"هآرتس": هل تتسبب العقوبات الأمريكية في ثورة شعبية تطيح بنظام "الخميني"؟
كتب - هشام عبد الخالق:
استعرضت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في تحليل جديد لكاتبها تسيفي بارئيل، أبرز التوترات التي تشهدها المنطقة العربية حالياً، الذي قال إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طلب من الإيرانيين الاتصال به إذا أرادوا التوصل إلى اتفاق، ولكن جاء رد الإيرانيين حاسمًا بأنهم لا يرغبون في هذا، وأنهم لا يثقون في الأمريكيين أو الأوروبيين.
وفي نفس الوقت حذرت إيران الولايات المتحدة، من أن أي هجوم من جانب واشنطن سيقابله رد فعل عنيف من الجانب الإيراني، ولكن قال المرشد الأعلى علي خامنئي أيضًا إنه لن يكون هناك حرب مع الولايات المتحدة.
وتعرضت ناقلتا نفط سعوديتين وأربع سفن تجارية للتخريب على أيدي "مجهولين"، واتهمت الرياض طهران بذلك، ولكن أنكرت الأخيرة، وأطلقت مليشيا الحوثي صواريخ على منشآت نفطية سعودية.
وتساءل الكاتب، ماذا يحدث في المنطقة بالتحديد؟ وهل يعرف أي شخص ماذا يحدث فعلًا؟ هل ستبدأ حرب جديدة؟ هل سيكون هناك مفاوضات؟ هل سينهار النظام الإيراني؟ أم سيكون هو من يبدأ الحرب لضيقه ذرعًا بالعقوبات الأمريكية؟
ويوضح الكاتب، أن إيران أوضحت استراتيجيتها علنًا عندما أعلنت أنها ستقلل من التزاماتها بالاتفاق النووي، وهذا يعنى زيادة مخزونها من الماء الثقيل واليورانيوم منخفض التخصيب، ولكن، بحسب الكاتب، فهذا القرار ليس له تأثير حقيقي على البرنامج النووي الإيراني، طالما أن طهران لا تخصب اليورانيوم لمستويات عالية، وتعيد تشغيل المنشآت النووية المغلقة بموجب الاتفاق النووي، وهو ما لم تفعله بعد.
إيران حتى هذه اللحظة، بحسب الكاتب، لا تزال ترى الاتفاق النووي ساري المفعول، ولكنها تراجعت عن الالتزام الكامل بدعمه بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق.
ويرى الكاتب، أن إيران لن تجرؤ على القيام بانتهاكات قد تؤدي إلى القيام بعمل عسكري ضدها، ورغم ذلك فإن امتثالها التام لم يعد مضمونًا.
ورغم التوترات العالية التي تشهدها المنطقة، إلا أن الغرب وخاصة الولايات المتحدة يرى أن هذه العقوبات سوف تدفع إيران إلى حافة الانهيار، وتجعلها مستعدة للتفاوض على شروط جديدة، مما سيعيد فتح باب التفاوض على الاتفاق النووي الإيراني من جديدة ومن الممكن أن يتضمن أيضًا برنامج صواريخها الباليستية، وتدخلاتها في دول مثل لبنان، سوريا، واليمن.
ويرى الغرب، بحسب الكاتب، أن العقوبات السابقة على إيران لم تكن قاسية بما فيه الكفاية، وأن التهديد العسكري لم يُنظر إليه على أنه ذو مصداقية. ويشير النقاد إلى أنه رغم العقوبات المفروضة عليها، تمكنت إيران من جمع احتياطيات ضخمة من العملات الأجنبية وتمويل مختلف برامج التطوير، بما في ذلك البرنامج النووي وصناعة الصواريخ المتقدمة، ويرجع ذلك جزئياً إلى وجود مؤسسة تهريب عالمية تحرضها دول أخرى، كما أن معارضة روسيا والصين بشدة للعمل العسكري كان لها أثر أيضًا وهدد بإشعال حرب بين القوى العظمى.
ويقول الكاتب، إن النظام الإيراني يتخذ دائمًا موقفًا عملياً في السياسة الخارجية، وذلك رغم الجهود الحثيثة لحماية نفسه من التهديدات الداخلية. ويبرز ذلك في عرضه المساعدة على الولايات المتحدة في حربها في أفغانستان، ودعمه للهجوم الأمريكي على العراق، وكانت المليشيات المدعومة من إيران تقاتل تنظيم داعش بالقرب من القوات الأمريكية.
مؤخرًا؛ أعلن روحاني أن "الصبر الاستراتيجي قد انتهى"، وهذا يبشر بعودة "اقتصاد المقاومة"، وهو المصطلح الذي تستخدمه إيران في التدابير الاقتصادية الصعبة مثل خفض الدعم ووقف خطط التنمية الرئيسية وإيجاد طرق غير مباشرة لتصدير النفط واستيراد السلع الأخرى، لكن من الخطر محاولة تمرير هذه الطريقة للإيرانيين في الوقت الحالي، ويُشكل خطرًا سياسياً على النظام، بحسب ما يرى الكاتب الإسرائيلي.
ويوضح الكاتب، أن عقوبات ترامب الجديدة التي فرضها مؤخرًا على الصناعات المعدنية، من الممكن أن تؤدي إلى تسريح حوالي 1.5 مليون عامل في صناعات الصلب والألومنيوم والسيارات. وسيؤدي تخفيض إعانات سعر الصرف الممنوحة لمستوردي اللحوم، إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، التي ارتفعت بالفعل من 30 إلى 120 في المائة هذا العام، ومن الممكن أن يتم قطع الخدمات الأساسية بسبب الانخفاض الكبير في عائدات النفط.
ثورة شعبية
وتساءل الكاتب: "هل سيؤدي كل هذا الإيرانيين إلى الثورة في الشوارع؟"، ويقول: "سيسعد هذا ترامب ومستشاره للأمن القومي جون بولتون بكل تأكيد، فالتاريخ الإيراني مليء بالاحتجاجات العامة والاحتجاجات السياسية التي أدت إلى ثورات. النظام الحالي ما هو إلا نتاج ثورة أيضًا، والتي حظيت في البداية بدعم من معظم شرائح المجتمع الإيراني.
قبل الإطاحة بالشاه الإيراني في 1979، كانت الاحتجاجات تملأ الشوارع قرابة 30 عامًا، والثورة الإسلامية احتفلت بعيدها الأربعين هذا العام، ولا يزال النظام مستقرًا، ولكن كان هذا هو ما قيل مع الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي والليبي معمر القذافي قبل أن تطيح بهم الإرادة الشعبية.
ويرى الكاتب، أنه من المستحيل معرفة ما إذا كانت العقوبات المقترنة بالتهديد العسكري ستدفع الشعب الإيراني للثورة في الشوارع، لكنها لا توفر لهم مستقبلًا واعدًا. وقد تأتي بنتيجة عكسية وهي التمسك بالنظام الإيراني -ليس حبًا في خامنئي- ولكن بسبب الذكريات المؤلمة للاحتلال الغربي والعدوان أثناء الحقبة الاستعمارية وبعدها.
ويقول الكاتب، إن السؤال الآن ليس ماذا ستفعل إيران لمواجهة الضغط الحالي؟ ولكن ماذا ستفعل واشنطن إذا لم يثُر الإيرانيون؟ من المستبعد أن تقوم إدارة ترامب بأي فعل باستثناء فرض المزيد من العقوبات وانتظار إجراء مفاوضات مع إيران، فلا يوجد أي مبرر للحرب الآن.
كما أن ترامب نفسه يواجه معركة سياسية في الكونجرس، الذي حذره كثيرًا من تكرار تجربة غزو العراق عام 2003، وطالب كبار أعضاء الحزبين في كلا المجلسين بمزيد من المعلومات التفصيلية حول ما قال عنه ترامب إنه "تهديد إيراني"، وتلقى قادة الكونجرس إحاطة مغلقة حول هذا الموضوع من مستشاري ترامب.
فيديو قد يعجبك: