إعلان

الحرب في سوريا: كيف يمكن أن تغير إدلب استراتيجية ترامب؟

05:23 م الجمعة 07 سبتمبر 2018

(بي بي سي)

يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غير موقفه من جديد تجاه الملف السوري، حيث حذر من هجوم حكومي وشيك ضد آخر معاقل المتمردين في محافظة إدلب شمال غربي سوريا.

وغرد ترامب في حسابه على موقع تويتر قائلا إن هجوما "متهورا" من قبل بشار الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين "سيكون خطأ إنسانيا جسيما"، مشيرا إلى أنه قد "يسفر عن مقتل مئات الآلاف من الأشخاص".

وأضاف قائلا إن مثل هذا الهجوم سيجعل العالم والولايات المتحدة "غاضبين جدا جدا".
وجاء ذلك بعد إعرابه عن ضيقه إزاء تورط الولايات المتحدة في سوريا في إبريل/نيسان الماضي، عندما بدأ محادثات لإعادة القوات الأمريكية إلى الولايات المتحدة. كما أنه في الأسبوع الماضي ألغى 230 مليون دولار كانت مخصصة إصلاح الدمار الذي خلفته الحرب في سوريا.

إذن لماذا هذه التغريدة عن التدخل في إدلب؟ وهل تعكس تغييرا في استراتيجيته؟

1

في الواقع، فإن تعليقات ترامب تشبه الطريقة التي رد بها على هجمات بالأسلحة الكيماوية والتي دفعت الولايات المتحدة مرتين لشن غارات جوية محدودة على أهداف تابعة للنظام السوري.
وفي تلك الحالات كان رد فعله عاطفيا على صور أطفال سوريين مختنقين بسبب الغاز السام، كما كان راغبا بشدة في إظهار مدى عجز سلفه باراك أوباما الذي اعتبر الأسلحة الكيماوية خطا أحمر ولم يفعل شيئا.

وقد تناغمت تعليقاته مع مسؤولين في إدارته هددوا برد فعل "قوي جدا" إذا استخدم الكيماوي لاستعادة إدلب.

بعد استراتيجي
لكن بعض الخبراء المهتمين بالشأن السوري يرون بعدا استراتيجيا في الأمر.

يقول نيكولاس هيراس، المحلل العسكري المعني بشؤون الشرق الأوسط، إن أزمة إدلب هي "مأزق" لإدارة ترامب، موضحا أن "كيفية استجابته لها ستحدد مدى نجاح أو فشل سياسته الجديدة تجاه سوريا".

ويتمثل المأزق في أن إدلب هي ملاذ نحو 3 ملايين شخص أكثر من ثلثهم هرب من النزاع من مناطق أخرى بسوريا وليس لهم ملجأ آخر.
كما يوجد بها معارضة مسلحة تهيمن عليها ميليشيا إسلامية أقواها له ارتباطات بالقاعدة.

وتريد روسيا التخلص من "الإرهابيين" الذين يشنون هجمات باستخدام طائرات بدون طيار على قاعدتها القريبة، كما تريد واشنطن أيضا التخلص منهم.
وتخشى تركيا، التي تدعم بعض قوات المتمردين في إدلب، أن يؤدي هجوم شامل إلى موجة نزوح كاسحة للاجئين شمالا صوب حدودها، وهو أمر تخشاه أيضا الولايات المتحدة وأوروبا.

لذلك، يريد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ورئيس هيئة الأركان الأمريكية جوزيف دانفورد من تركيا وروسيا أن يتوصلا إلى تسوية تضمن عملية محدودة لمكافحة الإرهاب في المنطقة.

ويرى هيراس أن تحذيرات ترامب تهدف إلى تعزيز الموقف التركي، إذ أن القوة الجوية الروسية قد تضمن انتصارا للقوات الحكومية السورية.

وجود عسكري دائم
ويتحدث حاليا مسؤولون أمريكيون عن استراتيجية جديدة تقوم على وجود عسكري دائم بهدف ضمان هزيمة تنظيم الدولة واحتواء النفوذ الإيراني في المنطقة.

وفي الواقع ليست هذه الاستراتيجية بجديدة فقد وضعها وزير الخارجية السابق ريكس تليرسون.
وتقول رندا سليم، التي تقود حوارا حول الأزمة السورية لمعهد الشرق الأوسط، إن ترامب مازال يرى النزاع السوري من منظور هزيمة تنظيم الدولة، وقد أقنعه المسؤولون في إدارته بأن المعركة ضد التنظيم مازالت مستمرة.

وأضافت قائلة:" سمعت أن دعوته للانسحاب قد أرجئت بعد إبلاغه بأن التنظيم قد يعود عقب الانسحاب كما حدث في العراق بعد إنهاء أوباما الوجود العسكري الأمريكي هناك. فترامب لا يريد أن يكون أوباما في سوريا فقد استغل مسؤولون في الإدارة هذا الوضع لإبقائه على المسرح السوري".

وقد أرسل بومبيو مؤخرا فريقا خاصا معنيا بالملف السوري للمنطقة للتأكيد على أن هجوما على إدلب سيصعد الأزمة السورية، ولإقناع الحلفاء بأن واشنطن مازالت في اللعبة.

فما مدى الاختلاف الذي يمكن أن يحدثه ذلك في الحسابات بينما يبدو نظام الأسد وحلفاؤه على وشك النصر؟

المؤكد أن مئات الآلاف من الأرواح على المحك، وهذا ما يشدد عليه ترامب.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: