لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

فنزويلا.. زعيم النفط بأمريكا اللاتينية يسقط في أسوأ أزمة غير حربية

12:06 ص الأحد 19 مايو 2019

الأزمة في فنزويلا

كتب - هشام عبد الخالق:

يرى العديد من خبراء الاقتصاد حول العالم أن الأزمة الحالية التي تضرب فنزويلا تمثل أكبر انهيار تشهده سوق تجارية منفردة في السنوات الخمس والأربعين الأخيرة، بحسب ما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز"، في تقرير جديد لها.

ويقول كينيث روجوف أستاذ علوم الاقتصاد بجامعة هارفارد كبير خبراء الاقتصاد السابقين في صندوق النقد الدولي للصحيفة: "من الصعب التفكير في أزمة إنسانية طاحنة كتلك التي تشهدها فنزويلا في بلد لم يتعرض لحرب".

صورة 1

وأشارت الصحيفة إلى أن صندوق النقد الدولي استطاع تشبيه ما يحدث في فنزويلا حاليًا بالأزمات الاقتصادية التي تضرب ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي، ولبنان في سبعينيات القرن الماضي.

لكن فنزويلا، التي كانت في وقت ما أغنى بلاد أمريكا اللاتينية، لم تمزقها الحروب الأهلية أو الصراعات المسلحة، وإنما الحكم السيء والفساد والسياسات المضللة للرئيس نيكولاس مادورو وسلفه هوغو شافيز، والتي ساهمت في تغذية التضخم وإغلاق الشركات وتركيع البلاد، وزاد هذا الأثر في الأشهر الأخيرة بعد فرض إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوبات صارمة عليها.

وتقول الصحيفة إن التدهور الذي شهده اقتصاد البلاد أعقبه سيطرة للعصابات المسلحة على مدنٍ بأكملها، وانهيار في الخدمات العامة وتقلص بالقوة الشرائية لمعظم الفنزويليين. كما تأثرت الأسواق بانقطاع التيار الكهربائي المتكرر، وشوهد موظفين حكوميين يبحثون في أكوام القمامة عن بقايا الطعام والبلاستيك القابل لإعادة التدوير.

وفي مدينة ماراكايبو، الواقعة على الحدود مع كولومبيا، والتي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة تقريبًا، لم يعد باستطاعة السكان شراء اللحوم، وتوقف الجزارون عن بيعها في هيئتها الأساسية، وأصبحوا يبيعون بقايا الحيوانات وحوافر الأبقار، كونها البروتين الحيواني الوحيد الذي يستطيع السكان توفيره.

صورة 2

تفاقمت الأزمة بسبب العقوبات الأمريكية التي تهدف إلى إجبار الرئيس نيكولاس مادورو على التنازل عن السلطة لزعيم المعارضة خوان جوايدو، وأدت العقوبات التي فُضت مؤخرًا على شركة النفط الحكومية الفنزويلية إلى صعوبة بيع الحكومة مصدر دخلها الأساسي (النفط). وبهذه الخطوة جعلت الإدارة الأمريكية من الصعب على فنزويلا استيراد أي سلع، بما في ذلك الغذاء والدواء.

ويلقي مادورو باللوم في الجوع ونقص الإمدادات الطبية على الولايات المتحدة وحلفائها، لكن معظم الاقتصاديين المستقلين يقولون، بحسب الصحيفة الأمريكية، إن الركود بدأ قبل سنوات من العقوبات، وأن إجراءات الولايات المتحدة سرّعت من الأمر فقط.

وقال مادورو لمؤيديه في تجمع انتخابي: "نحن نخوض معركة عنيفة ضد العقوبات الدولية التي جعلت فنزويلا تخسر ما لا يقل عن 20 مليار دولار في 2018 فقط، أصبح الأمر أشبه بالحصار بعد أن منعونا من شراء أي منتجات من الخارج".

وتقول الصحيفة إن نقص المنتجات أدى لأزمات إنسانية متفاقمة بالنسبة لمعظم السكان، على الرغم من وجود مجموعة أساسية من كبار الضباط العسكريين والمسؤولين رفيعي المستوى الموالين لمادورو، المستفيدين من الموارد المتبقية والرابحون من العمليات غير المشروعة.

صورة 3

وتتمتع فنزويلا بأكبر احتياطي نفطي في العالم. لكن إنتاجها من النفط، الذي كان الأكبر في أمريكا اللاتينية، انخفض بشكل أسرع في العام الماضي مقارنة بالعراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003، وفقًا لبيانات منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وفقدت فنزويلا عُشر سكانها خلال العامين الماضيين بسبب هجرة الناس منها، مما تسبب في أكبر أزمة لاجئين في أمريكا اللاتينية على الإطلاق.

التضخم المفرط في فنزويلا، المتوقع أن يصل إلى 10 ملايين في المائة هذا العام وفقًا لصندوق النقد الدولي، قد يدخل البلاد في أطول فترة من ارتفاع الأسعار منذ الأزمة التي شهدتها جمهورية الكونغو الديمقراطية في التسعينيات. وقال سيرجي لاناو، نائب كبير الاقتصاديين بمعهد التمويل الدولي: "هذا في الأساس انهيار كلي للاستهلاك".

صورة 4

وينظر المعهد إلى الانخفاض في الإنتاج الاقتصادي لفنزويلا في عهد مادورو على اعتبار أنه أكبر انخفاض تشهده أي دولة ليست في حالة حرب منذ 1975 على الأقل، ويتوقع أنه بحلول نهاية العام الحالي سيكون إجمالي الناتج المحلي لفنزويلا قد انخفض بنسبة 62% منذ بداية الركود في عام 2013، وذلك بالتزامن مع وصول مادورو إلى السلطة.

وترى الصحيفة أن الحكومة تركز مواردها النادرة الآن في العاصمة كاراكاس، لكن لم يعد لها وجود فعلي في المناطق النائية وخاصة في ولاية زوليا الأكثر اكتظاظًا بالسكان في البلاد.

وانخفض الدخل الحقيقي في فنزويلا إلى مستويات لم تشهدها منذ 1979، بحسب تقديرات معهد التمويل الدولي، وهو ما ترك الكثيرون يصارعون للبقاء على قيد الحياة بجمع الحطب والفاكهة.

صورة 5صورة 6

ويقول ميجيل جونزاليس، رئيس مجلس المجتمع المحلي في مدينة أركو ايريس العشوائية في ماراكايبو: "تتحدث الحكومة عن حلول على المدى الطويل والمتوسط، لكن الجوع لا ينتظر أحد"، مضيفًا أنه خسر وظيفته في فندق أثناء عمليات النهب التي شهدتها البلاد في مارس الماضي، حينما استولى المهاجمون على كل شيء حتى إطارات النوافذ وأسلاك الكهرباء، ويجمع جونزاليس الخوخ البري لبيعه مقابل بضعة سنتات في حدائق المدينة.

وتقول الصحيفة إنه كلما ابتعدت عن العاصمة كاراكاس تزداد الأمور سوءًا، مثل جزيرة "توس" التي كانت وجهة سياحية شاعرية لحوالي 12000 شخص، أهملت بشكل كبير الآن.

خوسيه إسبينا، أحد سائقي التاكسي يقول: "لا يوجد أي نوع من أنواع الحكومات هنا، لا محلية ولا إقليمية، نحن نعتمد على أنفسنا بشكل تام".

صورة 7

لا تتوفر الكهرباء والمياه الجارية في الجزيرة إلا لبضع ساعات في اليوم، ولا تصل إمدادات الطعام المدعومة من الحكومة إلا أحيانًا، وبسبب التضخم انخفضت ميزانية الجزيرة بأكملها إلى ما يعادل 400 دولار في الشهر، أو 3 سنتات فقط لكل شخص، بحسب رئيس البلدية هيكتور نافا.

لا توجد أدوية في المستشفيات، ويقول أطباء في المستشفى إن آخر شخص نُقل إلى المستشفى توفي من الألم بعد يوم واحد بسبب نقص أدوية علاج الكلى. وفي الوقت الحالي تحتضر آنايلين نافا البالغة من العمر عامين، في كوخ قريب بسبب سوء التغذية والشلل العضلي، ولا تملك والدتها نقودًا لنقلها إلى كولومبيا لتلقي العلاج.

صورة 9

وبعد السرقات التي تعرضت لها الجزيرة في مارس الماضي، وخاصة سرقة كابلات الكهرباء، تعاون أصحاب المحال التجارية لإصلاح خطوط الكهرباء، واستمرار تشغيل أبراج الاتصالات، وشراء الديزل لمولدات النسخ الاحتياطي.

ويقول خوان كارلوس، أحد الجزارين في الجزيرة: "لقد قمنا بما يفترض أن تقوم به الحكومة، ولكننا لا نستطيع حماية أنفسنا ضد العصابات المسلحة، كل ما نأمل به أن تتحسن الأوضاع قريبًا".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان