كيف تتأثر علاقة أمريكا مع قطر وتركيا إذا صنفت الإخوان "إرهابية"؟
كتب – محمد عطايا:
تضغط الإدارة الأمريكية لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، وهو ما من شأنه التأثير على علاقة أمريكا بقطر وتركيا الداعمتين للجماعة.
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، فإن إدارة ترامب سعت لتوجيه المسؤولين السياسيين والقوى الوطنية لفرض العقوبات على الإخوان بطلب من الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال زيارته للبيت الأبيض ولقائه مع الرئيس دونالد ترامب في التاسع من أبريل.
وأوضحت الصحيفة أن هذا التصنيف يفرض عقوبات اقتصادية وتقييد حرية انتقال على الشركات والأفراد التي يثبت صلتهم بالإخوان.
وحال إعلان الجماعة كتنظيم إرهابي، سيكون التأثير على مستويين، الأول، على الإدارة الأمريكية من الداخل، من حيث الإجراءات التي ستتخذها تباعًا لتفرض حصارًا على الجماعة المصنفة إرهابية في مصر، وذلك بحسب ما ذكره طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة.
وأضاف في تصريحات لـ"مصراوي"، أن المستوى الثاني، سيحدث تأثيرًا في مجالات التعاون مع الدول التي تأوي جماعة الإخوان المسلمين، وتتعامل معها على أساس أنها حركة غير محظورة، مثل السودان والأردن والمغرب وقطر وتركيا.
كيف تصنف أمريكا جماعة إرهابية؟
بحسب موقع وزارة الخارجية الأمريكية، فإن قطاع مكتب مكافحة الإرهاب، يراقب بعض التنظيمات المحتمل تورط أعضائها في عمليات إرهابية، ومن ثم تبدأ التحرك.
بمجرد تحديد مكتب مكافحة الإرهاب التابع للخارجية الأمريكية، هدفه، يبدأ بتجميع المعلومات عن التنظيم من جميع الجهات، لاستيفاء كل المعايير القانونية قبل تصنيفها كإرهابية.
وإذا قرر وزير الخارجية الأمريكي، بالتشاور مع المدعي العام ووزير الخزانة، تقديم التعيين، فسيتم إخطار الكونجرس بنية الوزير تصنيف المنظمة إرهابية، ومنحه سبعة أيام للمراجعة.
وفي حال تصنيف الكونجرس ومجلس الشيوخ الجماعة كتنظيم إرهابي، ستبدأ واشنطن توجيه تحذيرات محلية ودولية بمنع التعامل مع المنظمة المذكورة، مثلما فعلت مع "الحرس الثوري" الإيراني، حيث أجبرت المؤسسات الدولية على عدم ممارسة أي نوع من التعاون التجاري أو العسكري.
وتتحرك بالتوازي أيضًا وزارة الخزانة الأمريكية، لوضع أبرز الشخصيات والقيادات في التنظيم على قوائم الإرهاب، وتطالب الدول بملاحقتهم وعدم التعامل معهم، مثلما أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية على قائمة سوداء 25 شخصًا وكيانًا، منهم شركات وهمية تعمل نيابة عن الحرس الثوري الإيراني ووزارة الدفاع بالجمهورية الإسلامية لجمع أموال لأنشطتهما.
شكل القرار
في حال أصدرت الولايات المتحدة قرارا باعتبار الإخوان إرهابية، وأرفقته بعقوبات واضحة، سيجبر ذلك الدول الحلفاء على طرد عناصرها خارج أرضها، إرضاءً لواشنطن، وتجنبًا لغضب إدارة ترامب.
ولكن على الجانب الآخر، يمكن ألا يكون للقرار أي تأثير، إذا اختارت إدارة ترامب أن يكون مجرد تسمية، ولا يصحبه أي عقوبات إضافية، وإدراج بعض الشخصيات في قوائم الإرهاب، ومنع المجتمع الدولي من التعامل معها، فحين إذٍ سينتهي الأمر عند صيحات استهجان دولية، كأنك أطلقت رصاصة "فشنك" أرهبت من حولك وحسب، وذلك وفقًا لإيرينا تسوكرمان، الباحثة الأمريكية في الشؤون الأمنية إيرينا تسوكرمان.
وأضافت تسوكرمان في تصريحات لـ"مصراوي"، أنه قبل مناقشة تأثير القرار المحتمل على العلاقات مع تركيا وقطر، فيجدر ذكر أن الإدارة الأمريكية لم تنتقد في السابق أي من الدولتين لإيوائهما جماعة "الإخوان المسلمين".
أيضًا، أصبحت جماعة الإخوان المسلمين بارعة في التهرب من ولائها لبعض المجموعات المتطرفة، من خلال إنشاء شبكة من المنظمات والهياكل المالية ذات الكيان المستقل والمنفرد، وبالتالي –بحسب تسوكرمان- فإن ذلك يصعب ربط أي من نشاطات تلك المنظمات بالجماعة، خاصة في الغرب.
وأضافت الباحثة في الشؤون الأمنية، أنه باستثناء بعض الخلايا والقيادات المرتبطة بشكل وثيق بالإخوان وعلى علاقة وثيقة أيضًا بتركيا وقطر، لكان من المستحيل تقريبًا إدانة الجماعة قانونيًا.
تشتت وترحال
طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، يرى أنه حال حظر الجماعة، فسيكون له مراسيم وتدابير داخل الكونجرس لتنفيذ القرار بدقة.
وتابع: الخزانة الأمريكية ستصدر حينها سلسلة مراسيم متتالية وقوائم تضم اسماء عدد من قيادات الجماعة، وأماكن تواجدهم، وإبلاغ الدول بالاستجابة وتسليم تلك الشخصيات للعدالة، مثلما حدث في مواقف كثيرة.
وأضاف فهمي أن القرار سيؤثر بلا شك على العلاقة بين الولايات المتحدة من جهة، وقطر وتركيا من جهة أخرى، لأنه سيحرج الدولتين المتعاونتين مع الجماعة، ويجعلهم بين اختيارين إما تنفيذ القرار الأمريكي، أو إيواء تنظيم إرهابي.
رد فعل سريع
لم تمر ساعات على إعلان توجه الإدارة الأمريكية لتصنيف الإخوان إرهابية حتى أصدر حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، بيانًا يحذر فيه من اتخاذ الإدارة الأمريكية قرارًا بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين "تنظيما إرهابيًا".
وترى إيرينا تسوكرمان، أن قطر –إذا ما أعلنت أمريكا قرار حظر الجماعة-، ستراوغ بكل بساطة، وتنفي من خلال منصاتها الإعلامية، ومن خلال خطابات رسمية أي صلة لها بالإخوان المسلمين.
وأضافت أن تركيا وقطر تفهمان جيدًا خطورة الأمر، ولكنهما "لا يذهلان"، لأن لديهما أساليب للتلاعب بالقوانين يمكن أن تجعلها ينجحا في الالتفاف على العقوبات.
القوانين الأمريكية من ناحية أخرى، يمكن أن تجعل القرار يتأخر، نظرًا لأنه يتعامل مع الإرهاب على أساس أنه "أفعال"، وليس "أيدلوجية فكرية"، وذلك بحسب الباحثة في الشؤون الأمريكية، التي أكدت أنه يتعين على الولايات المتحدة دراسة الأمر جيدًا، واللعب على الدلائل المثبتة الواضحة حتى يصدر القرار.
"ثغرة طالبان"
هناك احتمالية أنه حال صدور القرار، ستتلاعب قطر وتركيا به، ويلتفان حوله بطرق ملتوية، قد تجعل وضع الجماعة مثل حركة طالبان، مصنفة إرهابية في الولايات المتحدة، وفي الوقت ذاته يوجد لها مكاتب عاملة في قطر حليفة واشنطن.
طارق فهمي، الأستاذ الجامعي، أكد أن حالة الإخوان المسلمين مختلفة عما حدث مع طالبان في السابق، خاصة إذا نجحت الإدارة الأمريكية، في ابلاغ الوكالات المعنية بالمتابعة والملاحقة لقوائم الاسماء، وبناء عليه لن تستطيع قطر المراوغة.
وقال إن قطر يمكن أن يصل بها الحال لإصدار مذكرات لمطاردة الشخصيات التي يمكن أن تدرجها الولايات المتحدة على قائمة الإرهاب في الداخل والخارج، وبالتالي الإجراء سيترجم إلى إجراءات محددة وواضحة لن تستطيع الدوحة المراوغة منها.
وأكد فهمي، أن تفعيل الإجراءات يتم عن طريق معالجة أمريكا للثغرات السابقة التي ارتكبوها أيام حركة طالبان.
ولفت أيضًا إلى أن قطر ستتخلى عن عناصر الجماعة بسهولة، لكن ربما ترحل بعضهم إلى تركيا، أو تبحث عن أماكن بديلة لهم، لإخراجهم من البلد، والتوجه إلى أماكن هادئة لا مشاكل بها، مثل ماليزيا والسودان والجزائر والمغرب.
فيديو قد يعجبك: