إعلان

"جيشنا معنا".. البشير يواجه أكبر موجة احتجاج في ذكرى سقوط النميري

03:10 م الأحد 07 أبريل 2019

احتجاجات السودان

كتبت- رنا أسامة:

دخلت المواجهات بين الُمحتجين السودانيين وقوات الأمن فصلًا جديدًا من التصعيد، مع وصول التظاهرات إلى مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم للمرة الأولى منذ بدأ الحِراك الشعبي في ديسمبر الماضي، واقتحام المئات لبيت الضيافة الخاص بالرئيس عُمر البشير.

ونزل مئات الآلاف إلى شوارع الخرطوم وأم درمان، صباح أمس السبت، في مسيرات مُنفصلة تُعد الأضخم منذ اندلاع الاحتجاجات المُناهضة للبشير قبل شهور.

1

مسيرة 6 أبريل

جاءت تظاهرات أمس تلبيةً لدعوة أطلقها "تجمع المهنيين السودانيين، الذي يقود الحراك الشعبي في السودان، تحت اسم "مسيرة 6 أبريل المليونية"، بالتظاهر أمام القيادة العامة للجيش السوداني، من أجل زيادة الضغط البشير للتنحي.

تزامن ذلك مع الذكرى الـ34 لانتفاضة أبريل التي أطاحت بنظام الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري في 6 أبريل 1985، إذ أُجبِر على التنحي بعد وقوف القوات المسلحة إلى جانب المتظاهرين الذين قادهم وقتذاك "التجمع النقابي" الشبيه بـ"تجمع المهنيين السودانيين" الحالي.

2

وناشد "تجمع المهنيين السودانيين" المواطنين بتزويد المتظاهرين بمياه الشرب والوجبات السريعة. وقال في بيان: "إلى مواطني الخرطوم، وشركات المياه الوطنية، والمطاعم المنتمية إلى الشعب، نناشدكم إمداد الثوار المعتصمين تحت أشعة شمس الخرطوم أمام القيادة العامة بمياه الشرب، حتى يستمر تماسك مواكب السودان التي لن تتراجع".

وفي بيان آخر أمس السبت، اعتبر التجمع أن التظاهر أمام القيادة العامة انتصارًا للحرية والكرامة، وكسرًا لما وصفها بـ"أنف الطغيان"، داعيًا إلى مواصلة الاعتصام حتى سقوط البشير، وقال: "جاءت ساعة الحقيقة، حيث لا جبار بقادرٍ على دحر إرادة شعب السودان"، بحسب تقارير محلية.

واستعار المتظاهرون هتافات ترددت في انتفاضة أبريل 1985، مثل "جيش واحد.. شعب واحد"، بالإضافة إلى شعارات خصصوها ضد نظام البشير مثل "تسقط بس"، و"ما همانا جيشنا معانا"، و"سقطت يا كيزان (الإخوان المسلمين)" و"حرية، سلام، وعدالة.. الثورة خيار الشعب".

وقال أحد المتظاهرين لوكالة فرانس برس إن المُحتجين نجحوا في إيصال رسالتهم إلى الجيش، مُضيفًا "لم نحقق بعد هدفنا بعد، لكننا أوصلنا رسالتنا إلى الجيش ومفادها: تعال شاركنا".

معارك كرّ وفرّ

قبل انطلاق التظاهرات، ألقت سلطات الأمن القبض على مئات المتظاهرين واقتادتهم إلى جهات مجهولة، فيما سدّ متظاهرون شوارع وسط الخرطوم بالمتاريس، لأول مرة منذ بدء الاحتجاجات، وخاضوا معارك كر وفر مع قوات الأمن المنتشرة بكثافة، التي أطلقت عليهم الغاز المسيل للدموع.

وبعد انتشار المتظاهرين بشكل مُكثف، أغلقت سلطات الأمن الجسور المؤدية للخرطوم "جسر النيل الأزرق، وجسر القوات المسلحة، وجسر النيل الأبيض" في الاتجاه المؤدي إلى الخرطوم، بحسب صحيفة "الشرق الأوسط".

وألقى مُتظاهرون الحجارة على عناصر الشرطة قُرب مقر البشير، وهو ما ردّت عليه شرطة مكافحة الشغب السودانية بالغاز المسيل للدموع والهراوات لتفريق المتظاهرين في أم درمان.

وأعلن الجيش السوداني حظر تجول منذ الثانية صباح الأحد، بتوقيت الخرطوم، فيما أفادت لجنة أطباء السودان المركزية المُعارضة بارتفاع عدد القتلى إلى 6 بعد إصابتهم بأعيرة أمنية من قِبل السلطات الأمنية في محيط القيادة العامة للقوات للمسلحة، فضلًا عن وقوع العديد من الإصابات التي وُصِفت بالخطيرة.

ويصل إجمالي ضحايا أعمال العنف المرتبطة بالتظاهرات منذ ديسمبر الماضي إلى 32، بحسب آخر إحصاء حكومي. لكن تقول منظمة العفو الدولية إن العدد يبلغ 52 قتيلًا بينهم أطفال ورجال إسعاف.

إضراب واعتصام

بالتوازي، دعا تجمع المهنيين السودانيين، تجمع نقابي غير رسمي، إلى إضراب عام في مختلف القطاعات اعتبارًا من اليوم الأحد وإلى حين إسقاط نظام البشير وتسليم السلطة إلى حكومة انتقالية مدنية.

وقال في بيان، نقلته صحيفة "الراكوبة" السودانية، إن الخطوة تشمل القطاعات المهنية الخاصة والعامة، ومن ضمنها القضاء والهندسة والزراعة والبيطرة والتعليم والنقل، وذلك في جميع أنحاء البلاد، مُشيرًا إلى مواصلة الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم.

وتجمع آلاف السودانيين لليوم الثاني على التوالي، الأحد، خارج مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم، مرددين شعارات مناهضة لحكومة البشير.

3

ونقلت قناة "الحرة" الأمريكية عن أحد المتظاهرين قوله "لن نغادر هذا المكان حتى ننجز مهمتنا.. لن نغادر المكان حتى يستقيل"، في إشارة إلى الرئيس السوداني.

وأغلق بعض المتظاهرين بصخور جسرًا قريبًا يربط الخرطوم بحي بحري، ما تسبب باختناقات مرورية ضخمة، وفق شهود عيان.

ونشر تجمع المهنيين السودانيين عددا من مقاطع الفيديو، نسبها لمتظاهرين توافدوا أمام القيادة العامة للقوات المسلحة.

ما سبب التظاهرات؟

انطلقت احتجاجات السودان في البداية تنديدًا بارتفاع تكاليف المعيشة، غير أنها تطوّرت إلى المُطالبة بإسقاط حكم البشير المُستمر منذ 3 عقود.

وفي 19 ديسمبر الماضي، أعلنت الحكومة السودانية رفع أسعار الوقود والخبز. وجاء ذلك بعد ارتفاع معدلات التضخم، وتراجع قيمة الجنية السوداني بنسبة كبيرة.

بلغت نسبة التضخم 70 في المئة في السودان الذي يعاني من أزمة اقتصادية منذ عام 2011، وهو العام الذي انفصل فيه جنوب السودان عن السودان الشمالي، الذي كان يؤمن 80 في المئة من موارد العملة الأجنبية التي كانت تأتي من إيرادات النفط.

وتزامن ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية مع تطبيق موازنة 2018، التي أقرت زيادة سعر الدولار إلى 18 جنيها، مقابل 6.9 جنيه في موازنة عام 2017.

كما باتت أعداد ماكينات الصراف الآلي التي تعمل في العاصمة الخرطوم محدودة، إذ لا تسمح للمواطنين بسحب أكثر من 10 دولارات في اليوم الواحد خشية قيامهم بتحويل مدخراتهم إلى عملات أجنبية.

كيف تعامل البشير مع التظاهرات؟

في يناير الماضي، تحدّى البشير دعوات الاحتجاج المطالبة بتنحيه. وقال إنه "لن يترك السلطة إلا عن طريق الانتخابات".

وألقى باللوم في أعمال العنف خلال الاحتجاجات، على من وصفهم بالمتآمرين دون أن يذكر أسماءهم، في الوقت الذي قال إنه أمر الشرطة باستخدام "أقل قدر" من القوة في مواجهة المتظاهرين.

وسبق أن أقرّ البشير، في تصريحات متفرقة، بوجود مشاكل اقتصادية يعانيها السودان، لكنها ليست بالحجم الذي تضخِّمه وسائل الإعلام، في مسعى منها لاستنساخ ربيع عربي في السودان، حسب قوله.

وفي حين بدا وكأنه على وشك الاستجابة لمطالب المتظاهرين، أعلن حالة الطوارئ في فبراير الماضي بدلًا من ذلك.

ومنذ ذلك الحين زادت قوات الأمن من استخدام قنابل الغاز في الشوارع بشكل عشوائي، وأشارت التقارير إلى استخدام العنف بشكل متكرر.

وتُتهم السلطات السودانية بإلقاء القبض على نشطاء بارزين واستهداف مسعفين.

وقال حقوقيون إن لديهم أدلة على وقوع جرائم قتل وملاحقة قضائية وعمليات تعذيب بحق المتظاهرين السلميين والمسعفين الذين كانوا يتولون علاجهم.

ويتعرض البشير لانتقادات تتعلق بانتهاكات لحقوق الإنسان، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

واتهمت المحكمة الجنائية الدولية في عاميّ 2009 و2010 البشير بـ"ارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية". وعلى إثر ذلك، صدرت مذكرة اعتقال بحقه.

فيديو قد يعجبك: