ظلال تأثيرات الجيش لا تزال تخيم على أول انتخابات تايلاندية منذ الانقلاب
بانكوك - (د ب أ):
تستعد تايلاند لإجراء أول انتخابات عامة منذ انقلاب 2014 ، رغم أن التصويت ، وهو الأول منذ نحو ثمانية أعوام قد لا يؤشر إلى نهاية تأثير الجيش على السياسة.
وسيطر الجيش التايلاندي على السلطة قبل خمسة أعوام بعد أشهر من مظاهرات واسعة النطاق ضد حكومة رئيسة الوزراء الشعبوية ينجلوك شيناواترا، ووعد باستعادة النظام ورأب الانقسامات السياسية الحادة قبل السماح باستعادة الديمقراطية.
ووافقت الحكومة العسكرية أخيرا على تحديد موعد الانتخابات في 24 مارس، بعد تأجيل موعدها خمس مرات وممارسة تلك الحكومة الحكم لفترة أطول من معظم الإدارات المنتخبة.
ومن المفترض أن تؤدي الانتخابات إلى إعادة البلاد إلى الحكم الديمقراطي ، لكن النظام الجديد يعد ديمقراطيا بشكل جزئي، حسب محللين، ويصفه البعض بأنه "ديموقراطية هزلية خادعة ".
ورغم أن المجلس العسكري سيتنحى ، إلا أن تأثيره سيظل بالتأكيد مستمرا، حيث ان قواعد الانتخابات في البلاد والدستور الجديد، الذي تم إقراره في استفتاء عام 2016 ، كلاهما ينحاز إلى الحزب الموالي للجيش.
ويقول محللون إن رئيس المجلس العسكري برايوت تشان أوتشا ، الذي يخوض حملة لمواصلة دوره كرئيس للوزراء، لديه فرصة كبيرة للنجاح، ويرجع الفضل في ذلك إلى مجلس الشيوخ المعين من قبل الجيش ، والذي سيصوت لصالح رئيس الوزراء إلى جانب مجلس النواب المنتخب.
ويشار إلى أن مجلس الشيوخ الذى يمثل ثلث أعضاء البرلمان المؤلف من 750 عضوا يتم اختيارهم من جانب المجلس العسكري، وفقا للدستور.
وقال بول تشامبرز، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ناريسوان في شمالي تايلاند، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "برايوت يتمتع بمزايا لأن الدستور الجديد يبدو وكأنه قد تم إعداده لمساعدته للفوز بالسلطة أو إقامة ديمقراطية خادعة ، أو كلاهما".
وأضاف: "إن احتمالية فوز برايوت كبيرة".
كما تم وضع القواعد لتقويض الأحزاب السياسية الكبيرة ، وعلى الأخص حزب "بيو تاي" الذي حقق فوزا ساحقا في الانتخابات العامة الأخيرة في البلاد عام 2011.
ويعد "بيو تاي" الوكيل الرئيسي لرئيس الوزراء الأسبق تاكسين شيناواترا ، الذي لا يزال يتمتع بشعبية على الرغم من عيشه في المنفى الاختيارى بعد إقصائه عن السلطة في انقلاب عام 2006.
وحسب استطلاعات الرأي الأخيرة، من المتوقع أن يفوز "بيو تاي" بأغلبية المقاعد في مجلس النواب ، ولكن ليس بما يكفي لتشكيل حكومة.
ويعد برايوت، الخيار الأكثر شعبية لدور رئيس الوزراء ، حسبما ترجح استطلاعات الرأي، وذلك بفضل ترويجه للقيم التايلاندية التقليدية وولائه الشديد للملكية.
وقام حزب " تاي راكسا تشارت" بمناورة سياسية صعبة في فبراير الماضي بإعلانه ترشيح الأميرة السابقة أوبولراتانا، شقيقة الملك ماها فاجيرالونجكورن الكبرى ، لرئاسة الوزراء.
وقال تشامبرز: "ربما كانت أوبولراتانا تمثل الشخص الوحيد الذي يمكنه خطف الأضواء من برايوت في الانتخابات".
وأضاف: "بفضل جذورها الملكية ، إلى جانب الإيديولوجية التعددية والتاكسينية (نسبة إلى تاكسين شيناواترا) لحزبها، بدا أن فوزها الانتخابي لا يمكن وقفه"، في إشارة إلى العلاقة بين حزب "تاي راكسا تشارت" وتاكسين شيناواترا.
لكن سرعان ما تم إجهاض مساعي ترشيحها عندما أصدر الملك مرسوما وصف فيه انخراطها في السياسة بأنه "غير دستوري وغير ملائم للغاية".
ويقول محللون إن النفوذ المستمر للجيش، رغم سجله في مجال حقوق الإنسان ، ينطوي على بعض الفوائد.
فبعد أكثر من عقد من الصراع بين المعسكر المؤيد لشيناواترا وخصومه العديدين، تسبب دخول الجيش إلى السياسة التايلاندية في تقسيم البلاد إلى ثلاثة فصائل سياسية كبيرة .
ويقول تشايان تشايابورن، أستاذ العلوم السياسية في جامعة تشولالونجكورن في بانكوك: "ستخف التوترات مع مشاركة الأطراف الثلاثة".
ومع ذلك، فإن وصول العديد من الأطراف الفاعلة الجديدة زاد من تعقيد المشهد السياسي التايلاندي، الذي يعج بالفعل بحملات التشويه.
ومن المحتمل أن تكون نتائج الانتخابات "مربكة وفوضوية للغاية" ، وفقًا لتشايان.
فقد أحدثت الانتخابات أجواء مفعمة بالنشاط وهى نادرا ما شوهدت في ظل النظام العسكري القمعي، حيث كانت لافتات الحملات الانتخابية في كل ركن من أركان الشوارع، وكانت شاحنات " البيك آب " الصغيرة تعلن أسماء المرشحين عبر مكبرات الصوت ، وأخذت الأحزاب تجوب البلاد لجذب الناخبين.
وكان للناخبين نصيب كبير من هذه الإثارة، وخاصة أولئك الذين لم يصوتوا من قبل.
وقالت الناخبة مايتابورن مجالينكول: "أنا متحمسة للغاية. ... أخيرا سأمارس حقي في التصويت".
فيديو قد يعجبك: