إعلان

"واشنطن بوست": النزاع بين فرنسا وإيطاليا إشارة إلى تصدّع في أوروبا

02:33 م الجمعة 08 فبراير 2019

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

واشنطن - أ ش أ
علّقت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية على الخلاف القائم بين إيطاليا وفرنسا والذي وصل إلى ذروته باستدعاء باريس سفيرها لدى روما احتجاجا على ما وصفته "بتدخل غير مسبوق"، واعتبرت أن هذا النزاع يُعد تصدعًا جديدًا في أوروبا.
ووصفت الصحيفة - في تقرير اليوم الجمعة - الخلافات الفرنسية الإيطالية بأنها إشارة إلى تدهور مباغت في العلاقات بين حكومة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون القادمة من تيار الوسط والائتلاف الشعبوي الحاكم في روما، وذلك رغم أن الخلاف ثار خلال الأشهر الأخيرة من جانب نائبي رئيس وزراء إيطاليا لويجي دي مايو زعيم حركة خمس نجوم المناهضة للمؤسسات وماثيو سالفيني ذي الميول اليمينية المتطرفة، بعد أن صعدوا من حدة انتقاداتهم لماكرون وأعربوا عن دعمهم لمتظاهري "السترات الصفراء" المحتجين ضد الحكومة في فرنسا.
ويمثل الاستفزاز الأخير في لقاء أجراه هذا الأسبوع دي مايو مع شخصيات بارزة من حركة "السترات الصفراء"، والذين ينتوون التقدم بمرشحين إلى انتخابات البرلمان الأوروبي المقررة في مايو القادم والتي يرشح فيها دي مايو وسالفيني نفسيهما، وغرد دي مايو عقب اللقاء قائلا: "رياح التغيير عبرت الألب".
ورد المسؤولون الفرنسيون بالغضب على كسر أحد كبار مسؤولي الحكومة الإيطالية البروتوكول على هذا النحو، بالتودد إلى المعارضة دون سابق إخطار لنظرائهم في باريس، ووصفت الخارجية الفرنسية ذلك "بالاستفزاز غير المسبوق منذ نهاية الحرب".
وأشارت الصحيفة إلى أنه من غير الواضح إلى متى سيبقى في باريس كريستيان ماسيت سفير فرنسا لدى إيطاليا الذي استدعي للتشاور، ولكن الأمر الواضح هو أن هناك شعورا متزايدا بالأزمة في العلاقة بين الجارتين والشريكتين الأوروبييتين.
ونقل التقرير عن مراسلي الصحيفة في روما وباريس قولهما إن الاستدعاء يمثل ابتعادا عن السياسة التقليدية لدول غرب أوروبا بعد الحرب، والتي نادرا ما وصلت فيها الخلافات بين الحلفاء المتجاورين إلى هذا الحد المستعر.
ورد كل من دي مايو وسالفيني على تحرك باريس عبر وسائل التواصل الاجتماعي حيث اعتبر دي مايو إن الاجتماع "لم يكن استفزازا ضد الحكومة الفرنسية الحالية، بل اجتماعا مهما مع قوة سياسية نتشارك معها الكثير، ومنها الحاجة إلى ديمقراطية مباشرة تمنح المواطنين مزيدا من السلطة"، أما سالفيني فقال إنه لا يرغب في الجدال، ولا يهتم بتلك الأقاويل، ويركز على حل المشكلات.
ودأب دي مايو وسالفيني على انتقاد الحكومة الفرنسية لعدم قيامها بما يلزم تجاه قبول المهاجرين الذين يعبرون البحر المتوسط قادمين من أفريقيا، وينتابهم الغضب من محاضرات ماكرون بشأن القيم الأوروبية والتكامل الأوروبي، كما يتهمون سياسيين منهم ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بتأبيد سياسات مالية جعلت إيطاليا حبيسة دوائر من الديون.
وهدد سالفيني بكسر محور فرنسا - ألمانيا في الانتخابات الأوروبية، كما حشد جماعات يمينية متطرفة أخرى بالإضافة إلى حكومات غير ليبرالية في أوروبا الشرقي، فيما اتهم دي مايو السياسات الفرنسية بإفقار إفريقيا، ما دفع الخارجية الفرنسية إلى استدعاء السفيرة الإيطالية الشهر الماضي.
من جانبه، تجاهل ماكرون الهجمات التي تصله عبر الألب، بينما أظهرت استطلاعات الرأي ارتفاع نسبة شعبيته، بالرغم من تحول "السترات الصفراء" من حركة احتجاجية تحركها وسائل التواصل الاجتماعي إلى تحدٍ سياسي مستدام.
وتقول "واشنطن بوست" إنه وعلى مستوى القارة الأوروبية بدأت التصدعات تتعمق، حيث من المتوقع أن تبلي الأحزاب اليمينية المتطرفة والأحزاب القومية بلاء حسنا في انتخابات مايو القادم، علاوة على الغضب العميق الذي يحوم حول بروكسل؛ فبالرغم من أن بشاعة "البريكست" أدت إلى تهدئة الحكومات المناهضة للاتحاد الأوروبي في القارة، إلا أن الهجوم ضد المؤسسية الليبرالية الأوروبية ما زال قائما.
وأشارت إلى أن قادة الجناح اليميني مثل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان شكلوا محورا جديدا من القوميين، من بينهم سلفيني، والذي من شأنه أن يعيد تشكيل سياسات القارة - وبالتالي هويتها الاجتماعية والثقافية.
واختتمت الصحيفة بالقول إن الخلافات بين الشعبويين في إيطاليا وماكرون قد تبدو مناورات سياسية، لكنها أيضا مناوشات في حرب ما هي إلا في بدايتها.

هذا المحتوى من

Asha

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان