هل تواجه مغامرة أردوغان التوسعية في الشرق الأوسط نهايتها؟
كتب - محمد عطايا:
منذ ما يقرب من العقدين، حاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، توسيع نفوذ بلاده في المنطقة، إلا أن محاولاته تلك تبدو اليوم أبعد من أي وقت مضى، وذلك بحسب ما ذكرته شبكة "سي إن إن" التركية.
منذ توليه حقيبة رئاسة مجلس الوزراء في أوائل الألفية الثالثة، حاول أردوغان، إظهار قوة إقليمية وتوسيع نفوذه على الدول السابقة التي كانت ضمن نطاق الدولة العثمانية، وهو ما تحقق بشكل كبير في البداية في مصر وسوريا، وذلك وفقًا لـ"سي إن إن"، تحديدًا بعد تولي جماعة الإخوان الحكم في القاهرة، بعد ما يسمى بـ"الربيع العربي"، واندلاع الحرب الأهلية في دمشق.
رفض عربي وأوروبي
ترجع الشبكة الأمريكية، تراجع النفوذ التركي في المنطقة، إلى الرفض العربي والأوروبي لها في المنطقة.
وأوضحت "سي إن إن"، أنه بعد مرور نحو عقد من الثورات التي اندلعت في الشرق الأوسط، أصبح حلفاء تركيا في المنطقة، وهي جماعة الإخوان المسلمين، قوة متضائلة بشكل كبير.
وكشفت "سي إن إن"، أنه بعيدًا عن قطر والصومال وحكومة الوفاق في ليبيا، أصبح التواجد التركي في المنطقة العربية غير مرغوب به، لدى قادة الدول العربية.
وخارج نطاق الدول العربية، أثار أردوغان، حسبما ذكرت "سي إن إن"، حفيظة الدول الأوروبية، مثل فرنسا واليونان وقبرص، التي حاولت علناً احتواء نفوذ تركيا في شرق البحر المتوسط.
الرفض العربي والأوروبي للنفوذ التركي في المنطقة، لم يكن العائق الوحيد أمام أحلام أردوغان التوسعية، ولكن التدهور الاقتصادي -وفقًا لـ"سي إن إن"، الذي فاقمه تفشي وباء "كوفيد-19"، أدى إلى تقليص قدرة أردوغان على تخليص بلاده من عزلتها التي تتزايد يوميًا.
قال مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، سونر كاجابتاي، إن الدول المعادية لتركيا وجدت أرضية مشتركة مع الدول الأوروبية.
وأضاف أن مصر كثفت تعاونها الاستراتيجي مع حلفائها في المنطقة، ما أدى إلى تقليص نفوذ أنقرة في المنطقة.
وأكدت الشبكة الأمريكية، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي حافظت إلى حد كبير على علاقتها مع تركيا، أظهرت في الآونة الأخيرة قلقًا من تحركات أنقرة.
وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إنه "قلق للغاية" من تصرفات تركيا في شرق البحر المتوسط.
وفي الشهر الماضي، أعلنت الولايات المتحدة أيضًا أنها ستتنازل عن حظر بيع الأسلحة المفروض على قبرص منذ عقود.
أكد المحلل التركي والباحث الزائر في مؤسسة كارنيجي أوروبا، سنان أولجن أن "الرفض للتواجد والتحركات التركية لم يأتي بين عشية وضحاها، ولكن حدث نتيجة لسياسة خارجية لأنقرة أكثر صراعًا وأكثر قتالية".
ركود الاقتصاد
أكد محللون أن الظروف التي مكنت أردوغان من مغامرة توسيع نفوذه خارجيًا "تبخرت"، لافتين إلى أن العامل الأقوى هو التدهور الاقتصادي الذي كان في السابق يعزز محاولات أردوغان، ولكنه حاليًا أدى إلى خسائر كبيرة لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات البلدية، فضلًا عن التراجع على الساحة الدولية.
وتقول الشبكة الأمريكية، إنه في السنوات الأخيرة، شهدت العملة التركية انخفاضًا في بعض الأحيان، وتضخم الدين الحكومي، وارتفاع التضخم.
وأضافت أنه كما هو الحال مع العديد من الاقتصادات الأخرى، فمن المتوقع أن ينكمش الاقتصاد التركي في عام 2020، لكنه قد يتعافى في العام المقبل.
وقال محللون لشبكة "سي إن إن"، إن "الاقتصاد هو مصدر قوة أردوغان، ليس فقط على المستوى المحلي ولكن أيضًا في السياسة الخارجية".
وأضافوا أنه "لا يحدد الاقتصاد فقط ما إذا كان بإمكان تركيا الاستمرار في استعراض عضلاتها، ولكن أيضًا مدى توغله خارجيًا".
فيديو قد يعجبك: