كيف تتشابه جريمة اغتيال الكردية "هفرين خلف" مع الثورة السورية؟
كتبت – إيمان محمود:
في مقال بمجلة فورين بوليسي الأمريكية، تحدث السجين السياسي السوري السابق عاهد الهندي، عن الأمينة العامة لحزب سوريا المستقبل، هفرين خلف، التي قُتلت على يد ما يُسمى بالجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، بطريقة وحشية اعتبرها الكاتب تعبّر عن الوضع الدموي الذي تعيشه سوريا في الوقت الحالي.
وقال الهندي: "عندما قابلت هفرين خلف لأول مرة عام 2017، أدهشتني بذكائها. كانت هفرين مهندسة مدنية كردية من ديريك التي أصبحت واحدة من أبرز القيادات النسائية في منطقة روجافا المتمتعة بالحكم الذاتي في شمال شرق سوريا. خلال اجتماعنا الأول في عين عيسى، شكرتني على المخاطرة بحياتي في العبور إلى روجافا بينما كنت مطلوبًا من قبل أربع وكالات استخبارات سورية مختلفة لأنشطتي في دعم الثورة السورية. انتهى بي الأمر في العيش بنفس التجمع السكني معها لمدة 45 يومًا".
وأضاف: "كانت هفرين تستيقظ في الخامسة صباحًا ولا تتوقف عن العمل حتى منتصف الليل، سواء كان ذلك العمل يتعلق بالسفر إلى منطقة دير الزور، التي تم تحريرها مؤخرًا من داعش، لتدريس الرياضيات للأطفال والمراهقين، أو الاجتماع مع القبائل العربية القادة والمساعدة في حل نزاعاتهم الكثيرة في دورها كأمين عام لحزب المستقبل في سوريا".
في 12 أكتوبر، تم اغتيال هفرين بوحشية على أيدي مجموعة من قتلة الجيش الوطني السوري، هاجموا سيارتها، وعذبوها، وضربوها بأشياء ثقيلة، وكسروا ساقيها، وجروها من شعرها حتى تمزقت فروة رأسها، ثم أطلقوا النار على جسدها ووجهها وتم تشويهها إلى حد أن والدتها لم تتعرف على جثمانها.
ويرى هندي أن مقتل هفرين يعكس مدى الشرّ الذي اجتاح سوريا منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011، بل ويمثل مقتل الثورة السورية على يد ما يُسموا بـ"الجهاديين".
في بداية الثورة، كان السوريون المعارضون للرئيس بشار الأسد مُمثلين على نطاق واسع في الجماعات الليبرالية، لكن في النهاية فشلت المعارضة الليبرالية في التنافس مع الإسلاميين السوريين، وخاصةً المجموعة التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، وهي أيضًا مدعومة من الحكومة الأمريكية، على حدّ قول السياسي السوري.
وقال هندي، إن الجهاديين أقاموا علاقات وثيقة مع وزارة الخارجية الأمريكية، وبدا أن العديد من الوكالات الحكومية الأمريكية تفضل العمل مع الإسلاميين على العلمانيين والليبراليين، ونتيجة ذلك تتضح اليوم من خلال هيمنة الجماعات السُنية المُسلحة مثل القاعدة وأحرار الشام.
وأضاف هندي أن الشبان والشابات الذين ساروا في مسيرة سلمية بدمشق في مارس 2011، مطالبين بالتغيير الديمقراطي شاهدوا ثورتهم اختطفت من قبل الجهاديين الإجراميين مثل أولئك الذين قتلوا خلف، فمنذ غزو تركيا في 9 أكتوبر، احتل هؤلاء الجهاديون بلدتين حدوديتين رئيسيتين، تل أبيض ورأس العين، مما أسفر عن مقتل المئات من السوريين وإجبار القوات الديمقراطية السورية على تسليم مناطق للأسد.
واستطرد: "الولايات المتحدة ليست بعيدة عن اللوم. رأيت بعيني كيف دعمت الجهاديين الإسلاميين في سوريا بالأسلحة والمال، رأيت كيف تدخلت لوقف التوغل الروسي ضد إدلب وضد أكبر فرع لتنظيم القاعدة في العالم. رأيت كيف عملت الولايات المتحدة بجد لتمثيل الإسلاميين السوريين في محادثات السلام في جنيف حول سوريا مع استبعاد الأكراد بأمر من تركيا. رأيت عندما وقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعدم فعل أي شيء ضد غزو تركيا لجيب عفرين الكردي والآن بقية شمال شرق سوريا متعدد الثقافات".
واستكمل "لم أن توقع أن يحدث كل ذلك عندما خاطرت بحياتي وشاركت في الاحتجاجات ضد حكم الأسد، في عام 2006، كنت أحد الشباب النشطاء المعارضين للأسد، شاركت في تأسيس منظمة طلابية عملت على تحدي الأسد من خلال توثيق جرائمه بصريًا. اعتدت أن أقف أمام المحكمة العليا في دمشق وأن أقوم بتصوير السجناء السياسيين سرا عندما تقوم الشرطة السرية السورية بنقلهم من سيارات الشرطة إلى المحكمة. ثم أصبحت سجينًا سياسيًا وتعرضت للسجن والتعذيب لأكثر من شهر ثم للنفي من سوريا إلى الأبد".
يروي هندي أنه عندما قابل هفرين، كان مواطنًا أمريكيًا قابل العديد من قادة العالم. وكان من بين القادة السوريين الستة الذين قابلوا وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في أغسطس 2011، عندما دعت الإدارة رسميًا الأسد إلى التنحي وبدأت في الاعتراف بنا كحزب سوري شرعي.
وذكر أن مشكلة هذا الاعتراف كانت عدم وجود أي التزام بتغيير النظام في سوريا، وفضلت الولايات المتحدة العمل مع الجهاديين الذين رفضوا القيم الديمقراطية. على الرغم من أن وزارة الخارجية حاولت مساعدة المعارضين السوريين في تشكيل نظام حكم شامل، فإن برنامج التدريب والتجهيز الأمريكي الذي تبلغ تكلفته 500 مليون دولار عزز من طموحات القاعدة وحلفائها. وفي هذه الأثناء، أصبحت تركيا مركز عبور للجهاديين الدوليين الذين يدخلون سوريا، وأصبح الليبراليون السوريون مهمشين في السياسة الدولية، تمامًا كما تم رفض مشاركة الأكراد السوريين في المحادثات الدبلوماسية من قبل تركيا، بحسب الكاتب.
كانت هفرين تعتقد أن هندي يعرض حياتي للخطر بسبب وجودي في سوريا. لكنه كان يقول لها: "الأسد يكرهك أكثر مني. أنت الشخص الذي يمكنه أن يثبت للعالم أن الثورة السورية ليست مستنقعًا للجماعات الإسلامية المتطرفة".
وأوضح هندي أنه كان دائم القلق على هفرين لكنها كانت دومًا تطمئنه قائلة: "المرأة التي لديها صوتها الهادئ والموسيقى يمكنها إخضاع أي قاتل محتمل".
فيديو قد يعجبك: