إعلان

بيروت ثائرة.. لبنانيات من الميدان: لا تختزلوا "الثورة" في أجسادنا

04:20 م الإثنين 21 أكتوبر 2019

لبنانيات تشاركن في الاحتجاجات

كتبت- هدى الشيمي:

نزل اللبنانيون إلى الشوارع، مساء الخميس الماضي، مُحتجين على إقرار ضريبي جديد ضمن حزمة من الضرائب التي تفرضها بيروت من أجل مواجهة عجز الميزانية، إلا أن المشهد ازداد زخمًا مع مرور الوقت، وبات التمثيل النسائي واضحًا، فظهرت من أُطلق عليها "أيقونة الثورة" لأنها ركلت رجل أمن مُسلح، وتلك المرأة المُسنة التي ألقت خُطبة مُلهمة على جندي يقف أمام حاجز أمني، دعته للتكاتف مع شعبه عوضًا عن تصويب فوهة السلاح نحوه.

على مدار خمسة أيام، شاركت اللبنانيات من كل الأعمار في ساحات المظاهرات، وكان من بينهن فتيات قدن مسيرات احتجاجية مُرددين شعارات تطالب بإسقاط النظام وتنحي الحكومة، وما وجدن إلا بعض التعليقات المُسيئة على منصات التواصل الاجتماعي من قِبل بعض الأشخاص الذين يسخرون منهن ويختزلونهم في صور نمطية يرفضنها ويسعين إلى تغييرها.

1

"أزهرت جراح شعبي"

كانت حلا نصرالله، من أوائل المنضمين إلي الاحتجاجات في ساحة رياض الصلح، بالعاصمة اللبنانية بيروت، وهي الساحة المقابلة لمجلس الوزراء وتشارف أيضاً على مبنى مجلس النواب، وهو الموقع الأكثر احتكاكاً مع القوى الأمنية.

أكدت حلا نصرالله، لمصراوي، أن الحراك اللبناني لن يغادر الشارع ولكن قد يخفت نجمه، موضحة أن استمرار التظاهرات مرهون بأمور كثيرة، وأن المتربصين بالحراك كثر.

وفي رياض الصلح أيضاً تتواجد رزان شرف الدين، الإعلامية بقناة "الجديد" اللبنانية، والتي تتوجه إلى هناك بمجرد انتهاء دوام عملها. إلا أن قلبها لا يزال مُعلقاً مع مسقط رأسها في صور، جنوب لبنان. لكنها لا تهتم من أي مكان تشارك بالاحتجاجات، فالهدف واحد وموّحد.

2

تقول "شرف الدين" لمصراوي: "لبنان بكل فئاته ينتفض، المشهد جميل، حاشد، بيكبّر القلب، مُختلف عن كل ما سبقه من حيث التنوع المناطقي والمذهبي والطائفي".

ويطالب المتظاهرون اللبنانيون بإسقاط الحكومة التي تقول عنها شرف الدين إنها: تجاهلت الإصلاحات الجذرية وفرضت ضرائب وأعباء على المواطنين لا يمكن تحملها، وأثقلت كاهل الشباب وأحبطت عزيمته، وبات المستقبل كالمجهول بالنسبة لأي شاب لبناني في ظل الغلاء الفاحش الذي يعم بلادهم.

وفي محاولة لاحتواء الغضب الشعبي، ألمح رئيس الوزراء سعد الحريري إلى أنه قد يستقيل، إذا فشل شركاؤه في الحكومة المنقسمة في قبول الإصلاحات، والذين منحهم مُهلة 72 ساعة، وتنتهي مساء اليوم الاثنين، إلا أن هذا لم يردع الشعب عن المشاركة في الاحتجاجات لليوم الخامس على التوالي.

"دمعة الأمهات"

لا تختلف مطالب الإناث في لبنان عن الذكور، فالجميع يُطالب بإزاحة الحكومة الحالية التي يتهمونها بالفساد، بيد أن اللبنانيات لهن مطالبهن الخاصة وعلى رأسها سنّ قانون يسمح للمرأة اللبنانية بمنح الجنسية لأبنائها.

أثر غياب هذا القانون على آمال إمام، فهي ابنة لأب مصري وأم لبنانية، غير أنها لم تحصل على جنسية والدتها ما سلبها العديد من حقوقها. تقول: "رغم أني ولدت وعشت طوال حياتي في طرابلس، إلا أن الحكومة لا زالت تتعامل معي مثل الأغراب، وعندي أمل كبير بعد الانتفاضة أغدو لبنانية الهوية وأحصل على الجنسية، أدفع مثل باقي المواطنين الضرائب وأشارك في الانتخابات".

3

تُشارك إمام في الاحتجاجات من مدينة طرابلس، شمال لبنان، التي تعاني من تدني الأحوال الاقتصادية، لذا لُقبت بـ "أم الفقير"، ونظم مواطنوها العديد من الاحتجاجات، وشاركوا في إضرابات عمالية للإعراب عن رفضهم لما آلت إليه الأوضاع في مدينتهم.

بالإضافة إلى حصول أبناء اللبنانية على جنسية والدتهم، تطالب اللبنانيات ببعض الأمور الخاصة بهن، حسب حلا نصرالله، فإنه من الضروري سن قانون يسمح للمرأة اللبنانية بالإجهاض، وزيادة التمثيل النسائي في المناصب الرسمية بالبلاد، وحصول مريضات سرطان الثدي على رعاية صحية كاملة، إذ أن هناك فحص في لبنان يدعى "امينو استرو كامستري"، يطلبه الطبيب بعد استئصال الثدي، لا تكفله الوزارة وتكاليف إجرائه تصل إلى الف دولار، وهو ما يثقل كاهل المريضة وعائلتها.

وباعتبارها لبنانية تنتمي إلى الطائفة الشيعية، تنادي نصرالله بفرض قانون مدني يسمح لبنات طائفتها برؤية أبنائها وحضانتهم في حالة انفصالها عن زوجها.

ولا تنسى اللبنانيات المطالبة بحقهن في تفعيل قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، وهو ما تؤكده رزان شرف الدين، مُشيرة إلى المرأة اللبنانية عانت كثيرًا من عدم وجود "مفهوم العنف الأسري".

4

"أنتِ بيروت لي"

تتابع اللبنانيات مواقع التواصل الاجتماعي، وشاهدن التعليقات والمنشورات التي كتبها بعض رواد هذه المواقع منذ بدء الاحتجاجات، ووجدن أن بعضها مُسيئ، خاصة تلك التي تحدثت عن مظهر المُتظاهرات وطريقة ارتدائهن للملابس وأسلوبهن في التحدث، وهو ما اعتبرته حلا نصرالله "تحرشًا إلكترونيًا"، ووصفت التعليقات بـ"التافهة والسخيفة"، وتجسد التفكير الذكوري والانحطاط الجنساني تجاه الأنثى.

أكدت اللبنانيات أنه لا يمكن اختزال المرأة اللبنانية في جسد فقط، لاسيما وأن التاريخ اللبناني مليء بالنماذج المُشرفة لنساء حاربن من أجل سمو ورفعة وطنهن، وهناك قصص عدّة عن لبنانيات واجهن العدو الإسرائيلي وانتفضن أمام وجع الفساد الداخلي.

5

بحكم عملها في الإعلام تتابع رزان شرف الدين كافة وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي، "ما يُكتب حول النساء بالأخص يضيع بوصلة أهداف التحرك ويُقلل من قيمته بالنسبة لهن".

ولكنها في الوقت نفسه قد تكون نقطة قوة بالنسبة للبنانيات، قالت شرف الدين: "النساء اللبنانيات فعلاً قائدات ثورة، ومشهد الفتاة التي تهتف ويرد ورائها العديد من الشبان هو خير دليل على ذلك".

التركيز بالنكات والتعليقات على شكل الفتاة المُتظاهرة جزء من التنميط الممارس ضد المرأة اللبنانية ككل، حسب رزان شرف الدين، وتقول: "لبنان معروف بانفتاحه وتنوعه وتحرره، وهذا ما نحارب لأجل تعزيزه أكثر وأكثر، والتعليق حول المظهر واللباس أمر غير مجدِ بهذه الأوضاع".

فيديو قد يعجبك: