إعلان

من أطلق الرصاص في "مجزرة القيادة العامة" بالسودان؟

07:15 م الأربعاء 15 مايو 2019

صورة أرشيفية

كتبت- رنا أسامة:

لم تمضِ إلا ساعات قليلة على انخفاض حِدة التوتّر بين المجلس العسكري وقوِى الحرية والتغيير بالسودان، فور الاتفاق على "هيكل السلطة الانتقالية"، حتى انقلبت ساحة الاعتصام بالخرطوم إلى رصاص وصِراخ وقتلى ودماء وطنين صافرات إسعاف، في اشتباكات مُسلّحة أوقعت عشرات القتلى والمُصابين.

أوقعت الاشتباكات التي وُصِفت بـ"مجزرة القيادة العامة"، 6 قتلى، بينهم ضابط في الجيش السوداني، وأكثر من 60 مُصابًا "بطلقات نارية في الكتف والصدر وأجزاء أخرى من الجسم، أو الضرب بالعصي"، حسبما قال عمار أبوبكر، مدير مستشفى مدينة المعلم الطبية لرويترز.

جهات مُندسّة و"خلايا نائمة"

في حين لا يزال الفاعِل الرئيسي مجهولًا، قال المجلس العسكري إن ثمة جهات "مُندسّة" تحاول إجهاض الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه بين المجلس وقِوى الحرية والتغيير.

وذكر الفريق رئيس المجلس العسكري، الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، أن تلك الجهات تسعى لإعادة السودانيين إلى ما قبل سقوط النظام السابق، لكنه أكد أن "هذا لن يتم"، مُتعهّدًا بالقبض على الجُناة ومحاسبتهم.

لم يختلف كثيرًا موقف المتحدث باسم المجلس العسكري، شمس الدين الكباشي؛ إذ اتهم هو الآخر "الخلايا النائمة التابعة لنظام الرئيس السوداني المعزول" بالوقوف وراء تلك الأحداث، إلى جانب دوائر لم يُسمِها، لكنه أشار إلى أنها تتربّص بالثورة السودانية.

وقال الكباشي في مؤتمر صحفي، أمس الثلاثاء، إن "هناك جهات استغلّت إعلان قوى الحرية والتغيير التصعيد مع المجلس العسكري، وعملت على بثّ الشائعات وإحداث فتنة بين قوات الدعم السريع والجيش".

الأمر الذي رفضه تجمّع المهنيين السودانيين، وهو تجمّع نقابي غير رسمي يقود الاحتجاجات، وقال إن عبارة "مُندسّة" غير مقبولة على الإطلاق، مُلقيًا بمسؤولية الأحداث على المجلس العسكري الذي حاول فتح شوارع داخل الاعتصام، ما تسبب في احتكاكه مباشرة مع المتظاهرين.

قوات "حميدتي"

واتهمت قِوى الحرية والتغيير، قوات الدعم السريع، التي يقودها محمد حمدان دقلو المُلقّب بحميدتي، رسميًا بإطلاق النار على مُعتصمي القيادة العامة، داعية إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للتقصّي في أحداث الاثنين الدامي.

وقال القيادي بقِوى الحرية والتغيير، خالد عمر، مؤتمر صحفي عُقِد أمس الثلاثاء، إن "شهود عيان ومصابين أكّدوا تورّط قوات ترتدي زي الدعم السريع وتستغل مركباتها في إطلاق النار على حماة التروس".

كما وجّه مُحتجون أصابع الاتهام إلى قوات الدعم السريع. ونقلت صحيفة "التغيير" السودانية عن أحدهم ويُدعى طارق صلاح، قوله "سيارات من طراز تاتشر بيضاء بها جنود يرتدون زي الدعم السريع أطلقوا علينا النار".

وقال آخر، ويُدعى أحمد الطيب، إن "قوات الدعم السريع كانت منتشرة في شارع النيل.. وكنا نواجههم ونهتف ضدهم قبل إطلاق النار بلحظات"، مُشيرًا إلى أن الرصاص الحيّ بدأ إطلاقه على المُعتصمين يوم الاثنين، عقب الإفطار مباشرة وامتد حتى فجر الثلاثاء.

في المُقابل، ردّت قوات الدعم السريع ببيان رسمي، قالت فيه إن "عناصر في جهاز أمن النظام السابق استخدمت ميليشياته الرصاص ودهست المعتصمين". وأضافت أن "قوات ترتدي زيًا نظاميًا حاولت إزالة المتاريس من ساحة الاعتصام وقامت بالتعدي على المحتجين بإطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع".

ودعا بيان قوات الدعم السريع، جميع المواطنين، إلى "الانتباه لهذه المجموعات التي تسعى للنيل من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى".

وربط مُحتجون أحداث الخرطوم بتحذير وجّهه حميدتي قبل أيام للمُعتصمين أمام مقر وزارة الدفاع السودانية، قائلا: "أخضع شخصياً للتفتيش من قبل المحتجين، ولا يوجد تنازل أكثر من هذا، فللصبر حدود".

غير أن حميدتي نفى، في مخاطبة لبعض قواته على هامش إفطار رمضاني، أي اتجاه لفض الاعتصام بالقوة لدى المجلس العسكري وشدد على انهم "لو أرادوا ذلك لأعلنوا عنه صراحة".

كما استنكر حميدتي، نائب رئيس المجلس العسكري الحاكم، الاتهامات الموجهة لقواته، إلا أنه أوصاهم بالصبر حتى تعبر البلاد إلى بر الأمان، وعدم رش أي مواطن ولو بماء على حد تعبيره.

كان الرئيس السوداني المعزول قد منح حميدتي صلاحيات لا تُمنح إلا للجيش، وأطلق اسم "قوات الدعم السريع" على المليشيا التابعة له التي ينحدر معظم عناصرها من قبائل دارفور، كما زودت بالأسلحة الخفيفة وسيارات الدفع الرباعي، الأمر الذي أثار سخط وحفيظة الضباط.

وقالت مصادر محلية سودانية إن قوات الدعم السريع ساهمت في الإطاحة بالبشير، وتحدّثت تقارير أخرى عن إحكام حميدتي قبضته على مناطق واسعة في العاصمة الخرطوم، وأنه "يملي شروطه على قادة القوات العسكرية" كونه يحمل رتبة فريق أول في الجيش، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

وحتى عام 2017 كانت قوات الدعم السريع تابعة لجهاز الأمن والمخابرات ثم أصبحت تابعة لمؤسسة الجيش، بالرغم من أن معظم منتسبيها ليسوا عسكريين.

فيديو قد يعجبك: