لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تحديان وشبح انقلاب.. هل تنجح حكومة الوفاق السودانية هذه المرة؟

05:19 م الأحد 25 أغسطس 2019

مستقبل السودان بعد الاتفاق

كتبت- هدى الشيمي:

وصل قطار المفاوضات بين المجلس العسكري والحركة الاحتجاجية في السودان إلى محطته النهائية منتصف الشهر الجاري بتوقيع الطرفين اتفاق تقاسم السلطة لمرحلة انتقالية تمتد لأكثر من ثلاث سنوات.

جاء الاتفاق بعد مفاوضات استمرت لأربعة أشهر منذ إطاحة الجيش بالرئيس السابق عمر البشير على إثر احتجاجات واسعة ضد حكمه الذي استمر قرابة الثلاثة عقود منذ أن قاد انقلابا دعمه الإسلاميون ضد آخر حكومة مدنية منتخبة في 1989.

واحتفى العالم بمراسم توقيع الاتفاق في العاصمة الخرطوم في السابع عشر من أغسطس الذي وصفه البعض بـ"فرح السودان"، وسط حضور زعماء دول إقليمية ومبعوثين دوليين على رأسهم رئيس الوزراء الاثيوبي آبي أحمد الذي قادت بلاده جهود الوساطة بين الجيش والمحتجين في السودان، إلى جانب الاتحاد الأفريقي. كما حضر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي مندوبا عن الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الدورة الحالية للاتحاد الافريقي.

إدارة جديدة

أسس الاتفاق لإدارة جديدة تشارك فيها العسكريون والمدنيون، تعمل على وضع أسس بناء دولة ديمقراطية بعد عقود من الاستبداد، بيد أن الحكومة الجديدة تواجه الكثير من العقبات على رأسها إعادة بناء الاقتصاد المتداعي، الذي كان الشرارة التي أججت الانتفاضة ضد البشير في ديسمبر الماضي، فضلا عن إحلال السلام في ربوع السودان الذي عانى من الحرب الأهلية خاصة في إقليم دارفور مطلع الألفية الجديدة.

وفي علامة على إدراك قوى إعلان الحرية والتغيير، التي تمثل المحتجين، مدى عمق الأزمة الاقتصادية في البلاد، وقع اختيارها على الاقتصادي المحنك عبد الله الحمدوك، المسؤول السابق في الأمم المتحدة، ليترأس مجلس الوزراء الذي يشكله الائتلاف.

وعانى اقتصاد السودان من الحكم الاستبدادي لنظام البشير، الذي خصص ميزانية ضخمة للحروب التي خاضها ضد الحركات المسلحة في دارفور وكردفان والنيل الأزرق. كما أن انفصال الجنوب بعد استفتاء في 2011 شكل ضربة شديدة لقطاع النفط العصب الرئيس للاقتصاد السوداني؛ وحرم الخرطوم من ثلاثة أرباع انتاج النفط.

تحديات أمام الخرطوم

تقول رشا عوض، رئيس تحرير جريدة "التغيير" السودانية، إن التحديات التي تواجهها الخرطوم خلال الفترة الراهنة تتمثل في تحد سياسي وآخر اقتصادي، وهما على علاقة وثيقة ببعضهما البعض، ويتوقف نجاح كل منهما على الآخر.

وأضافت: "التحدي الكبير الذي تواجهه الخرطوم الآن رهين ببدء عملية سياسية مسؤولة، ووجود برنامج يتم التوافق عليه لتقديم حلول إسعافية وأخرى استراتيجية بعيدة المدى".

وأوضحت: "النجاح في تجاوز العقبات الاقتصادية الكبيرة متوقف على تخطي العقبات السياسية والتي على رأسها تحقيق السلام ونزع فتيل الحرب نهائيا".

وقالت عوض إن تعيين حمدوك رئيسا للوزراء "مدعاة للتفاؤل"، بحكم صلته بالمؤسسات الاقتصادية الدولية.

وقالت: "يعلم حمودك الشفرة التي تشغل الاقتصاد العالمي بحكم خبرته ومعارفه، وبالتالي يستطيع أن يحقق للسودان أكبر استفادة ممكنة، فضلاً على أنه رئيس وزراء توافقي يحظى باحترام كبير من القوى السياسية والشعبية".

وعانى السودان من عقوبات أنهكت اقتصاده فرضتها عليه واشنطن لمدة 20 عامًا، كما وضعتها في قائمة الدول الراعية للإرهاب عام 1997، خاصة وأن التقارير الاستخباراتية الأمريكية وجدت أن الخرطوم كانت ملاذًا للمجاهدين والإرهابيين الذين توجهوا إلى هناك لكي يحصلوا على الدعم والتدريب، وكان من بينهم الأفغان العرب الذي قاموا بالجهاد في الاتحاد السوفيتي سابقًا.

وبدأت الانفراجة في ملف العقوبات عام 2015، عندما سمحت الولايات المتحدة للشركات الأمريكية بتصدير أجهزة اتصالات شخصية وبرمجيات تتيح الاتصال بالإنترنت.

وفي عام 2017 أعلنت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما رفع العقوبات الاقتصادية جزئياً عن الخرطوم.

تحفيز الدول المانحة

يقول عيسوي إنه إذا تمكنت الحكومة الانتقالية من معالجة قضايا حقوق الإنسان والحريات، وغيرها من القضايا ومكافحة الإرهاب، فإن ذلك من شأنه تحفيز الدول المانحة وفي مقدمتها الولايات المتحدة على إنهاء مقاطعتها وعقوبتها على السودان، وبالتالي ضخ أموال في استثمار النظام السوداني الاقتصادي المنهار، حسبما يوضح عيسوي.

استلم السودان 300 مليون دولار من قبل صندوق النقد العربي، و250 مليون دولار من صندوق النقد السعودي، إضافة إلى250 مليون دولار من البنك المركزي الإماراتي، و200 مليون دولار من صندوق التنمية الكويتي، فضلا عن دعم عيني من السعودية تمثل في الوقود والقمح والأدوية، حسبما نقلت وكالة رويترز.

ونوّه الخبير في الشؤون الأفريقية، إلى احتمالية نزول الجماهير إلى الشارع مرة أخرى، إذا وجدوا أن الحكومة الجديدة عاجزة عن تحويل مطالبهم إلى أمور ملموسة على أرض الواقع.

ولا يمكن إغفال أهمية التوصل إلى أرض مشتركة مع الجماعات المُسلحة، وشدد عيسوي على أن جزء كبير من حل الأزمة في السودان يعتمد على إمكانية اقناع الحركات المسلحة في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق على توقيع اتفاقية سلام، وإنهاء التمرد، حتى لا يعودون إلى استئناف القتال مرة أخرى.

محاولات لتحقيق السلام

وفي محاولة لتحقيق السلام، التقى كل من رئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي، ورئيسا الحركة الشعبية/ شمال عبد العزيز الحلو، ومالك عقار، لبحث تحقيق الانتقال الديمقراطي والسلام، في جوبا.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم الجبهة الثورية، محمد زكريا، أن رئيس دولة جنوب السودان، سلفا كير ميارديت قدم الدعوة أيضا إلى رئيس حركة جيش تحرير السودان، عبد الواحد محمد نور، ورئيس تجمع قوى تحرير السودان، الطاهر حجر.

وجاء ذلك بعد بدء حكومة جنوب السودان وساطة لإنهاء الخلافات بين الفصائل المسلحة السودانية في نوفمبر الماضي، والعمل على تسهيل تحقيق السلام في الخرطوم.

دور تخريبي

وفيما يتعلق بالتحديات السياسية، شددت رشا عوض، المُحللة السودانية على أهمية مواجهة النظام القديم، والذي من المتوقع أن يلعب دورًا تخريبًا في الفترة الانتقالية بغرض منعها من تحقيق أهدافها بالتالي يعثر على نافذة للعودة مُجددًا، لاسيما وأنه في نهاية المرحلة الحالية ستُعقد انتخابات حرة ونزيهة لاختيار حكومة مدنية مُنتخبة.

كذلك حذر عيسوي، خبير في الشؤون الأفريقية، من امكانية حدوث انقلاب آخر في السودان. وقال، لمصراوي: "قد تحاول العناصر الموالية للنظام السابق الانقلاب، وقد يحدث انقلاب داخل الجيش، أو ينفذه هؤلاء ممن يخشون أن يتم عزلهم أو تتم محاكمتهم بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية".

وأعلن المجلس العسكري أكثر من مرة منذ الإطاحة بالبشير، إفشال محاولات انقلابية اعتقل على إثرها مجموعة من العسكريين أبرزهم رئيس الأركان المشتركة للقوات المسلحة السودانية.

aasd

ورغم أنها تعتبر ما جرى في السودان خطوة عملاقة نحو تحقيق الديمقراطية، ترى أماني الطويل، مدير البرنامج الإفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن نجاح الثورة لا يزال طويلاً.

وأوضحت الطويل، من خلال منشور على حسابها الرسمي بموقع فيسبوك، أن الشعب السوداني تمكن خلال السنوات الخمسين الأخيرة من إسقاط ثلاث ديكتاتوريات خاض معها مفاوضات ساعدت على تشكيل تحالفات، ما يجعل الخبرة السودانية حاضرة في الذهنية الشعبية والسياسية.

ولفتت الطويل إلى الدور الذي لعبته لجان الأحياء السودانية التي لم تكتفِ فقط بالتظاهر أو الاعتصام، ولكنهم تمكنوا من تنظيم تفاعلات الحركات الثورية في الشارع على أيدي قيادات غير معروفة على مستوى الأحزاب، علاوة على العصيان المدني الذي يتسلح به السودانيون من أجل تحقيق مرادهم، والذي أثبت فعاليته عند إسقاط النميري والبشير.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان