ترامب وبيلوسي: نظرة على أغرب علاقة سياسية في واشنطن بـ 2019
كتبت- هدى الشيمي:
لم يكن العام الذي أوشك على الانتهاء مُستقرًا في واشنطن، خاصة مع التطورات الأخيرة المُتمثلة في الإجراءات التي تهدف إلى الإطاحة بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب من المكتب البيضاوي، والتي جعلته ثالث رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يواجه هذه الإجراءات بعد سلفيه بيل كلينتون، وأندرو جونسون.
هبت رياح التغيير في واشنطن بعدما سيطر الديمقراطيون على مجلس النواب، وأصبحت السياسية المُخضرمة نانسي بيلوسي زعيمة المجلس، وباتت من أبرز خصوم الرئيس الأمريكي، واستمرت حدة الأحداث في التصاعد حتى أعلنت عن بدء إجراءات عزله في سبتمبر الماضي.
سلطت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية الضوء على علاقة نانسي بيلوسي ودونالد ترامب، باعتبارها أغرب العلاقات السياسية في واشنطن، ولكونها مليئة بالأحداث واللحظات التي سوف تُخلد في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
قالت المجلة الأمريكية في تحليل نشرته على موقعها الإلكتروني، إن عام 2019 انتهى بطريقة لم يتوقعها أحد في البيت الأبيض، بداية مع كشف المُخبر السري عن المكالمة التي كان من المفترض أن تظل في طي الكتمان، بين الرئيس الأمريكي ونظيره الأوكراني فلودومير زيلينسكي، وصولاً إلى نقل إجراءات محاسبة ترامب إلى مجلس الشيوخ.
وأوضحت المجلة أن علاقة ترامب وبيلوسي لم تكن عادية، خاصة وأن كل منهما يحكم قبضته على الحزب الذي ينتمي إليه.
على مدار العام، أدلى ترامب وبيلوسي بتصريحات مُسيئة للطرف الآخر، على سبيل المثال وصفها الرئيس الأمريكي بأنها مجنونة ومُصابة بانهيار عصبي، فيما وصفت السياسية الديمقراطية ترامب بأنه جبان، وقالت إنها تُصلي من أجله طوال الوقت، وذلك ردًا على سؤال أحد الصحفيين عما إذا كانت تكرهه في ديسمبر الجاري.
طوال الأشهر الماضية، تحرك ترامب ما بين التعاون والشتائم وإلقاء السباب، وأحياناً ما كان يسعى إلى قلب الرأي العام ضد بيلوسي، حتى أنه وصفها بأنها "سياسية من الدرجة الثالثة" في أكتوبر الماضي.
ومع ذلك، ترى بوليتيكو أن كل من ترامب وبيلوسي كان يحتاج إلى الآخر كي يحقق كل هذا النجاح السياسي طوال العام.
الصراع على إغلاق الحكومة
كانت أول معركة بين بيلوسي وترامب في مطلع العام بخصوص الإغلاق الحكومي، في 8 يناير الماضي، حيث ألقى ترامب خطاباً مُتلفزاً من البيت الأبيض يحشد فيه لدعم وتمويل الجدار الحدودي الفاصل بين الولايات المتحدة والمكسيك، وكان نقطة الخلاف في المفاوضات الخاصة بالإغلاق الحكومة.
وفي ذلك الوقت، ألقت بيلوسي وزعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر خطابهما الخاصة من كابيتول هيل، وقالت "إن الرئيس اختار الخوف، ولكننا نريد البدء بالحقائق".
إلغاء الرحلة
وفي منتصف يناير الماضي، أرسل ترامب خطاباً أعلن فيه الغاء رحلة لبيلوسي، كانت متجهة فيها إلى بروكسل وأفغانستان، بحجة "إن الوقت لم يكن مناسبًا للقيام برحلة كتلك، وأنه سوف يكون من الأفضل أن يتواجد الجميل في واشنطن من أجل العمل على مفاوضات اغلاق الحكومة".
وردًا على قراره، منعت بيلوسي الرئيس الأمريكي من إلقاء خطاب حالة الوحدة، وهو ما أثار غضب الأخير.
وفي نهاية المطاف، وافق ترامب على اعادة فتح الحكومة دون الحصول على المبلغ الذي طالبته كي يبني الجدار الحدودي العازل بين المكسيك والولايات المتحدة، ليعلن بذلك انتصار بيلوسي.
وبعد استئناف الحكومة لعملها، دعت بيلوسي الرئيس الأمريكي لإلقاء خطاب حالة الاتحاد في مطلع فبراير الماضي.
دعوات للإطاحة
في أبريل الماضي، وبعد الإعلان عن تقرير المُحقق الخاص روبرت مولر، الذي كُلف بالتحقيق في مزاعم تواطؤ حملة ترامب مع الروس واحتمالات تدخل موسكو في انتخابات الرئاسة، علت ًالأصوات المنادية لعزل ترامب وبدء في الاجراءات الرامية للإطاحة به بين الديمقراطيين.
إلا أن بيلوسي وجدت أنه لا داعي للحديث عن هذا الأمر، ولكنها أخبرت الصحفيين في مايو الماضي، أن الرئيس الأمريكي قد يكون متورطًا في عملية حجب الحقائق.
وفي منتصف سبتمبر، وبعد أشهر من مقاومة بيلوسي لدعوات حزبها الديمقراطي لبدء إجراءات عزل ترامب، كشف المُخبر السري عن المكالمة السرية التي جرت بين الرئيس الأمريكي ونظيره الأوكراني، والتي اشترط فيها ترامب على الرئيس الأوكراني فتح تحقيقات للإساءة إلى سمعة منافسه المُحتمل في الانتخابات جو بايدن.
وزادت تصريحات رودي جولياني، مُحامي ترامب الشخصي، الطين بلّة، إذ قال لشبكة سي إن إن الإخبارية إنه طالب المسؤولين في كييف بفتح التحقيقات بشأن جو بايدن ونجله هانتر والذي عمل في شركة بورسيما القابضة للطاقة، بينما كان والده نائباً للرئيس السابق باراك أوباما.
وفي 24 من سبتمبر الماضي، أعلنت نانسي بيلوسي بدء تحقيق رسمي فيما عُرف باسم "أوكرانيا جيت".
الخلاف على سوريا
وفي منتصف أكتوبر الماضي، تصاعدت حدة التوترات بين ترامب وبيلوسي، ما دفع الرئيس الأمريكي على مغادرة الاجتماع بعد 20 دقيقة من بدئه. وكان من المفترض أن يناقش الحضور السياسية الأمريكية إزاء سوريا، ولكن الرئيس الجمهوري أعلن أنه يريد إنهاء الوجود الأمريكي هناك.
وفقًا لعدة مصادر نقلت عنها بولتيكو، فإن الرئيس الأمريكي دعا بيلوسي في ذلك الوقت بأنها سياسية من الدرجة الثالثة، ورفض مناقشة أي من الأمور المهمة معها، وكذلك أشارت المصادر المطلعة إلى حدوث خلاف كبير بين بيلوسي وترامب لأن كل منهما حاول اثبات أنه يكره تنظيم داعش أكثر من الطرف الآخر.
حرب ضد الديمقراطية
وفي السابع عشر من ديسمبر الجاري، أرسل ترامب خطاباً من ست صفحات، وصف فيه إجراءات عزله بـ"انقلاب حزبي غير قانوني"، و"حرب على الديمقراطية الأمريكية".
وفي اليوم التالي، صوّت مجلس النواب على عزل ترامب، ليغدو ثالث رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يواجه إجراءات عزل.
فيديو قد يعجبك: