إعلان

"الحرب على إدلب".. كيف تخطط روسيا لإقناع الغرب بالمذبحة مقدمًا؟

02:46 م الأحد 02 سبتمبر 2018

ارشيفية

كتب - هشام عبد الخالق:

تحاول روسيا بكل الطرق جاهدة أن تبرر - مقدمًا - المذبحة التي ستندلع عاجلًا أم آجلًا في مدينة إدلب السورية الواقعة في شمال غرب سوريا، والتي تعد موطنًا لأكثر من مليوني شخص تم إعادة توطينهم في آخر معاقل المعارضة السورية، والرئيس السوري بشار الأسد مصمم على استعادتها مرة أخرى بغض النظر عما سيكلفه هذا من أرواح.

وتقول صحيفة "الجارديان" البريطانية، في تقرير لها السبت: "في سلسلة من التحركات المنسقة الأسبوع الماضي، حاول مسؤولو الحكومة الروسية والمتحدثون العسكريون، استباق معارضة الغرب للهجوم الجوي والبري المتوقع على إدلب، وجزئيًا كان الأمر عبارة عن دعاية فقط، حيث اتهم سيرجي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي، الولايات المتحدة بالتخطيط لتغيير النظام السوري بالقوة، وقال: "مرة أخرى، نحن نشهد تصعيدًا خطيرًا للوضع".

لسوء الحظ، كما تضيف الصحيفة، هذا مجرد خيال مخادع، حيث لم يُظهر دونالد ترامب، الذي وصفته الجارديان بـ "المتحير"، أي اهتمام بإسقاط الأسد، وأنهى دعم الجماعات المتمردة، وأعطى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حرية التحرك افتراضيًا، وأثبتت الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بعد هجوم الأسد بالأسلحة الكيميائية على دوما في أبريل أنها غير فعالة وأن الهجوم كان لمرة واحدة فقط، وأدار ترامب ظهره لسوريا ويخطط حاليًا لسحب القوات الأمريكية المتبقية هناك التي تقاتل تنظيم داعش بأسرع ما يمكن.

ولكن التصعيد يكمن على الجانب الروسي فقط، لأنها تقوم بتجميع أسطولًا بحريًا قبالة الساحل السوري، يتألف من 25 سفينة وطائرة مقاتلة، بالإضافة لحاملة الصواريخ مارشال أوستينوف، في أكبر استعراض للقوة منذ تدخل بوتين في سوريا عام 2015، ويشارك الأسطول ظاهريًا في التدريبات، لكن ديمتري بيسكوف الناطق باسم الكرملين، اعترف بأن التدريبات مرتبطة بشكل مباشر بإدلب، والتي وصفها بأنها "مرتع إرهابي" يجب التعامل معه قريبًا.

وتقول الصحيفة، يكثف المحور الروسي ـ السوري هجومه الدبلوماسي أيضًا، حيث حذر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الأسبوع الماضي، من أنه يجب تصفية "المسلحين" في إدلب (لم يسمهم)، وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم، الذي التقى لافروف في موسكو في اليوم التالي، صريحًا حيث قال: "نحن في المرحلة الأخيرة من حل الأزمة في سوريا وتحرير كامل أراضينا من الإرهاب".

زعم النظامان الروسي والسوري، أنهما يهتمان فقط بمكافحة الإرهاب، في الوقت الذي كانا يدافعان فيه عن الصواريخ التي يطلقونها بعشوائية، والبراميل المتفجرة والقذائف التي يلقونها على المناطق السكنية المدنية والمستشفيات والمدارس، لا سيما في حلب والغوطة الشرقية، والتي تسببت في وقوع عدد كبير من الضحايا، وعلى الرغم من ذلك، وبحسب إحصاءات الأمم المتحدة، فمن بين ثلاثة ملايين شخص يواجهون خط النار في إدلب، حوالي 10.000 فقط منهم جهاديين مسلحين، وكمجموع كلي، يوجد حوالي 70000 معارض من المناوئين للنظام هناك.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، عبر عن قلقه الأسبوع الماضي، من أن "كارثة إنسانية" تلوح في الأفق في إدلب، وربما أكبر من تلك الموجودة في أماكن أخرى، وذكّر تركيا وإيران، وهما شريكا روسيا في محادثات السلام بأستانا، بأنهما قد صنفوا معًا إدلب على أنها "منطقة خفض تصعيد"، مما يعني أنه يجب حمايتها.

ولكن، بحسب الصحيفة، على غرار جميع مناطق خفض التصعيد الأخرى التي أعلنتها روسيا، تعرضت إدلب للهجوم بالفعل، ووفقًا لمنظمة "الحملة السورية" الدفاع عن حقوق الإنسان، كانت هناك سلسلة من الأعمال الوحشية في الأسابيع الأخيرة، بما في ذلك قصف قرية أورم الكبرى في 10 أغسطس، والذي أسفر عن مقتل 39 شخصًا، وعلى الرغم من أن تركيا، تعارض أي هجوم جديد، خوفا من تدفق اللاجئين عبر حدودها، إلا أن قواتها داخل سوريا فيما يبدو عاجزة عن منع الهجوم إذا بدأ.

وتشمل جهود روسيا للتأثير على الرأي الدولي، تكرار حملات التضليل السابقة بشأن الأسلحة الكيميائية، وعلى الرغم من الأدلة الموثقة على العديد من حالات استخدام الأسلحة الكيميائية غير المشروعة من قبل نظام الأسد، فإن موسكو ودمشق لا تزالان تصران على أن هذه الهجمات إما لم تحدث، أو قام بها الجهاديون وفصائل المتمردين.

المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الميجور جنرال إيجور كوناشنكوف، نشر هذه الأخبار من زاية أخرى الأسبوع الماضي، حيث ادّعى أن مقاتلين ينتمون إلى الجماعة الجهادية الرئيسية "حركة تحرير الشام"، قاموا بتهريب ثماني قنابل من غاز الكلور إلى قرية بالقرب من جسر الشجور، جنوب غرب مدينة إدلب، وكانت خطتهم، حسبما قال، هي تنظيم "مسرحية" باستخدام الأسلحة الكيميائية وإلقاء اللوم على النظام، مما سيؤدي إلى تدخل الغرب مرة أخرى.

ويخشى الجميع الآن، من ضمنهم مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، لا يتمثل في تصديق مثل هذه العمليات المزيفة، ولكن استخدام الأسد للهجوم بغاز الكلور مرة أخرى وادّعاء أن كل هذا معقل للمعارضة، ودعا ميستورا الأسبوع الماضي إلى "ممرات إنسانية" للسماح للمدنيين بالخروج من ما وصفته الجارديان بـ "مربع إدلب القاتل"، محذرًا من حدوث مأساة أشد فظاعة إذا ما استمروا محاصرين.

وتقول الصحفية، إن بوتين متلهف لتصوير الحرب السورية على أنها انتهت، وهو أمر يرغب فيه للغاية، بعد أن ثبت أن حملته ضد المعارضة السورية التي استمرت لثلاث سنوات مكلفة من حيث المال والعتاد، وناقش مؤخرًا فكرة إعمار سوريا في مرحلة ما بعد الحرب مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وكل ذلك بهدف تحويل الانتباه والتركيز الدوليين بعيدًا عن معركة إدلب.

ولتبرير التدخل الروسي في سوريا عام 2015 وضمان استمرار الأسد في منصبه وتحقيق فوز استراتيجي على الولايات المتحدة، يحتاج بوتين إلى إحكام سيطرته على إدلب، التي تمثل القطعة الأخيرة في الأحجية السورية، ورسالته الاستباقية إلى الغرب تتمثل في: "ابقوا خارجًا ولا تتدخلوا" لأنه مصمم على الفوز بالحرب بغض النظر عن الأرواح البشرية التي ستزهق والمعاناة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان