قتلت العشرات وأصابت المئات..ماذا نعرف عن حمى الوادي المتصدع بالسودان؟
كتبت- رنا أسامة:
تتفشى حمى الوادي المتصدع في السودان، التي أودت بحياة العشرات وطالت أكثر من ألف شخص آخرين، حسبما قال أطباء محليون في الولاية الشمالية لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
ونقلت الصحيفة عن أطباء سودانيين قولهم إن المرض تفشّى في مدن مروي وكريمة، لا سيّما بين رعاة الماشية.
ومع ذلك، نفت الحكومة السودانية حتى الآن تفشي المرض. وفي 10 أكتوبر، قال قائد قوات الدعم السريع في السودان محمد حمدان دقلو (حميدتي) في مناسبة بالخرطوم إن البلاد خالية من الحمى: "ليس لدينا مرض حمى الوادي المتصدع في السودان .. ليس لدينا على الإطلاق."
غير أن عبدالهادي الجنديل، فني مختبر سابق في قرية بالقرب من مروي، قال إن عمه (50 عامًا) وصهره (27 عامًا) توفيا بسبب المرض الذي يمكن أن يصيب البشر والحيوانات. وأضاف أن كلاهما وافته المنيّة في غضون يومين من ظهور الأعراض.
وقال الجنديل: "مَرِض شقيق زوجتي أولًا، وظنوا أنه مصاب بالملاريا لكنه لم يكن كذلك. بعد خضوعه لثلاثة اختبارات، تدهورت حالته. كان يعاني من فشل كلوي واحتاج إلى نقل دم، لذلك أُرسِل إلى الخرطوم. لكن مستشفيات عدة رفضت استقباله.. وفي نهاية المطاف وافق مستشفى واحد فقط على علاجه "، بحسب الجارديان.
وأضاف: "سافر عمي لرؤيته في الخرطوم، لكن بعد يومين اكتشفنا أن الأعراض ذاتها ظهرت عليه، وفاضت روحه".
وأشار إلى ظهور أعراض مُشابهة لليرقان على أقاربه، بما في ذلك انخفاض ضغط الدم والفشل الكلوي والكبد.
ويُعرف اليرقان بأنه إصفرار لون الجلد وبياض العينين.
والعام الماضي، توفي 11 شخصًا في السودان بسبب حمى الوادي المتصدع، وأصيب مئات بعد انتشار المرض عبر ولايتي البحر الأحمر والنيل الأبيض، وفق الجارديان.
وهذا العام، ظهرت أولى حالات المرض بين السودانيين في أواخر أغسطس الفائت، بعد هطول أمطار غزيرة غير مسبوقة وفيضانات النيل. وبحسب الصحيفة، هناك الآن حوالي 10 ملايين شخص في السودان معرضون لخطر الإصابة بأمراض تنقلها المياه مثل الكوليرا بسبب الفيضانات، وملايين آخرين معرضون للإصابة بالملاريا.
وفي وقت سابق من العام الجاري، أعلن وزير الصحة السوداني السابق أكرم التوم، تفشي حمى الوادي المتصدع بين الحيوانات.
قالت منى الأرباب، أخصائية الصحة العامة بمستشفى الضمان الخاص في مروي ، إن المستشفى خصص جناحًا كاملًا لمرضى حمى الوادي المتصدع. وأضافت: "نستقبل حوالي 80 حالة في اليوم. بعض الناس يأتون إلى المستشفى وهم ينزفون ويموت هؤلاء المرضى عادة".
على إثر ذلك، أعلنت الحكومة السودانية حالة طوارئ صحية عامة في مروي، لكنها لم تؤكد أن الفاشية هي حمى الوادي المُتصدع.
وقال حاكم مروي، أمل عزالدين، إن 63 شخصًا لقوا حتفهم وأصيب 1512 بأمراض مختلفة دون أن يحدد ماهية هذه الأمراض. وقال القائم بأعمال وزير الصحة، أسامة عبدالرحيم، إن الملاريا تتفشى وأن حوالي 70 ألف حالة يتم تسجيلها أسبوعيًا، وفق "الجارديان".
وحمى الوادي المتصدع مرض فيروسي حيواني المنشأ، يُنقل عن طريق البعوض، يصيب الحيوانات في المقام الأول ويمكنه أيضًا إصابة البشر. وتنجم العدوى لدى البشر في أغلبية الحالات عن ملامسة دم حيوانات موبوءة أو أعضائها بصورة مباشرة أو غير مباشرة. ويزداد خطر التعرض للعدوى لدى مربي المواشي، والمزارعين، والعاملين في المجازر والأطباء البيطريين.
ووفقًا للموقع الإلكتروني الرسمي لمنظمة الصحة العالمية، فإن حمى الوادي المتصدع متوطنة في السودان. وسبق توثيق ظهور ثلاث فاشيات فيها في الأعوام 1973 و1976 و2008 و2019.
وقد تؤدي التحركات غير المحدودة لمجموعات الحيوانات داخل حدود البلد وخارجها إلى زيادة انتشار المرض في مناطق جديدة. وقد تتسبب في خسائر اقتصادية لا يُستهان بها نتيجة لفرض قيود على تنقل المواشي وتجارتها، وارتفاع معدلات الوفيات والإجهاض لدى الحيوانات المصابة بالعدوى.
شكا الأطباء للجارديان من عدم توافر أجهزة اختبار "سي بي سي" لفحص تعداد الدم الكامل بالولاية الشمالية، ما يجعل عملههم شاقًا.
قالت الدكتورة منال حسن، طبيبة عامة في مستشفى مروي العام، إن المستشفى مكتظة بحالات حُمى شديدة. وأوضحت: "من بين 80 حالة نستقبلها يوميًا، 50 منهم مُصابون بهذه الحمى، وشاهدت شخصيًا ثلاثة أشخاص يموتون بسببها".
وأضافت أن بعض مرضى حمى الوادي المتصدع يتواجدون في نفس مكان مرضى يعانون أمراضًا أخرى، مع اكتظاظ الأجنحة داخل المستشفى. الأمر الذي وصفته بأنه "خطير للغاية" لأنهم قد يُصابون بالحمى.
فيديو قد يعجبك: