجة في القائمة "تواجه مشاكل هيكلية" في حاجة إلى التعامل معها.
بدت قوة العلاقة بين البلدين جليّة مؤخرًا، عندما أعلن ترامب إشراف إدارته على صفقة بين الإمارات وإسرائيل، حيث تُطبّع الدولة العربية علاقاتها مع خصمها التاريخي.
قال ترامب أمام حشد من المئات تجمعوا في البيت الأبيض في سبتمبر من هذا العام، أثناء احتفاله بصفقة التطبيع بين إسرائيل والإمارات واتفاقية مماثلة مع البحرين: "بعد عقود من الانقسام والصراع، نحتفل ببزوغ فجر شرق أوسط جديد".
الكويت
التقى ترامب بأمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح للمرة الأولى خلال زيارته للسعودية في مايو 2017. وصفه بأنه "شخص مميز" وقال إن شراء الكويت "لكميات هائلة من معداتنا العسكرية" يعني توفير مزيد من الوظائف للأمريكيين.
وفي وقت لاحق من ذلك العام، زار الأمير الراحل البيت الأبيض وعقد مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا قال خلاله ترامب إن العلاقة بين الولايات المتحدة والكويت "لم تكن يومًا أقوى وأفضل مما هي عليه الآن".
كما أشار ترامب إلى "الاستثمارات الهائلة" التي أجرتها الكويت في الولايات المتحدة، لا سيّما في مبيعات الطائرات. وبعد المؤتمر الصحفي، أعرب ترامب للساسة في نيويورك ونيوجيرسي عن أسفه من أن طائرته لم تكن كبيرة مثل طائرة الأمير، وفقًا لمجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
وزار أمير الكويت البيت الأبيض مرة أخرى في عام 2018، حيث وصفه الرئيس ترامب بأنه "صديق خاص جدًا لي".
في وقت سابق من هذا العام، وبينما كان الأمير يعالج في الولايات المتحدة، منحه ترامب وسام جوقة الاستحقاق، وهو تكريم نادرًا ما يُمنح. وقال إنه "كان حقًا صديقًا وشريكًا لا يتزعزع للولايات المتحدة" و"دبلوماسي لا مثيل له ".
وفي سبتمبر، توفي الشيخ صباح في الولايات المتحدة عن عمر يناهز 91 عامًا، بعد صراع مع المرض.
قطر
أجرى ترامب أول مكالمة هاتفية مع أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في فبراير 2017، خلال محاولات الرئيس الأمريكي حظر السفر إلى بلاده، والتي أثرت على العديد من دول المنطقة، لا قطر نفسها.
وناقش الرجلان المعركة ضد ما يُطلق عليه تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، بالنظر إلى أن قطر عضو بارز في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم الإرهابي.
بيد أنه وبعد فترة وجيزة، قطعت مصر والسعودية والإمارات والبحرين علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع قطر، متهمة إياها بدعم وتمويل الإرهاب. الأمر الذي تواصل الدوحة نفيه بشدة.
وكان ترامب أول من انحاز للدول المقاطعة ومارس ضغوطًا على قطر في ألأزمة الخليجية التي ما تزال مُستمرة، معتبرًا أنها بمثابة "بداية النهاية لرعب الإرهاب".
في يونيو 2017، جدّد اتهامه لقطر بتمويل الإرهاب، مُغرّدًا: "خلال رحلتي الأخيرة إلى الشرق الأوسط، ذكرت أنه لم يعد مُمكنًا تمويل الأيديولوجية الراديكالية. وأشار القادة إلى قطر!".
وبعد عام تقريبًا، رحب ترامب بالشيخ تميم في البيت الأبيض، وأشاد به واصفًا إيّاه بـ"المدافع البارز" عن مكافحة تمويل الإرهاب. كما قال إنه كان "رجلًا نبيلًا" و"صديقًا".
التقيا مجددًا في البيت الأبيض في العام التالي. قال ترامب إن قطر كانت "تخلق الكثير من الوظائف" في الولايات المتحدة "بشراء كميات هائلة من المعدات العسكرية بما في ذلك الطائرات. وهم يشترون الطائرات التجارية ... نقدر ذلك كثيرا".
فيديو قد يعجبك: