إعلان

لبنان: أنباء عن عودة الحريري، فأين الشارع من حسابات السلطة؟

09:31 م الجمعة 08 نوفمبر 2019

برلين (دويتشه فيله)

تتواصل المظاهرات الغاضبة في لبنان رغم كل الإجراءات التي اتخذت بما فيها استقالة رئيس الحكومة. استقالة قد لا تكون نهائية إذا نفذت شروط الحريري حسب أنباء تسربت. فما هي شروطه، وهل سيقبل الشارع بحكومة جديدة تحت قيادته؟

استقالة سعد الحريري من رئاسة الحكومة اللبنانية قبل حوالي 10 أيام لم تكن الأولى ويبدو أنها لن تكون الأخيرة... فقد يعود الحريري مرة أخرى لرئاسة الحكومة إذا تم تكليفه بذلك، حسب أنباء نسبتها تقارير إعلامية لمصادر مقربة من رئيس الوزراء المستقيل. هذا الحديث يفترض أنه تم التطرق إليه، بحسب هذه المصادر، خلال لقاء جمع الحريري برئيس الجمهورية ميشيل عون.

لكن الحريري، الذي أثارت كلمة استقالته موجة كبيرة من التعاطف، وضع شروطا مقابل قبوله بتشكيل حكومة جديدة. فماذا يمكن أن تكون هذه الشروط؟ وهل في حال تحققها وتنفيذ إصلاحات في إطار حكومة جديدة برئاسته سيهدأ الشارع اللبناني الغاضب؟

لماذا التمسك بالحريري؟

يتظاهر اللبنانيون منذ ثلاثة أسابيع تقريبا ضد الأوضاع الاقتصادية المتردية وما يصفونه بفساد الطبقة السياسية في البلاد. وبعد مطالبة الشارع برحيل كل الزعماء السياسيين بدون استثناء جاءت استقالة سعد الحريري التي اعتقد البعض أنها ستكون بداية سقوط فعلي للحكومة، أحد المطالب الرئيسية التي رفعها المحتجون. لكن استقالة الحريري التي يعتقد البعض أنها لم تكن بتنسيق مسبق مع التيارات الأخرى أدخلت السلطة في حالة من التخبط، وانطلقت محاولات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

يقول الخبير والمحلل السياسي اللبناني أمين قمورية في مقابلة مع DW عربية إن الحريري في الواقع يفضل أن لا يعود للحكومة وأن يكون خارج أي سلطة مستقبلية في لبنان، "لكنه يواجَه بمطالبات ونوع من الضغوط من تيارات أخرى للعودة من باب أنه من غير اللائق الرحيل الآن في وقت يواجه في البلد أزمة" كما يقول المحلل السياسي.

لكن الحريري وإن لم يستبعد تماما العودة متأثرا بهذه الضغوط والمطالب إلا أنه يقرنها بشروط لم يتقبلها الفريق الآخر حتى الآن. وعن هذه الشروط يقول قمورية: أن تكون الحكومة المقبلة حكومة تكنوقراط وأن يتم فصل النيابة عن الوزارة. أي حكومة تشكلها فقط شخصيات مستقلة خبيرة في مجالها وأن لا تكون هناك شخصيات في منصبي الوزير والنائب في نفس الوقت. لكن الطرف الآخر ممثلا بشكل أساسي في حزب الله والتيار الوطني الحر رفض هذا الإجراء مقترحا خلطا بين التكنوقراط والسياسية بحيث تعين كل جهة سياسية خبراء تكنوقراط محسوبين عليها، لكن الحريري يصر على حكومة تكنوقراط بالكامل، حسب قمورية.

لكن لماذا هذا التمسك بالحريري إن كان رافضا لما يقترحه الآخرون؟ يقول قمورية "ببساطة لأنه الأقوى في طائفته. ولأن له علاقات مع الغرب، ولأن المساعدات الدولية للبنان مرتبطة بشكل كبير باسم الحريري. أي أنه لا توجد بدائل حقيقية له بنفس أهميته".

ويضيف قمورية أنه جرى أيضا اقتراح تعويض الحريري بشخصية مقربة منه من اقتراحه، لكن الجانب الآخر رفض ذلك لكون ذلك سيعني فتح الباب للحريري لأن يكون خارج السلطة ولكن يتحكم في الحكومة من الخارج في نفس الوقت".

السلطة في واد والشارع في واد

ويرى مراقبون أن الحليفين القويين حزب الله والتيار الوطني الحر ومن ومعهما يعتبران أنفسهما من أكبر الخاسرين في حال سقطت الحكومة الحالية فعلا وعوضتها حكومة تكنوقراط مستقلين لأن ذلك سيعني إلغاء الأفضلية التي حصلا عليها في نتائج آخر انتخابات أجريت.

ورغم أن بإمكان هذا التحالف القوي تشكيل حكومة أغلبية يرأسها بنفسه، يقول قمورية إن الخيار يبدو صعبا لأنه سيعني حكومة الفريق الواحد و"حكومة إيران" التي سيعاقبها الغرب، وهذا ما لا يريده أحد.

ومع غياب آلية لحل الأزمة تُجمِع عليها مختلف الأطراف السياسية وترضي الشارع الغاضب في الوقت ذاته، يبدو أن لبنان دخل حالة من الغموض والانسداد السياسي.

ويُظهر الفرق بين شعارات الشارع وتحركات صناع القرار وكأن السلطة في واد والمتظاهرون في واد آخر. فالنقاش مازال قائما حول ما إذا كانت الحكومة قد سقطت بالفعل واستقالة الحريري سارية المفعول، ويحاول الزعماء السياسيون التوصل إلى طريق يرضي مصالحهم، بينما الشارع مازال يطالب برحيلهم جميعا. يحدث هذا كله بينما الأزمة الاقتصادية تتفاقم مع مرور الوقت.

ويقول قمورية إن تحركات السلطة بالفعل لا تمثل مطالب الشارع. ويعلق على ذلك قائلا "هناك ما يريده الحراك، وهناك ما يريدونه هم، وللأسف ما زالوا يعتقدون أنهم سيجدون أساليب تساعدهم في تهدئة الشارع".

البنك الدولي يدق ناقوس الخطر

ولكن كيف سيتفاعل الشارع إن قبل الحريري برئاسة حكومة جديدة بشروطه؟ لا يستبعد الخبير السياسي أن ينجح الأمر في تهدئة الغضب إن اقترن ذلك بأربعة شروط هي "عدم وجود شخصيات متورطة في الفساد في الحكومة المقبلة، اتخاذ إجراءات قانونية ضد من تورطوا في الفساد واستعادة الأموال المنهوبة، إصلاح اقتصادي كامل، وإصلاح قضائي حقيقي".

ويرى قمورية أنه إن تشكلت الحكومة المقبلة بـ"أسماء نظيفة وبإرادة حقيقية لتحقيق هذه الشروط فقد يكون ذلك كفيلا فعلا بتهدئة الشارع ولن يكون وجود الحريري على رأسها مانعا".

جدير بالذكر أن البنك الدولي دعا لبنان إلى تشكيل حكومة جديدة سريعا محذرا من تزايد الفقر لنسبة 50 في المائة والبطالة لمستويات أعلى مما عليه الحال في البلد في الشهور القادمة، وبعدما كان يتوقع انكماشا صغيرا هذه السنة، أعلن البنك أنه يتوقع حالة من الركود بسبب "الضغوط الاقتصادية والمالية المتزايدة".

يأتي هذا في وقت انضم فيه مئات الطلاب للمظاهرات المتواصلة منذ 21 يوما ويواصل الشارع رفض الإجراءات التي اتخذت حتى الآن.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان