مع استمرار الاحتجاجات.. لبنان إلى أين؟
كتب - محمد صفوت:
مع دخول الاحتجاجات اللبنانية، يومها الـ48 على التوالي، للمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية، مع استمرار التردي بالأوضاع الاقتصادية والتعثر السياسي في البلاد، لا تبدو أي بوادر على احتمالية توقف الاحتجاجات في لبنان.
ومع تفاقم الأزمة اللبنانية، ومماطلة الطبقة السياسية في إيجاد حلول عاجلة للخروج من الأزمة الحالية، شح الدولار في لبنان وارتفع سعره بشكل كبير مقارنة بسعره قبل بدء الاحتجاجات، مرورًا بإضراب محطات الوقود الذي بدء الخميس الماضي، احتجاجًا على عدم تنفيذ الرئيس اللبناني لتعهداته، وانتهاء بارتفاع جنوني في أسعار المواد الاستهلاكية ونفاذ سلع كثيرة في السوق اللبناني، واصل المتظاهرون احتجاجاتهم أمام مصرف لبنان المركزي، تحت اسم "أحد الوضوح" للاحتجاج على سياسات البنك المركزي اللبناني.
يقول وزير الاقتصاد اللبناني في حكومة تصريف الأعمال منصور بطيش، في تصريحات الاثنين، عن أزمة الدولار، إن السوق اللبناني يعاني من جفاف الدولار، لافتًا إلى أن هناك 4 مليارات دولار تم سحبها من المصارف منذ سبتمبر الماضي، وتشكل 3% فقط من قيمة الإيداعات في المصارف البالغة 172 مليار دولار.
وأعلن أن هناك مبالغ تم تحويلها لخارج لبنان لم يعرف حجمها بعد.
وتقول الكاتبة اللبنانية لينا منظور، في مقال لها نشر بـ"نيويورك تايمز" إن الاقتصاد اللبناني القائم على الخدمات والذي يعتمد على الواردات الخارجية، لا يمكنه المقاومة أكثر من ذلك، لافتة إلى أن الاحتجاجات اللبنانية لم تظهر أي علامة على التوقف في الوقت القريب، ومع استمرارها فإن الاقتصاد اللبناني سينهار بأسرع مما نتوقع.
انهيار كلي للاقتصاد اللبناني
توضح الكاتبة كيفية تقاسم النظام السياسي والاقتصادي في البلاد، حيث أن تقاسم السلطة والحصص الطائفية لمختلف الجماعات الدينية والطائفية هي الطريقة الوحيدة للحفاظ على السلام المدني، وتمتد هذه الصيغة إلى كل شيء، من الطريقة التي يتم بها تخصيص الأموال العامة إلى كيفية منح الظائف.
وتضيف أن 1% من الشعب اللبناني وهم النخبة السياسية وقادة الطوائف الدينية يتحكمون في 25% من إجمالي الناتح المحلي اللبناني، ما يجعل الاقتصاد اللبناني أكثر الاقتصادات غير المتكافئة في العالم.
وتابعت الكاتبة اللبنانية: "نحن بلا شك على حافة الكارثة، أرفف المتاجر فارغة، والأسعار ترتفع يومًا بعد يوم، ويتم تخفيض رواتب الكثير من الناس، وسط تحذيرات مستمرة من المستشفيات من نفاد الأدوية قريبًا، بما في ذلك التخدير، لأنهم لا يملكون ما يكفي من الدولارات لدفع ثمن الواردات.
"الانهيار الاقتصاد الكلي يزحف إلى لبنان" بتلك الكلمات افتتحت الكاتبة اللبنانية راندة تقي الدين رئيس مكتب صحيفة الحياة في باريس، مقالها المنشور اليوم الاثنين، متابعة أنه مع استمرار الاحتجاجات اللبنانية، التي انتقل بعضها إلى أمام البنك المركزي، للاحتجاج على خطوة البنك المحتملة بحسب ما تنشره وسائل الإعلام اللبنانية المحلية، لأخذ أموال المودعين بسبب الأزمة المالية التي يشهدها لبنان.
يعاني الاقتصاد اللبناني من أسوأ أزماته منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 1975، حيث بلغ الدين الحكومي 88.4 مليار دولار ما يقرب من 150% من الناتج المحلي الإجمالي في لبنان، بحسب وسائل الإعلام اللبنانية.
وأغلقت البنوك اللبنانية أبوابها، لمدة أسبوعين منذ اندلاع الاحتجاجات في 17 أكتوبر الماضي، ثم أعيد فتحها بشكل متقطع مع تحديد حد أقصى لعمليات السحب لا تتجاوز الألف دولار.
الجمود السياسي يؤدي لتفاقم الأزمة
ترى الكاتبة اللبنانية، أن الجمود السياسي وتجاهل مطالب الشارع يؤدي إلى تفاقم الأزمة المالية.
وقال البنك المركزي الأسبوع الماضي، إنه يسمح للبنوك باقتراض الدولارات دون حدود بفائدة 20 في المائة لتأمين احتياجات المودعين، مشددًا على ضرورة عدم إرسال الأموال إلى الخارج.
وبحسب معهد التمويل الدولي، فإن أكثر من 10 مليارات دولار، سحبت من البنوك اللبنانية منذ أغسطس الماضي، لم يتبقى داخل لبنان سوى 4 مليارات دولار، بينما أرسل باقي المبلغ المذكور إلى الخارج.
وترى الكاتبة اللبنانية، أن الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان يمكن تجبنها بدعم دولي وإقليمي للبلاد، شريطة أن تكون هناك حكومة تكسب ثقة الدول في الإقليم والعالم.
وتقول الكاتبة، إن حزب الله يعتقد أنه لن يتضرر بالأزمة التي يشهدها لبنان، لكنه مخطئ، فبعيدًا عن أمواله التي يحتفظ بها في كهوفه وأنفاقه، بعيدًا عن البنوك لتجنب العقوبات الأمريكية، لكنه لديه عدد كبير من موظفي الحكومة الذين يحتاجون إلى رواتب نهاية الشهر، لكن هذا لا يبدو مصدر قلق لحزب الله.
وتضيف أن حزب الله وحلفاؤه لا يهتمون بمطالب الشعب اللبناني، خاصة مع اندلاع الاحتجاجات في إيران، الظهير القوي لحزب الله، الذي يصر على المماطلة وعدم الاستماع لمطالب الشارع، حتى تنتهي الاحتجاجات الإيرانية، وتصدر له التعليمات من مرشده في طهران.
وتقول، إن الوضع السياسي غير المستقر في لبنان، والعجز الشديد لطبقة سياسية حريصة على الحفاظ على مصالحها الشخصية، وقبضة حزب الله على سلطته في تقرير نوع الحكومة التي يريدها، وفساد الكثيرين في الحكومة وداخل الإدارة كلها عوامل تسهم في صنع مستقبل لبنان قاتمًا ما لم يتم القيام بسرعة لإنقاذه.
وتستمر الاحتجاجات الشعبية اللبنانية، لليوم الـ48 على التوالي في العاصمة بيروت وفي العديد من المناطق شمال لبنان وجنوبه وشرقه وفي جبل لبنان للمطالبة بمعالجة الأوضاع الإقتصادية المتردية.
واعتصم عدد من المحتجين في بيروت أمام مبنى مديرية الضريبة على القيمة المضافة للاحتجاج على السياسة المالية المتبعة، واسترداد الأموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة وخفض سن الاقتراع الى 18 عامًا.
فيديو قد يعجبك: