ترامب وكورونا: لماذا غادر الرئيس المستشفى لفترة وجيزة لتحية أنصاره؟
كتبت- هدى الشيمي:
قالت شبكة سي إن إن الإخبارية أن إصابة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمرض كوفيد-19 الذي يسببه فيروس كورونا المستجد لم يقنعه بإعطاء الأولوية لمكافحة الوباء الذي أودى بحياة أكثر من 209 أمريكي على طموحه السياسي، ورغبته في الفوز بولاية ثانية في الاستحقاق الرئاسي.
خرج ترامب، أمس الأحد، من مركز والتر ريد الطبي العسكري الوطني لتحية أنصاره الذين تجمعوا خارجه حاملين الأعلام واللافتات، وقالت (سي إن إن) إن هذه الخطوة قد تعرض ضباط الخدمة السرية الذين ركبوا مع الرئيس السيارة لخطر كبير، كما أنها انتهاك لتوصيات الخبراء في الصحة والأطباء للتصدي لتفشي فيروس كورونا الذي أصاب 7 مليون أمريكي حتى الآن.
جاءت هذه الخطوة وسط حالة ارتباك حول الحالة الصحية الحقيقية لوضع الرئيس بعد عطلة نهاية الأسبوع التي بذل فيها جهودًا مُضنية للتقليل من خطورة إصابته بكوفيد-19، غير أن التفاصيل التي كُشف عنها بشأن وضعه الصحي تشير إلى أنه يعاني من مضاعفات ربما تكون خطيرة، مع ذلك قال الأطباء المُشرفون على حالته أنه ربما يعود إلى البيت الأبيض يوم الاثنين المُقبل.
"التعتيم على الحقيقة"
اعترف الدكتور شون كونلي، الطبيب المُشرف على حالة الرئيس الأمريكي، أمس الأحد بأن الفريق الطبي لم يُقدم الحقيقة الكاملة حول حالة ترامب الصحية.
منذ الإعلان عن إصابة ترامب بالمرض، سعى الرئيس الأمريكي والأطباء المُشرفون على حالته والفريق المختص بالعمل على حملته الانتخابية في التقليل من خطورة الإصابة بكوفيد-19، ولكن تناقض تصريحات الفريق الطبي بخصوص وضع الرئيس الصحي أعطى انطباعًا للأمريكيين بأن البيت الأبيض لا يخبرهم الحقيقة الكاملة عما يجري.
لفتت سي إن إن إلى أن الرسائل المتضاربة وتقديم أنصاف حقائق للمواطنين أظهرت عجز البيت الأبيض عن إدارة الأزمة بشكل صحيح، وفهم أهمية تقديم معلومات واضحة عن حالة الرئيس الصحية.
سجلت الولايات المتحدة 121 ألف حالة بكوفيد-19 و1800 وفاة يوم الجمعة الذي نُقل فيه ترامب إلى المركز الطبي العسكري، وقالت (سي إن إن) إن تلك الحالات الجديدة لن تحصل على رعاية صحية على مدار الساعة، ولن يلتف حولها أفضل الأطباء في البلاد، ولن يتسنى لهم الخروج والقيام بجولات بالسيارات كما هو الحال بالنسبة للرئيس الأمريكي، ومن المتوقع أن يموت أغلبهم بمفرده في غرفة الطوارئ بعيدًا عن احبائهم والأشخاص المقربين منهم.
وعن خروجه من المركز الطبي، قالت (سي إن إن) إنه من المفترض وضع العديد من ضباط الخدمة السرية الذين كانوا مع ترامب داخل السيارة في الحجر الصحي، رغم أنهم كانوا يرتدون أقنعة واقية ودروع للوجه ولكنهم كانوا على اتصال مباشر مع مريض بكوفيد-19، ما يجعلهم آخر ضحايا طموحات الرئيس السياسية.
"لحظة حرجة"
لا يمكن أن يبدو ترامب ضعيفًا في هذه اللحظة الحرجة. قالت الشبكة الإخبارية إن الرئيس الذي هاجم منافسيه في الحملتين الانتخابيتين 2016 و2020 وقال إن حالتهما الصحية لا تخولهما بأن يكونا رؤساء للولايات المتحدة، يسعى جاهدًا إلى إظهار أنه لائق صحيًا، لذلك خرج من المركز الطبي لمقابلة أنصاره دون التفكير في خطورة هذه الخطوة على الأشخاص المحيطين به.
قالت (سي إن إن) إن خروج ترامب من والتر ريد يكشف عن شعوره حيال التأثير السياسي لاحتجازه في المستشفى قبل 29 يومًا من عقد الانتخابات التي يتخلف فيها عن منافسه الديمقراطي جو بايدن في استطلاعات الرأي.
حتى الآن لا يزال من غير الواضح كيف تؤثر إصابة الرئيس بكورونا على الأسابيع الأخيرة من حملته الانتخابية، لفتت (سي إن إن) إلى ترامب عاجز الآن عن الطيران في جميع أنحاء البلاد واثارة حماس مؤيديه كما فعل في السابق، كذلك أصبح مُضطرًا للتحدث عن الوباء طوال الوقت في التجمعات الانتخابية وأثناء مخاطبته لأنصاره، وهو ما تجنب فعله خلال الفترة الماضية.
مع نفاد الوقت واقتراب موعد الانتخابات، قالت (سي إن إن) إن استطلاع رأي جديد أجرته (إن بي سي/ وول ستريت جورنال) أظهر تقدم بايدن بنسبة 53 % على ترامب الذي حصل على 39 % من أصوات الناخبين المسجلين على الصعيد الوطني وذلك عقب المناظرة الأولى التي جمعت بين المرشحين.
ووجد استطلاع آخر تم إجراؤه بعد الإعلان عن إصابة ترامب بكوفيد-19 أن 72 % من الناخبين يعتقدون أن الرئيس الأمريكي لا يتعامل مع خطر الوباء بفيروس كورونا على محمل الجد.
"وضع صحي مُقلق"
في وقت سابق من يوم الأحد، قال الأطباء إن الرئيس الأمريكي عانى أكثر من مرة انخفاض في مستوى الأكسجين، وأثار كونلي في مؤتمر صحفي، السبت، المزيد من الأسئلة وأدلى بتصريحات متضاربة حول حالة ترامب الصحية.
حاول طبيب الرئيس الأمريكي توضيح الالتباس المرتبط بوضع الرئيس الصحي، وقال إنه لم يذكر سابقًا مسألة انخفاض مستويات الأكسجين لدى ترامب، لأنه لم يرغب في اعطاء أي معلومات قد توجه مسار المرض إلى اتجاه آخر.
واعترف بأن مراوغته في الاجابة على الأسئلة التي طرحها عليه الصحفيين خلال الأيام الماضية جعلت الفريق يبدو وكأنه يحاول اخفاء شيء ما، مؤكدًا أن هذا غير صحيح.
أكد كونلي أن وضع الرئيس الأمريكي الصحي يتحسن، وأنه يستجيب للعلاج.
أعطى الأطباء الرئيس الأمريكي دواء الستيرويد ديكساميثازون، والذي أظهر فعالية في مساعدة مرضى كوفيد-19، وعادة ما يتم إعطاؤه للمرضى الذين يضعون على أجهزة تنفس ويعانون من نقص في مستوى الاكسجين.
وحسب تجارب اُجريت في بريطانيا، فإن هذا الدواء يكون مفيدًا في الوقت الذي يحتاج فيه مرضى كوفيد-19 إلى الأكسجين. وانخفضت مستويات الأكسجين في دم الرئيس الأمريكي إلى أقل من 94 %، وهو أحد معايير المعاهد الوطنية للصحة لتصنيف الحالات الخطيرة والشديدة المرض.
كذلك أثار كونلي الكثير من التساؤلات عندما رفض البوح عما كشفت عنه الأشعة السينية أو الأشعة المقطعية لرئتي ترامب.
لا يوجد أدنى شك في أهمية حماية سرية المرضى، ولكن وضع ترامب مختلف، حسب سي إن إن. أكدت الشبكة الأمريكية إن صحة الرئيس قضية حساسة ومؤثرة على الأمن القومي، لذا من الضروري رسم صورة كاملة وواضحة عما يحدث له.
ترى (سي إن إن) أن النهج الذي اتبعه الأطباء المُشرفون على حالة ترامب يوحي لكثيرين بأن البيت الأبيض كان يقلل من جدية وخطورة حالته الصحية، كما أنه يُشير إلى أن الرئيس كان يقاوم مرضًا يمكن أن تتدهور فيه حالة المريض بسرعة.
قال الدكتور باتريس هاريس، رئيس الجمعية الطبية الأمريكية، إن أطباء ترامب يعاملونه بعنف شديد، وأضاف: "بناءً على ما نعرفه حتى الآن، فإن الرئيس مريض وحالته الصحية سيئة".
وتابع دكتور هاريس:"نحن نعلم أنه خلال مسار كوفيد-19 يمكن للمريض أن يشعر بأنه على ما يرام، ثم فجأة تسوء حالته الصحية، ما يجعل خروج ترامب من المستشفى خطوة محفوفة بالخطر".
فيديو قد يعجبك: