بعد مطالبة المعلم بـ"إسكندرون".. من سيواجهه الأسد إذا حاول تحرير شمال سوريا؟
كتب – محمد عطايا:
يبدو أن سوريا تتحول إلى أكبر ميدان حرب شمل أغلب القوى الدولية المتصارعة، ويسعى بشار الأسد -طرفًا في الحرب وليس صاحب الأرض في نظر المعارضة- أن يعيد سيطرته على بعض المناطق المسلوبة منه.
بعد مطالبة وليد المعلم بإقليم إسكندرون، البالغة مساحته 47800 كيلو مترمربع، يبدو أن الحكومة السورية تسعى في الوقت الحالي إلى التوجه لمدن الشمال التي فقدت السيطرة عليها.
الحكومة السورية، أعلنت على لسان وزير خارجيتها وليد المعلم منذ أيام، نيتها استرداد أراضي "لواء إسكندرون" الخاضع لسيطرة تركيا، وسط تأكيد من دمشق بأن لها الحق في الحصول على ما تعتبره أرضها، بكل الطرق، بما فيها الكفاح المسلح.
وقال المعلم أثناء زيارته لقرية السمرا بريف اللاذقية: إن "لواء الإسكندرون أرض سورية، وستعود لنا".
كما أكد المعلم في لقاء خاص مع قناة "RT" اليوم، إن سوريا لا تتطلع لمواجهة مع تركيا، لكن على الأخيرة أن تفهم أن إدلب محافظة سورية.
وأضاف المعلم أن الرئيس السوري بشار الأسد أكد على أولوية تحرير إدلب سواء بالمصالحات أو بالعمل العسكري.
وبخصوص مسألة الأكراد قال المعلم، إنهم جزء من النسيج الاجتماعي السوري، والحكومة السورية مستعدة لمواصلة الحوار معهم، لكن رهان بعضهم على الأمريكيين واهم، علما أن الأمريكيين معروفون بالتخلي عن حلفائهم.
تصريحات المعلم عن استعادة السيطرة على بعض مدن الشمال، والتودد إلى الأكراد يكشف عن نية النظام في التوجه إلى ما سلب منه في أخر البقاع التي نوى مؤخرًا التوجه إليها.
في إطار بحث الحكومة للسيطرة على المدن الشمالية، سيقع الأسد في مواجهة مع دول كبرى، على رأسهم تركيا التي يبدو أنها لا تنوي الخروج من بعض المناطق هناك.
المستشار الإعلامي السابق لوحدات حماية الشعب الكردية، ريزان، حدو، يرى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يريد إحياء الميثاق المللي 1920، وبحسب ذلك الميثاق تعتبر حلب تابعة للدولة التركية (حلب وقتها أي المناطق الممتدة من غرب الفرات ريف حلب الشرقي فالشمالي فالغربي وصولا إلى إدلب حتى تخوم اللاذقية).
وتابع في تصريحات خاصة لـ"مصراوي"، أنه عندما دخل الجيش التركي مدينة جرابلس السورية عام 2016، اختار التركي دخول الأراضي السورية يوم 24 أغسطس، مؤكدًا أن هذا الاختيار ليس اعتباطيًا بل مدروسًا بدقة، حيث صادف ذكرى مرور خمسمائة عام على ذكرى معركة مرج دابق ومن تداعيات تلك المعركة أن سيطر العثمانيون على الشام ومصر بعد أن قتلوا السلطان قانصوه غوري وخلفه طومان باي.
وأكد حدو: "أن هدف أردوغان إطالة أمد الحرب السورية وعرقلة أي حل سياسي، فالحكومة التركية تدرك أن فور الوصول لحل سياسي في سوريا ستفتح ملفات الإرهابيين وكيفية وصول عشرات الآلاف من الإرهابيين من شتى أصقاع العالم إلى سوريا، وكل هؤلاء الإرهابيين دخلوا الأراضي السورية انطلاقا من الأراضي التركية".
في حالة تركيا، كان التدخل في الشمال، وبخاصة في مدينة عفرين، التي شنت عليها أنقرة حملة عسكرية بعنوان "غصن الزيتون"، يناير الماضي، وانتهت بسيطرة القوات الموالية لأردوغان على المدينة.
إلا أن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لضرب داعش، كان قرارًا أمميًا بالتدخل في سوريا، وأقامت واشنطن عددًا من القواعد العسكرية في الشمال أهمها في منبج، وهو ما سيجعل الحكومة السورية في مواجهة أقوى دولة بالعالم في حالة مطالبتها باستقلال تلك الأراضي.
أمريكا تعتبر شرعية الأسد منتهية، وتريد التوصل إلى تسوية في سوريا بشرط غياب الرئيس، وهو ما يضع الوضع في أزمة، من حيث عدم التوصل إلى حل سياسي هناك.
تسيطر الولايات المتحدة على تلك المنطقة بشكل كبير، حتى وإن لم يكن بشكل مباشر، فنفوذها جعل أنقرة تبرم مع واشنطن اتفاق منبج، يسمح بخروج الأكراد من هناك لضمان أمن حدود تركيا.
تحكم الولايات المتحدة في الشمال، يضع الحكومة السورية في ورطة، ولكن الأمل لدى الحكومة السورية بحسب حدو، يتوقف على معيار التدخل الشرعي في البلاد.
وقال: "المعيار في تصنيف هذه التدخلات إلى شرعية وغير شرعية هو القوانين والتشريعات والأعراف المنظمة للعلاقات الدولية"، مضيفًا: "الآن من يشغل مقعد سوريا في الأمم المتحدة على سبيل المثال هو الدكتور بشار الجعفري ممثلًا عن الحكومة السورية. بناءً عليه فإن أي دولة أو جهة تدخلت في الحرب التي تجري على الأراضي السورية بالتنسيق مع دمشق يعتبر تدخلها شرعيًا، ومن لم ينسق مع دمشق يعتبر تدخلها غير شرعي".
وتابع المستشار الإعلامي السابق لوحدات حماية الشعب الكردية: "التدخلات الشرعية جاءت كنتيجة للتدخلات غير الشرعية، وهذا ليس تحليل إنما استعراض للأحداث التي مرت بها الأزمة السورية".
وأوضح بمثال على التدخل غير الشرعي كان في 8 يوليو 2011 "جمعة لا للحوار مع النظام"، عندما زار مدينة حماه كل من السفير الأمريكي السابق روبرت فورد، ونظيره الفرنسي اريك شوفالييه. قبل أن يعيد الجيش فرض سيطرته على مدينة حماه إثر عملية بدأت في 31 يوليو 2011.
فيديو قد يعجبك: