تنظيم القاعدة "لا يزال يمثل تهديدا عالميا رغم اتفاق واشنطن وطالبان"
كابول- (بي بي سي):
حذر مسؤول كبير في الأمم المتحدة من أن تنظيم القاعدة لا يزال يشكل تهديدا عالميا على الرغم من وعود طالبان بمنع التنظيم من شن هجمات دولية من أفغانستان.
وقال منسق فريق الأمم المتحدة لمراقبة تنظيمي الدولة والقاعدة وحركة طالبان، إدموند فيتون-براون، لبي بي سي إن القاعدة لا تزال منخرطة بشكل كبير مع طالبان، وتتدرب معهم، وتشاركهم في العمل العسكري.
ووقعت طالبان في وقت سابق من هذا العام اتفاقا مع الولايات المتحدة وافقت فيه على منع القاعدة من شن هجمات إذا سحب الأمريكيون قواتهم من أفغانستان بحلول العام المقبل.
وقال فيتون-براون إن القاعدة لا تزال "متجذرة بقوة" داخل طالبان في أفغانستان، على الرغم من هذا الاتفاق الذي وصف في حينه بالتاريخي.
وأشار إلى أن طالبان وعدت القاعدة في الفترة التي سبقت الاتفاق بأن تظل الجماعتان حليفتين .
وقال فيتون-براون: "كانت طالبان تتحدث بانتظام وعلى مستوى عال مع القاعدة وطمأنتها بأنهم سيحترمون علاقاتهما التاريخية".
وقال إن العلاقة بين القاعدة وطالبان لم تتغير "بشكل جوهري" بسبب الصفقة التي أبرمت مع الولايات المتحدة، وإن "القاعدة مرتبطة بقوة بطالبان ويقومون بقدر كبير من العمل العسكري والتدريب مع طالبان، وهذا لم يتغير".
تضاؤل قوة القاعدة
كان القضاء على تهديد القاعدة، والإطاحة بنظام حركة طالبان، الذي كان يؤويها، هو سبب الغزو الأمريكي لأفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر 2001. وتعهد الرئيس جورج دبليو بوش، في ذلك الوقت، بمطاردة المسلحين حتى لا يجدوا "مكانا للهرب أو الاختباء أو الراحة".
وتضاءلت قوة القاعدة وقدرتها على شن هجمات في الغرب بشكل كبير خلال العقد الماضي. لكن يعتقد أن زعيمها أيمن الظواهري لا يزال في أفغانستان إلى جانب عدد من الشخصيات البارزة الأخرى في التنظيم.
ما هي المنظمات الإرهابية في الشرق الأوسط حسب التصنيف الأمريكي؟
وأعلنت أجهزة المخابرات الأفغانية السبت أنها قتلت حسام عبد الرؤوف، القيادي المصري البارز في تنظيم القاعدة، في عملية بمحافظة غزني. وقال فيتون-براون لبي بي سي إنه على الرغم من انخفاض ظهور القاعدة، فإنها ظلت "قادرة على تحمل الضغوط" و "خطيرة".
وأصر مسؤولو طالبان على أنهم سيلتزمون تماما بشروط اتفاقهم مع الولايات المتحدة، ومن بينها منع أي جماعة من استخدام الأراضي الأفغانية كقاعدة للتخطيط لشن هجمات على الولايات المتحدة وحلفائها. وتقول طالبان إنها تهدف فقط إلى إقامة "حكومة إسلامية" داخل أفغانستان، ولن يشكلوا أي تهديد لأي دولة أخرى.
وسلطت حركة طالبان الضوء أيضا على قتالها ضد تنظيم الدولة الإسلامية كمثال على التزامها بمجابهة المتطرفين الآخرين. لكن طالبان تعتبر تنظيم الدولة خصما لها، في حين أن لديها علاقة وثيقة مع القاعدة منذ نشأة التنظيم.
وقال فيتون-براون إنه لاحظ في تقارير حديثة مطالبة طالبان بعض المقاتلين الباكستانيين الأجانب في أفغانستان بتسجيل أسمائهم مع الحركة والالتزام بقواعد السلوك لديها التي تحظر الهجمات خارج أفغانستان.
وأضاف فيتون-براون أنه لم يتضح بعد إن كانت تلك الاتفاقية تنطبق على القاعدة، أو إن كانت خطوة "لا رجعة فيها" نحو منع المسلحين الأجانب الذين يشكلون تهديدا دوليا من أفغانستان.
غموض في الرد
وكان رد المسؤولين الأمريكيين غامضا عندما سئلوا عما إن كانوا يعتقدون أو لا يعتقدون أن طالبان ستفي بالكامل بالتزاماتها بشأن القاعدة، وكانوا غالبا ما يشيرون إلى أن تلك معلومات سرية.
وقال السفير ناثان سيلز، منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية، لبي بي سي: "نتوقع من طالبان احترام الالتزامات التي تعهدوا بها ... لإنهاء جميع العلاقات مع المنظمات الإرهابية في أفغانستان. ونعتزم مواصلة مراقبة الوضع عن كثب بدقة للتأكد من أن الأفعال تتطابق مع الكلمات".
ومع انزلاق الصراع الأفغاني إلى مأزق مميت ومكلف، أوضح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، رغبته في إعادة القوات الأمريكية إلى الوطن في أقرب وقت ممكن. وخفض العدد بالفعل إلى حوالي 4500، مع توقع انخفاض إضافي إلى 2500 بحلول يناير 2021.
الاتفاق لن يحل كل شيء
قال دبلوماسي يراقب العملية عن قرب لبي بي سي إن خطط الانسحاب الأمريكية لم تعد "قائمة على الشروط" بل "قائمة على الأجندة"، مما يشير إلى أن الأولوية القصوى للرئيس ترامب هي إنهاء أطول حرب أمريكية على الإطلاق. وبدا الرئيس أحيانا غير منسجم مع المستشارين العسكريين، وانتقد في الفترة الأخيرة مسؤولي الدفاع الذين "لا يريدون فعل أي شيء سوى خوض الحروب"، على حد قوله.
وحذر رحمة الله أندر، القائد السابق في طالبان والمتحدث باسم مجلس الأمن القومي للحكومة الأفغانية الآن، في حديث مع بي بي سي، من خطر عودة ظهور القاعدة والجماعات المسلحة العالمية الأخرى.
وقال "قد يعتقد الأمريكيون أن الاتفاق الذي وقعوه مع طالبان سيحل كل شيء". لكن الوقت سيثبت أن الأمر ليس كذلك.
وكان مسؤولو طالبان أيضا غامضين عندما سُئلوا عن علاقتهم بالقاعدة، مدعين أحيانا أن الجماعة لم يعد لها أي وجود في أفغانستان. وفي العام الماضي، نشر تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية، وهو فرع إقليمي للتنظيم، شريط فيديو لكمين نصبه لقوات الحكومة الأفغانية دعما لطالبان.
ويبايع أعضاء تنظيم القاعدة أمير حركة طالبان أو زعيمها. وعندما سُئل مسؤول في طالبان في الدوحة العام الماضي عن كيفية قمع طالبان لمجموعة تتعهد بالولاء لزعيمها، ادعى أن آخر قسَم لزعيم القاعدة لم "يقبل" رسميا. وقال مسؤول سابق آخر في طالبان لبي بي سي إن البيعة يمكن اعتبارها "باطلة" إذا خالفت القاعدة أوامر طالبان بالامتناع عن التخطيط لهجمات في الخارج.
إن الطريقة التي ستتطور بها علاقة طالبان بالقاعدة هي التي ستحدد مستقبل عملية السلام الأفغانية. ولعل أكثر المطالب الملموسة التي يجب تلبيتها كجزء من اتفاقية الانسحاب بين الولايات المتحدة وطالبان هي التزامات طالبان بشأن الإرهاب الدولي. ولكن من المرجح أن تكون هذه قضية خلافية تؤدي إلى الانقسام، إذ يعتقد أن المتشددين في طالبان يعارضون أي إجراءات تقطع صلاتهم بالقاعدة.
ويخشى أن تفقد عملية السلام الأفغانية زخمها على أي حال. وعلى الرغم من بدء المفاوضات التي تأخرت طويلا بين طالبان ووفد تقوده الحكومة الأفغانية الشهر الماضي في قطر، فقد استمر العنف، بل اشتد في الأسابيع الأخيرة.
وتوقفت المفاوضات وسط محاولات لحل قضايا أولية، مع وجود قضايا أخرى رئيسية، مثل وقف إطلاق النار، أو ترتيب تقاسم السلطة، مما لم يناقش بعد. وهناك مخاوف من أنه إذا انسحبت القوات الأمريكية العام المقبل، قبل التوصل إلى اتفاق، فقد يتصاعد العنف وتعمل طالبان من أجل تحقيق نصر عسكري.
وحذر فيتون-براون من أنه إذا انهارت عملية السلام، فيمكن للقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية محاولة استغلال "الفضاء غير الخاضع للحكومة" في أفغانستان.
وقال "كلتا المجموعتين لديها تطلع معلن لتشكيل تهديد دولي".
فيديو قد يعجبك: