لماذا دخل سجناء الولايات المتحدة في إضراب؟
كتبت – إيمان محمود:
احتجّ السجناء في جميع أنحاء الولايات المتحدة، الثلاثاء الماضي، على ما أسموه بــ "عبودية العصر الحديث"، في خطوة وصفتها مجلة "تايم" الأمريكية بـ"أكبر ضربة في التاريخ الامريكي الحديث".
ومن المقرر أن يستمر قرابة الثلاثة أسابيع، احتجاجًا على العمل داخل السجون مقابل أجور ضئيلة غير عادلة، وظروف الحياة بشكل عام داخل السجون، والأحكام بالسجن مدى الحياة.
ويأتي الإضراب ضمن سلسلة ردود أفعال على أعمال شغب اندلعت في أبريل الماضي في مؤسسة "لي" الإصلاحية، وأسفرت عن مصرع سبعة من النزلاء.
من خلال الإضرابات العمالية ، بدأت الإضرابات عن الطعام والاعتصامات من 21 أغسطس الماضي، والتي من المُفترض أن تستمر حتى 9 سبتمبر المقبل، للمطالبة بوضع حد لما يعتبرونه الاستغلال والعنصرية في أكبر مجمع للسجون في العالم.
وقال جيلهاوس لويرز سبيج –في بيان أصدره السجناء قبل الإضراب- إن السجناء يُعاملون كالحيوانات، ويتعرضون للأذى الجسدي ويمكن ان يقع بينهم حالات وفاة، مضيفًا "السجون في أمريكا منطقة حربية".
واستجاب السجناء في 17 ولاية أمريكية على الأقل لدعوة الإضراب، ممتنعين عن القيام بالأعمال والأنشطة اليومية المطلوبة منهم، وبعضهم دخل في إضراب عن الطعام.
وحذرت المجلة الامريكية، أن السجناء في أمريكا سيواجهون خطرًا انتقاميًا لانضمامهم للاحتجاجات، لافتة إلى أن هناك حوالي 2.3 مليون شخص سجين في نظام السجون الامريكي الضخم.
وبلغت نسبة السجناء للسكان في الولايات المتحدة 2,2 بالمئة نهاية 2016 وهي الأعلى في العالم، ويقول الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية إن هذه النسبة تشكل نحو 20 بالمئة من السجناء على الصعيد العالمي.
مَن يحتج ولماذا؟
قالت المجلة الأمريكية، إن منظمات مهتمة بأحوال السجون في الولايات المتحدة مثل "Jailhouse Lawyers Speak" و "Incarcerated Organisation"، قامت بتنظيم الإضراب الذي استمر لـ19 يومًا وصل خلالها إلى جميع أنحاء البلاد، حتى شارك فيه ما لا يقل عن 17 ولاية حتى الآن.
ويأتي الإضراب ردًا على إراقة الدماء في مؤسسة لي الإصلاحية في ولاية كارولينا الجنوبية، التي اعتُبرت واحدة من أكثر الشجارات دموية في السجون بالتاريخ الحديث، إذ قُتل سبعة نزلاء في أحد سجون الولاية طعنًا، كما أصيب 22 آخرون في واقعة شغب دامت ثماني ساعات.
وأكد ستيف مارتن الخبير في أمن السجون، أن الحادثة هي الأكثر دموية منذ عام 1993 عندما قتل تسعة سجناء وضابط في سجن أوهايو الجنوبي بمدينة لوكاسفيل.
وقال جيلهاوس لويرز كلاند في بيان الإضراب، إن ساوث كارولينا هي مجرد انعكاس للقضايا التي تواجه الدول الأخرى والمباني الحكومية من الحبس، مضيفًا "هذه مشكلة منهجية ولدت من العبودية التي يجب على هذه الأمة أن تفهمها وتواجهها"، بحسب ما نقلته المجلة.
وأوضح منظمو الإضراب 10 مطالب، بما أهمها تحسين الظروف المعيشية "للاعتراف بإنسانية الرجال والنساء المسجونين" وإنهاء الأحكام العنصرية التي تميز ضد على أساس لون البشرة، وإنهاء "الموت عن طريق الحبس".
ونددت مجموعة "جيلهاوس لويرز" المؤلفة من سجناء، بالأجور المنخفضة التي ينالها السجناء المجبرون على ممارسة أعمال مثل الطهي والتنظيف، واصفة ذلك بأنه "عبودية".
وسلطت الأضواء على ما يجري داخل السجون الامريكية بعد حادث حرائق الغابات في كاليفورنيا، غذ تم الكشف عن أن العديد من السجناء تطوعوا لإخماد الحرائق وخاطروا بحياتهم مقابل دولاراً واحدً في الساعة، بحسب المجلة.
لماذا مواعيد الاحتجاج مهمة؟
لفتت المجلة الأمريكي، إلى أهمية التوقيت الذي بدأ فيه السجناء إضرابهم، إذ أنه بدأ في 21 أغسطس، أي بعد 47 سنة من مقتل الناشط الأمريكي من أصل أفريقي جورج جاكسون أثناء محاولة هروب من سجن سان كوينتين في كاليفورنيا.
ومن المقرر أن ينتهي الإضراب في 9 سبتمبر، في ذكرى انتفاضة سجن أتيكا، عندما سيطر السجناء على منشأة إصلاحية في شمال ولاية نيويورك.
حالة السجون الأمريكية
تقول المجلة، إن لدى الولايات المتحدة الأمريكية، أقل من 5٪ من سكان العالم، ومع ذلك فهي تضم ما يقرب من 25 في المئة من السجناء.
وأحصى المجلس البحوث الأمريكي حوالي واحد من كل 100 شخص بالغ يقبع في أحد السجون.
وفي فبراير؛ قضت المحاكم البريطانية بأن الجمع بين الأحكام القاسية والعلاج الطبي السيئ والإفراط في استخدام الحبس الانفرادي يجعل السجن في أمريكا "انتهاكًا لحقوق الإنسان".
وعرض منظمو الإضراب تقييمًا صارخًا مماثلاً: "كل يوم يتعرض السجناء للأذى بسبب ظروف الحبس، بالنسبة لبعضنا، يبدو الأمر كما لو كنا أموات بالفعل. إذن ماذا سنخسر؟".
فيديو قد يعجبك: