إعلان

أمريكا والإسلاموفوبيا.. قصة فتاة مسلمة واجهت التطرف بـ"ابتسامة"

03:04 م السبت 27 أبريل 2019

شيماء إسماعيل- فتاة مُسلمة في واشنطن

كتبت- هدى الشيمي:

لم تتوقع شيماء إسماعيل أن تحظى صورتها مع المتطرفين الأمريكيين البيض بهذا القدر من الاهتمام والاحتفاء من قبل العالم، ولم تكن تفكر في شيء في تلك اللحظة سوى أن ترد بـ"الحب والابتسامة" على أشخاص يعادون ويتهمون دينها الإسلام بأشياء لا تمت له بصلة.

الأحد الماضي كانت شيماء، 24 عامًا، وسط مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين توجهوا إلى العاصمة الأمريكية واشنطن من أجل المشاركة في فعاليات المؤتمر السنوي الـ44 للجمعية الإسلامية والنادي الإسلامي، والذي حضره حوالي 24 ألف شخصاً سواها، تعددت أعمارهم وطبقاتهم الاجتماعية، إلا أنهم وجدوا زمرة من المتطرفين يستقبلونهم بمكبرات صوت يرددون من خلالها عبارات مُعادية للإسلام، علاوة على لافتات كُتب عليها شعارات مسيئة مثل "الإسلام دين الكراهية"، ويتهمونهم بأنهم في الداخل يستمعون إلى خطب كراهية.

1

يعيش في الولايات المتحدة ما يُقدّر بحوالي 3.45 مليون مُسلما من جميع الأعمار، وهو ما يمثل 11 في المئة من إجمالي سكانها، حسبما أوضح مركز الأبحاث بيو عام 2017. وتوقع الباحثون في المركز أن يحل الإسلام محل الديانة اليهودية في الولايات المتحدة، ويغدو ثاني أكثر ديانة انتشاراً بحلول عام 2050.

تباينت ردود أفعال المشاركين، منهم من شعر بالانزعاج الشديد لاسيما وأنه لا يعرف كيف يحتوي الموقف، بينما استشاط المراهقون والشباب الأصغر سناً غضباً، فيما لم يظهر البعض أي اهتمام وتجاهل المتطرفين. إلا أن شيماء أرادت الرد على كراهيتم بـ"الحب والابتسامة".

قالت إسماعيل، لمصراوي، "بينما كنّا نحضر ورش عمل تناول أغلبها مواضيع عن القرآن وحياة النبي، والدروس المستفادة من إطلاق النار على مسجدي كرايستشيرش في نيوزيلندا، كانوا (المتطرفون البيض ومعادو الإسلام) مجتمعين أمام المبنى الرئيسي حاملين لافتات عليها عبارات مُسيئة للإسلام والمسلمين والنبي محمد".

2

لا تعد الإسلاموفوبيا جديدة على المجتمع الأمريكي فهي موجودة منذ سنوات طويلة، وزادت حدتها بعد أحداث أبراج التجارة العالمية في عام 2001، ولكنها باتت أكثر انتشارًا وأصبحت الأصوات العنصرية المتعصبة تجاهر بما في نفسها، وتتفاخر بما تفعله، أسوة برئيسهم الذي يتهمه سياسيين أمريكيين ومحللين ومراقبين دوليين بالتحريض ضد المسلمين والأقليات، بالنظر إلى هجومه على نائبة الكونجرس الديمقراطية إلهان عُمر، أول مُسلمة صومالية تنضم إلى الكونجرس وتحضر جلساته بحجابها، وهو ما اعتبره الحقوقي أرجون سيثي "ليس تحريضاً ضدها فحسب، ولكنه ضد الجالية الإسلامية بأكملها داخل وخارج أمريكا".

كان لترامب الكثير من المواقف التي اعتبرها كثيرون معادية للإسلام والمسلمين، والتي من بينها مراسيمه التنفيذية بحظر دول مواطني بعض الدول الإسلامية للولايات المتحدة، كذلك أثار ترامب جدلاً كبيراً لسكوته عن تصرفات المتطرفين البيض.

أرادت شيماء إسماعيل السير أمامهم مُبتسمة ولكنها لم تجد هذا يكفي للرد عليهم. وفي ثاني أيام المؤتمر، كان الحضور مُنشغلين بالفعاليات ما بين المحاضرات وورش العمل، وبعد انتهاء اليوم غادر المتطرفون لتأخر الوقت، ما أعطاها فرصة للتفكير فيما يمكن أن تفعله للتعامل معهم.

في اليوم التالي بعد وصولها إلى المبنى لم يكونوا متواجدين في الصباح، ولكنها بقت تفكر بهم طوال الوقت، ما شتت انتباهها وتركيزها قليلاً عن المحاضرات. وظلت تُخبر نفسها: "ماذا إذا كان لدينا مُكبر صوت يمكنهم من الاستماع إلى الأشياء الجميلة التي نتعلمها من رسولنا محمد".

3

وبينما كانت إسماعيل تهم بمغادرة المبنى الرئيسي وجدت المتطرفين بلافتاتهم يقفون أمامها، فتسلل السرور إلى نفسها وشعرت بأن اللحظة الحاسمة قد حانت. طلبت الفتاة من صديقتها جميلة التقاط صورة لها أمام هؤلاء المتطرفين البيض، فتحولت عباراتهم من الإساءة إلى الإسلام إلى إهانتها هي مباشرة، ولكنها لم تعبأ بهم، ووقفهم أمامهم راسمة ابتسامة عريضة على شفتيها، ورافعة إشارة السلام.

في هذه اللحظة تعالت أصوات المتطرفين وقالوا لها عبارات، وصفتها إسماعيل، بالسخيفة مثل "عليك تخبئة وجهك"، و"تعرف أنهم طائفة دينية عندما يسيرون في الشوارع مرتدين بيجامات".

قالت إسماعيل: "اعتبرتها من أكثر الأشياء الطريفة التي سمعتها في حياتي، إلا أن صديقتي جميلة لم تشعر بالمثل".

شعرت جميلة – صديقة شيماء- في تلك اللحظة أنها ربما لم ترتدي الحجاب إذا سمعت هذه العبارات العنصرية في صغرها، وتمنت لو كان آباء هؤلاء المتطرفين قد علموهم أي شيء عن جمال الدين الإسلامي، ومدى روعة النبي محمد، حسبما تقول لمصراوي.

نشرت شيماء الصور عبر تويتر، كتبت مُعلقة: "في 21 أبريل ابتسمت في وجه العنصرية ثم مضيت مبتعدة شاعرة بأنني قمت بإنجاز رائع".

4

انتشرت الصور على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة تويتر، وأعيد نشرها أكثر من 86 ألف مرة، وحظت على أكثر من 313 ألف إعجاب. وأعرب رواد موقع التدوين من كل مكان بالعالم عن دعمهم لها، ولكل المسلمين الذين يتعرضون للمضايقات والإساءات بسبب دينهم، والتقطوا صور مُشابهة لصور شيماء رافعين شعار السلام.

شعرت شيماء بالامتنان إزاء كل من أيدها وساندها، رغم أنها لم تعرف ما إذا كانوا صادقين أم أن ما كتبوه مجرد مجاملات. وأنهت حديثها لمصراوي قائلة: "في كل الأحوال المهم بالنسبة لي أن تكون فخورا بهويتك ولا تخجل منها أمام الآخرين".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان