إعلان

التفاف أم خضوع.. هل تُرضي قرارات بوتفليقة الجزائريين؟

11:54 م الإثنين 11 مارس 2019

احتجاجات الجزائر

كتب - محمد عطايا ومحمد الصباغ:

أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عدم إجراء الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 18 أبريل المقبل، ووعد بعدم الترشح لعهدة خامسة نزولا على رغبة المتظاهرين الذين ملأوا شوارع الجزائر خلال الشهر الماضي.

كما العادة في السنوات الأخيرة، لم يظهر بوتفليقة على الجزائريين ويتحدث إليهم بل اكتفى برسالة منشورة على الوكالة الرسمية، كما فعل حينما أعلن الترشح.

اعترف بوتفليقة في رسالته، الإثنين، أنه حالته الصحية لم تعد تسمح له بالترشح لعهدة خامسة. ونقلت الوكالة قوله: "لا محل لعهدة خامسة، بل إنني لـم أنْوِ قط الإقدام على طلبها حيـث أن حالتي الصحية وسِنّي لا يتيحان لي سوى أن أؤدي الواجب الأخير تجاه الشعب".

وشهدت البلاد مظاهرات منذ الحادي عشر من فبراير الماضي احتجاجا على ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، وشهد الحراك تضامنًا من أطياف مختلفة من الشعب الجزائري مثل طلاب الجامعات وحتى المدارس الثانوية والمحامين والقضاة، الذين أعلن عدد كبير منهم رفضهم الإشراف على الانتخابات.

من بين القرارات التي اتخذها بوتفليقة أيضًا قبول استقالة رئيس الوزراء أحمد أويحيى وتعيين وزير الداخلية نور الدين بدوي المقرب من بوتفليقة، بدلا منه.

يحكم بوتفليقة البلاد منذ 20 عامًا، وأكد في الرسالة المنسوبة إليه على وكالة الأنباء الجزائرية أنه سيبدأ إصلاحات ضرورية في نظام الحكم، معتبرًا تلك "مهمته الأخيرة" التي يختتم بها مشواره في الحكم.

كان بوتفليقة أعلن في رسالة الأسبوع الماضي قبل سفره في رحلة علاجية إلى جنيف، أنه سوف يتخلى عن منصبه حال فوزه بولاية خامسة وذلك بعد عام من الولاية، وذلك بعد إجراء إصلاحات مطلوبة في البلاد.

ولكن المظاهرات استمرت في الجزائر ورفضت استمرار بوتفليقة في الحكم بعد نهاية حكمه في 24 من أبريل المقبل.

ثم جاء الاقتراح الجديد في رسالة بوتفليقة اليوم، وقرر تشكيل لجنة للإصلاحات الدستورية والاقتصادية والسياسية برئاسة "هيئة رئيسة تعددية، على رأسـها شخصية وطنية مستقلة، تَحظى بالقبول والخبرة، على أن تحرص هذه النّدوة على الفراغ من عُهدَتها قبل نهاية عام 2019".

a624ddc8-86d9-4493-9d81-4a20828b2187

استجابة أم التفاف؟

قابل الجزائريون القرارات الرئاسية بشكل متباين، حيث خرجت بعض الحشود إلى الشوارع احتفالًا بالقرارات التي أعلنها الرئيس بوتفليقة، كما دعا آخرون إلى استمرار المظاهرات معتبرين أن بوتفليقة يحاول تمديد فترة بقاءه في السلطة رغم الاحتجاجات.

واعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة بسكرة الجزائرية، فؤاد جدو، أن قرارات بوتفليقة جاءت استجابة لمطالب الشعب، لكنه وصفها بأنها غير كافية لأن الأمر تحول إلى مطالبة بتغيير النظام السياسي بأكمله.

وأكد فؤاد جدو في تصريحات لـ"مصراوي" أن المقترحات التي تقدم بها الرئيس لا تزال في "مرحلة المخاض"، لأنها صدرت من السلطة وفي انتظار تعليقات المعارضة والقوى السياسية الأخرى، ورد فعل الشارع.

فيما قالت جبهة التحرير الوطني التي ينتمي إليها الرئيس بوتفليقة إن الأخير لبّى مطالب المتظاهرين بعدم الترشح للولاية الخامسة، ونقلت خبر تأجيل الانتخابات والتغييرات الحكومية مسبوقًا بهاشتاج "الرئيس يسمع لشعبه".

لكن على الجانب الآخر بات الهاشتاج الأكثر انتشارًا في الجزائر هو "ترحلوا يعني ترحلوا"، واعتبر كثيرون من خلاله أن ما أعلنته الرئاسة الجزائرية التفافا على إرادة الشعب الذي رفض استمرار بوتفليقة لعام آخر بالانتخاب، فقرر هو تمديد مدة بقاءه لما بعد الانتخابات.

وصرح المرشح الرئاسي عبد العزيز بلعيد، وهو رئيس حزب جبهة المستقبل بأنه طالما دعا إلى الاحتكام للدستور واحترامه، مضيفًا: "القرارات الواردة في رسالة رئيس الجمهورية المنتهية ولايته خرقا صارخا لأحكام الدستور".

يحكم بوتفليقة (82 عاما) البلاد منذ 20 عاما، ولم يظهر بشكل علني أمام المواطنين بشكل كبير منذ إصابته بجلطة عام 2013. ويرى معارضون جزائريون أن الرئيس لا يستطيع إدارة شئون البلاد بسبب مرضه.

من جانبه قال المحلل السياسي والصحفي الجزائري، مروان لوناس، إن قرار الرئيس بوتفليقة ربما يكون جيدًا ظاهريًا، إلا أنه منحه "عهدة خامسة بدون انتخابات".

وأردف لوناس في تصريحات لـ"مصراوي"، أن الشعب الجزائري من المتوقع أن يطالب برحيل الرئيس نفسه، ولن يكتفي بعدم خوضه السباق الرئاسي.

وتابع المحلل السياسي الجزائري، أن "القرارات بها رائحة الالتفاف حول مطالب الشعب، لأنه سيشرف على التعديلات التي قال إنه سيجريها قريبًا، وبالتالي تسمح له البقاء على سدة الحكم لمدة أطول، فضلًا عن تشكيل حكومة بوجوه قديمة".

وفي وقت نقلت وكالة رويترز تصريحات عن مواطن جزائري يبلغ من العمر خمسين عامًا قوله إن القرارات الرئاسية تعد نجاحًا و"هزيمة لأنصار الولاية الخامسة"، قال مواطن آخر (43 عامًا) إن ما حدث هو "التفاف على إرادة الشعب لا غير".

وأضاف الأخير في حديثه لمصراوي أنه يعتقد أن الحراك سوف يستمر في الأيام المقبلة وبشكل أقوى من السابق لأن رسالة الرئيس "تعد استفزاز آخر للشعب".

ولفت إلى أن من تم تعيينه كرئيس للحكومة هو وزير الداخلية في الحكومة المستقيلة، مضيفًا: "الجماعة الحاكمة هي نفسها، ولم يتغير شيء. مطالب الشعب واضحة هي تغيير النظام برمته".

وحول دستورية قرار بوتفليقة، أكد فؤاد جدو، أن هناك إشكاليات قانونية ودستورية خاصة مع نهاية عهدة الرئيس قانونًا، لكن خصوصية المرحلة تفرض إيجاد حلول أخرى.

وتوقع أستاذ العلوم السياسية الجزائري، أن ينقسم الشارع لأن هناك من يريد الحكومة أن تذهب كليًا، وآخرون يريدون التريث حتى تتضح الصورة المستقبلية مع الشخصيات التي سيتم تعينها في الحكومة القادمة، إلا أنه من الواضح أن تستمر مسيرات الجمعة.

فيديو قد يعجبك: