إعلان

ساعات غضب.. ماذا حدث في تونس بعد كذبة أردوغان عن اتفاق دعم "الوفاق"؟

06:48 م الخميس 26 ديسمبر 2019

اردوغان وفايز السراج

كتبت – إيمان محمود:

بعد ساعات من انتهاء زيارته المفاجئة إلى تونس، خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتصريح قال فيه إنه اتفق مع الرئيس التونسي على دعم حكومة الوفاق الليبية، وإنه على استعداد لإرسال قوات إلى ليبيا إذا تطلب الأمر. تصريحات أردوغان زادت الداخل التونسي اشتعالا وتسابقت القوى السياسية في إصدار بيانات رفض وتنديد، حتى خرجت الرئاسة التونسية في نهاية الأمر ببيان رسمي يكذب الرئيس التركي.

"محاولة توريط"

مساء أمس الأربعاء، أنهى أردوغان زيارة "مُريبة" وغير مُعلنة لتونس، تاركًا وراءه مئات التساؤلات والإدانات وشحنة كبيرة من غضب الشعب التونسي.

ورافق أردوغان في زيارته إلى تونس وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، ووزير الدفاع خلوصى أكار، ومدير المخابرات هاكان فيدان، ورئيس دائرة الاتصال في الرئاسة فخر الدين ألطون، والمتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالين.

وقال أردوغان خلال زيارته إن "وقف إطلاق النار يجب أن يتحقق في أقرب وقت، وإن استقرار ليبيا يحتاج تعاون استراتيجي بين تونس والجزائر وتركيا"، ملمحًا إلى وجود تحالف مع الدولتين الإفريقيتين.

وفي تصريحات جديدة اليوم، قال الرئيس التركي إنه اتفق مع نظيره التونسي على دعم حكومة فايز السراج، مشيرا إلى استعداد أنقرة إلى ارسال قوات إلى ليبيا إذا طلب السراج ذلك.

سرعان ما تلقف وزير داخلية حكومة الوفاق الليبية، تلميحات أردوغان، وأضاف إليها متحدثا عن تحالف مُشترك بين حكومته وتركيا وتونس والجزائر، لتشتعل ردود الفعل في الداخل التونسي.

ورفض شعبي

وندد الاتحاد العام التونسي للشغل في بيان على موقعه الرسمي بالتدخلات الأجنبية في الشأن الليبي، محذرا من دعوات الحرب التي أصبحت بعض الدول تدق طبولها. وشدد الاتحاد على أن السياسة الخارجية التونسية يجب أن تحتل فيها مصلحة البلاد المحل الأرفع مع احترام حق الأخوة والجيرة ورفض التورط في الأحلاف الدولية المشبوهة مهما كان غطاؤها.

وأضاف الاتحاد أن حل الخلافات الليبية "لن يكون إلا داخليا وبعيدا عن تدخل الدول الأجنبية التي لا تخدم غير مصالحها"، معتبرا دول الجوار أولى بالوساطة لوقف الحرب داعيا إلى التنسيق معها للمساعدة على إيجاد حل ليبي لإنهاء الاقتتال.

وأهاب الاتحاد بالسلطات "رفع حالة اليقظة والحذر للحيلولة دون تحويل تونس ممرا للأسلحة ومعبرا "للدواعش" نحو ليبيا أو ملاذا لهم، معبرا عن ثقته في الجيش والمؤسسات الأمنية لحماية تونس وسيادتها.

كما حذّرت حركة الشعب التونسية من أن أيّ تدخل عسكري تركي "دعمًا للجماعات الإرهابية"، سيكون تهديدًا لأمن تونس.

ووصفت مذكرة التعاون بين السرّاج وأردوغان بأنها "اتفاق بين حكومة فاقدة للشرعية الشعبية ودولة تبحث عن التوسع في المنطقة من خلال دعم الجماعات الإرهابية وخلق توترات مع جيران ليبيا في المنطقة العربية وحوض البحر الأبيض المتوسط".

وأكدت أن أي اصطفاف وراء محور تركيا/قطر يمثّل خطرًا حقيقيًا لأمن تونس وسلامة أراضيها. وذكرت الحركة أن "الحلّ الوحيد الممكن في لبيبا هو منع التدخل الدولي في الصراع على أن تأخذ دول الجوار (مصر وتونس والجزائر) المبادرة لإنهاء النزاع وإرساء حل يرضي جميع الأطراف وينهي الوجود الإرهابي والمليشياوي في المدن الليبية".

وشددت على أن الشعب التونسي سيتصدى لأي محاولة لاستغلال الأراضي والأجواء والمياه الإقليمية التونسية لتمرير السلاح والمقاتلين لحكومة الوفاق، محذرة الجهات الرسمية من مغبّة السكوت عن مخططات الجهات الأجنبية ضد الشعب الليبي.

واستنكر حزب العمال التونسي استقبال من وصفه بـ ''جلاد الشعب التركي ومرتكب الجرائم على حساب سوريا الشقيقة''، في تونس في هذا الظرف بالذات وحول موضوع ليبيا بالذات، مدينا ما يعتبره عدم التعامل مع الشعب التونسي بشفافية بشأن هذه الزيارة التي وصفها بـ ''الاستفزازية''.

وحذّر من أن: ''أي اصطفاف وراء حاكم تركيا أو تسخير بلادنا بأي شكل من الأشكال لخدمة أهدافه في ليبيا وهو الذي لا يخفي أطماعه في استغلال الانقسامات في القطر الشقيق لخلق موطئ قدم فيه لتركيا والسطو على ثرواته من النفط والغاز حتى لو استدعى منه ذلك التدخل عسكريا وتوسيع المواجهات في ليبيا لتشمل أطرافا إقليمية ودولية أخرى مما سيكون له انعكاسات خطيرة على أمن تونس والمنطقة بأسرها.''

وشدّد على أنّ ''مصلحة تونس تكمن في عدم الانخراط في أي محور من المحاور الإقليمية والدولية المتنازعة في ليبيا ولا في مساندة أي طرف من الأطراف الداخلية المرتبطة بهذه المحاور (السراج وحفتر الخ...) أو غضّ الطرف عما تحيكه هذه الأطراف من مؤامرات خطيرة على الشعب الليبي وشعوب المنطقة بدعوى أن "مذكرة التفاهم" بين أردوغان والسراج مثلا شأن ليبي تركي كما جاء على لسان الرئيس التونسي.''

كما أبدى الحزب الدستوري الحر التونسي، تعجّبه من زيارة أردوغان "الغامضة". وقدمت كتلة الحزب طلبا إلى رئاسة مجلس نواب الشعب لعقد جلسة عامة استثنائية، ودعوة وزيري الشؤون الخارجية والدفاع الوطني، للاستماع إليهما ومعرفة خفايا زيارة الرئيس التركي.

وحذّر الحزب، من اتخاد أي خطوات أو أي قرارات باسم الشعب التونسي، له علاقة بالملف الليبي، وألا تنحرف السياسة التونسية وتتدخل في الشأن الليبي والتجاذبات الدولية.

أما حزب التيار الشعبي فأعلن رفضه القاطع لاصطفاف تونس "غير المُبرر" مع أحد أطراف الصراع الليبي ومع محور إقليمي بعينه دون مراعاة لمصالح الشعبين التونسي والليبي وأشقاء تونس من الدول العربية المجاورة.

وشدد على أن اصطفاف تونس مع أحد أطراف الصراع في ليبيا سيفقدها صفة الطرف المحايد الإيجابي من جهة المساهمة في وقف الاقتتال وبناء الوحدة على اعتبار أن الأزمة الليبية لا تُحل إلا بالحوار وليس تحت ضغط الحشود العسكرية التركية ومصالحها.

وتعجّب حزب التيار الشعبي من موقف الرئيس قيس سعيد من الاتفاقية المُبرمة بين السراج وأردوغان، مُعتبرًا أنه "تغاضى عن مصالح تونس وجوارها ومُقتضيات أمنها القومي".

كما شدد الحزب على رفضه المطلق تحول تونس إلى منصة للعدوان على ليبيا، مُحذّرًا من المسار الخطير الذي تسير فيه السياسة الخارجية التونسية.

وتكذيب رسمي لأردوغان

ومع تصاعد وتيرة التنديدات والغضب الداخلي، خرجت المكلفة بالإعلام في رئاسة الجمهورية التونسية، رشيدة النيفر، بتصريحات صحافية تكذب فيها أردوغان وحكومة السراج. وقالت إن موقف الدولة محايد في ليبيا ولم ننضم لأي تحالف. واستهجنت تصريحات أردوغان، وقالت إنها "لا تعكس فحوى اجتماعه مع الرئيس قيس سعيد".

كما كذبت "النيفر" ما ورد على لسان وزير داخلية حكومة الوفاق الليبية الليبية، فتحي باشاغا، حول انضمام تونس والجزائر لحلف مع تركيا لدعم حكومة الوفاق. وقالت لـ"الصباح نيوز": تونس متمسكة بحيادها في الملف الليبي".

وفي خطوة أبعد، أصدرت الرئاسة التونسية، بيانا رسميا اليوم الخميس، لتكذيب أردوغان، وقالت إنّ تونس لن تقبل بأن تكون عضوًا في أيّ تحالف أو اصطفاف على الإطلاق، ولن تقبل أبدًا بأن يكون أيّ شبر من ترابها إلاّ تحت السيادة التونسية وحدها.

وأضافت: "أمّا التصريحات والتأويلات والادعاءات الزائفة التي تتلاحق منذ يوم أمس فهي إمّا أنّها تصدر عن سوء فهم وسوء تقدير، وإمّا أنّها تنبع من نفس المصادر التي دأبت على الافتراء والتشويه، وإذا كان صدر موقفٌ عَكَسَ هذا من تونس أو من خارجها فهو لا يُلْزمُ إلّا من صرّح به وحدهُ".

وشدد البيان على أن الرئيس التونسي قيّس سعيد، حريص على سيادة تونس واستقلالها وحريّة قرارها، وهو أمر لا يمكن أن يكون موضوع مزايدات أو نقاش، ولا توجد ولن توجد أيّ نيّة للدخول لا في تحالف ولا في اصطفاف.

وختمت: "على من يريد التشويه والكذب أن يعلم أنّه لا يمكن أن يُلهي الشعب التونسي بمثل هذه الادعاءات لصرف نظره عن قضاياه الحقيقية ومعاناته كلّ يوم في المجالين الاقتصادي والاجتماعي على وجه الخصوص".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان