صحيفة بريطانية: العرب يهددون "صفقة القرن"
كتبت - هدى الشيمي ورنا أسامة:
قالت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية إن آمال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بطرح مبادرة السلام في الشرق الأوسط المعروفة إعلامياً باسم "صفقة القرن" باتت مُهددة بالفشل، وسط مخاوف القادة العرب من أن خطة واشنطن ستكون منحازة لإسرائيل.
وذكرت الصحيفة أن المسؤولين العرب أكدوا أن مقترح السلام لا يجب طرحه قبل انتهاء المشاكل بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، واحتواء غضب الفلسطينيين بعد اعتراف الرئيس الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل في نهاية العام الماضي، حسب تصريحات مصادر دبلوماسية أمريكية وعربية لم تسمها.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول دبلوماسي أمريكي أن هذه الرسالة نُقلت إلى مهندسي صفقة القرن جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط وصهره، وجيسون جرينبلات مبعوث ترامب للسلام في الشرق الأوسط.
وذكرت فاينانشال تايمز أن إسرائيل قتلت أكثر من 130 فلسطيني شاركوا في الاحتجاجات في قطاع غزة، وهذا ما يُنظر عليه باعتباره أسوأ أحداث عنف شهدها القطاع منذ حرب 2014.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول خليجي قوله إن المسؤولين العرب قلقون من أن تكون الخطة الأمريكية مُنحازة بدرجة كبيرة إلى إسرائيل، فلن يكون أمامهم أي خيار سوى رفضها.
وقال دبلوماسي عربي: "يبدو أن الأمريكيين يستعدون الآن لسحب الخطة التي كانوا يعتزمون طرحها قريبًا".
وكانت تقارير إعلامية أفادت منذ فترة أن الخطة الأساسية للبيت الأبيض تنطوي على أن تكون بلدة أبوديس عاصمة لدولة فلسطين المُستقبلية، تزامنًا مع استمرار عمليات الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية.
ووفقًا لمسؤول أمريكي، فإن الرئاسة الفلسطينية متأكدة أن هذه المقترحات محكوم عليها بالفشل، مشيرين إلى إن الإدارة الأمريكية أجهضت حلمهم بأن تكون لديهم دولة مستقلة.
وتقول الصحيفة إن المسؤولين في إدارة ترامب ينكرون تلك التقارير والمعلومات المُسربة المتعلقة بخطتهم، ويصرون على أنهم يسيرون في المسار الصحيح، رغم أن موعد طرح الخطة لم يُعلن عنه حتى الآن.
وكانت تقارير إعلامية أشارت إلى أن المسؤولين في إدارة ترامب يعتزمون الكشف عن تفاصيل صفقة القرن بعد أيام من انتهاء شهر رمضان الماضي، وهذا ما لم يحدث حتى الآن.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول بارز في إدارة ترامب قوله إن الإدارة الأمريكية لم تتعثر، ولكنها مُستعدة لطرح مبادرة سلام قوية.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن المخاوف العربية والفلسطينية تضخمت كثيرًا، عقب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في مايو الماضي، وهي الخطوة التي اعتبرها القادة والمسؤولون العرب بمثابة انحرافًا في مسار السياسة الأمريكية إزاء القضية الفلسطينية، وقرار أحبط آمال الشعب الفلسطيني في تحقيق حل الدولتين.
وتعتبر إسرائيل القدس عاصمتها الموحدة، بينما يطالب الفلسطينيون بأن تكون القدس الشرقية عاصمة دولتهم المستقبلية.
وتُشير الصحيفة البريطانية إلى أن القادة الفلسطينيين ومن بينهم الرئيس محمود عباس رفضوا الجلوس مع ترامب أو أي مسؤول في إداراته بعد مواقفه الأخيرة من القدس، وأكدوا أن الولايات المتحدة لم يعد بإمكانها لعب دور الوسيط المحايد في محادثات السلام.
ولا يشعر الفلسطينيون فقط بالخوف، إذ تنقل الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي قوله إن بعض الإسرائيليين يشعرون بالقلق من أن تُلحق المبادرة الأمريكية غير المتزنة الأضرار بالعلاقات الإسرائيلية غير الرسمية ببعض الدول العربية.
وبدت السعودية، الحليف العربي الأكبر للولايات المتحدة، على استعداد للضغط على الفلسطينيين من أجل قبول عرض البيت الأبيض، إذ تُحدّد الرياض مسارها في مواجهة النفوذ الإيراني، وهو الهدف الذي يجمعها مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
ويتبنّى ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وجهة نظر قريبة من كوشنر. وصرّح في حوار مع مجلة "ذي أتلانتيك" الأمريكية، هذا العام، بأنه "يحق للإسرائيليين أن تكون لهم أرض، وهناك الكثير من المصالح المشتركة بيننا وبين إسرائيل".
ومع ذلك، طمأن والده، الملك سلمان، الزعماء الفلسطينيين بشأن استمرار دعم المملكة لحين إعادة فتح قضية القدس، العاصمة المشتركة للدولتين، حسبما ذكر مسؤولان فلسطينيان.
وقال نبيل شعث، أحد كبار المسؤولين الفلسطينيين: "يعلم السعوديون ويحترمون حقيقة أنه من حقنا في النهاية أن نرفض ما نراه صفقة سيئة"، مُشيرًا في هذا الصدد إلى حديث الملك سلمان عن مبادرة السلام العربية خلال حواره مع مسؤولين أمريكيين.
وتمنح المبادرة، التي قدّمتها السعودية عام 2002، دولة الاحتلال اعترافًا عربياً حال انسحب الإسرائيليون من الأراضي المُحتلة.
وقال "شعث": "ربما يوافق الفلسطينيون بعد أن يمارس السعوديون ضغوطًا هائلة عليهم لتمرير الخطة الأمريكية، نظرًا لعدم وجود خيار آخر أمام عباس، ولكن المشكلة لن تُحلّ لأنها ستقضي على شرعيته. لا يمكن التخلي عن القدس بهذه البساطة".
ويدأب مسؤولو إدارة ترامب على القول إن مبادرة السلام العربية تبدو جيدة على الورق، ولكنها تفتقر إلى التفاصيل. "لماذا نتعجّل شيئًا معقدًا وصعبًا للغاية؟"، يتساءل مسؤول بالإدارة الأمريكية.
وتابع "نريد أن نفعل ذلك في الوقت المناسب. طالما قلنا إننا لا نستطيع التوصل إلى اتفاقية سلام شاملة دون تسوية قضية غزة". وأضاف "إنهما مساران متوازيان، وربما يسبق أحدهما الآخر بأسابيع قليلة".
فيديو قد يعجبك: