"القط والفأر".. ترامب والإعلام مسلسل مستمر من الكر والفر
كتبت- هدى الشيمي:
يستمر هجوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على وسائل إعلام بعينها، لما توجهه له من انتقادات حادة فيما يتعلق بسياسته الداخلية أو الخارجية، ويؤكد أنها منصات أخبار كاذبة ومزيفة تخدع الشعب الأمريكي وتشوه الحقائق، وتعكف على الإساءة إليه هو ومن حوله.
واستعمل ترامب عبارة "الإعلام المزيف" لوصف المنصات الإعلامية التي تنشر مواد تنتقد، واستخدم حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر كسلاح للدفاع عن نفسه وعن المقربين منه، وصوبه نحو تلك القنوات الإعلامية والتي من ضمنها صحيفتي نيويورك تايمز وواشنطن بوست، ومجلة التايم، وشبكتي "سي إن إن" و"إيه بي سي".
وبالتزامن مع انطلاق موسم الجوائز في الولايات المتحدة مطلع هذا العام، أعلن الرئيس الأمريكي في يناير الماضي قائمة بجوائز أطلق عليها اسم جوائز الأخبار المزيفة، ومن بين وسائل الإعلام التي حصلت على الجوائز شبكة "سي إن إن" التي حصلت على أربعة جوائز، ونيويورك تايمز التي حصلت على جائزتين، وواشنطن بوست، ومجلة التايم.
وخلال الأيام الأخيرة الماضية وقعت عدة مواقف زادت من حجم الهوة بين ترامب وبعض المنصات الإعلامية، على رأسها شبكة "سي إن إن" وصحيفة "نيويورك تايمز".
"الحض على العنف"
وفي بيان نشرته نيويورك تايمز، أمس الاثنين، قال ناشر الصحيفة آرثر جريج سالزبرجر إن لهجة الرئيس الأمريكي الحادة تجاه الصحفيين ستتسبب في زيادة التهديدات ضدهم، وبإمكانها الحض على العنف.
وتابع سالزبرجر، الذي التقى ترامب في البيت الأبيض سرًا في 20 يوليو الجاري، أن تصريحات ترامب وكلامه تزيد من الفرقة بين الشعب، مُشيرا إلى أن استخدامه لتعبير مثل "الإعلام المزيف" غير صحيح ومؤذي.
وقال ترامب عقب لقائه بسالزبرجر إنه أمضى الكثير من الوقت معه وهو يتحدث عن الكم الهائل من الأخبار الكاذبة التي تنشرها وسائل الإعلام، وكيف أصبحت هذه الأخبار الكاذبة تختصر بكلمة واحدة "عدوة الشعب". وهذا ما اعتبره أمر محزن.
وتابع ترامب، في تغريدة أخرى، "الصحيفة الفاشلة نيويورك تايمز وواشنطن بوست التابعة لأمازون، تكتفيان بكتابة المقالات السيئة، حتى لو كان الأمر يتعلق بإنجازات ايجابية جدا".
"تليفزيون ميلانيا"
وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكي، في تقرير نشرته الأربعاء الماضي، إن ترامب غضب على فريقه وطاقمه في الطائرة، لأنه اكتشف أن زوجته ميلانيا تشاهد قناة "سي إن إن" في غرفتها الخاصة في الطائرة الرئاسية "فورس وان".
ونقلت نيويورك تايمز عن، رسائل إلكترونية متبادلة بين المسؤولين في المكتب العسكري بالبيت الأبيض ووكالة الاتصال التابعة للمكتب البيضاوي، فإن ترامب اعتبر ما فعلته ميلانيا انتهاكا لأحد قواعد السفر والتي تنص على ضرورة مشاهدة البيت الأبيض قناة فوكس نيوز المفضلة لديه عند بداية أي رحلة.
وفي نهاية الرسائل الإلكترونية، أكد المسؤولون أن الرئيس الأمريكي شدد على ضرورة ضبط كافة أجهزة التليفزيون على قناة فوكس.
ويؤكد ترامب أن شبكة فوكس نيوز هي المنصة الإعلامية الأفضل في الولايات المتحدة، لما تقدمه من معلومات حقيقية وصادقة على حد قوله.
وفي المقابل، نقلت نيويورك تايمز عن مسؤولين سابقين في البيت الأبيض قولهم إن فوكس نيوز شبكة متحيزة لترامب، وتدافع عن آرائه ومواقفه باستماتة واضحة، ودائمًا ما تجد له مبررًا، كما تجمعه علاقات قوية بالعاملين فيها.
"التواطؤ وهلسنكي"
وتشن وسائل إعلام أمريكية هجومًا قاسيًا ضد ترامب، بدأ منذ تداول أنباء عن تواطؤ بعض أفراد فريقه الانتقالي وحملته الانتخابية مع الروس خلال الانتخابات الأمريكية لعام 2016.
وأصبح الهجوم أكثر قسوة عقب قرارات الرئيس الأمريكي التي تراها الصحيفة "معيبة ولا تليق بقيم المجتمع الأمريكي"، خاصة قراره بمنع دخول المهاجرين واللاجئين المسلمين إلى الولايات المتحدة، وقراره بفصل أطفال المهاجرين غير الشرعيين عن ذويهم، والذي أحدث ضجة كبيرة في المجتمع الأمريكي، واعتبره كثيرون غير إنساني.
وكشرت عدة منصات إعلامية عن أنيابها واتهمت ترامب بالخيانة والانحياز إلى الروس، عقب القمة التاريخية بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة الفنلندية هلسنكي، في 16 يوليو الجاري، خاصة وأن الرئيس الأمريكي قال إنه يُصدق الرئيس الروسي عندما قال إن موسكو لم تتدخل في الانتخابات الأمريكية.
ومن جانبها، نشرت مجلة التايم الأمريكي غلافًا لعددها الذي أعقب القمة مزجت فيه بين صورتي الرئيسين الأمريكي والروسي وكتبت عليه مُعلقة "بوتين وترامب وجهان لعملة واحدة"؟
ولا تعد هذه المرة الأولى التي تخصص فيها المجلة الأمريكية الشهيرة غلاف مجلتها لانتقاد سياسات الرئيس الأمريكي، إذ تجلى إبداع العاملين فيها بإعداد أغلفة مُعبرة عن موقفها إزاء الرئيس الأمريكي، من بينها الغلاف الذي ظهر فيه ترامب وهو ينظر إلى مرآة ويرى نفسه ملكًا وكتبت عليه مُعلقة "أنا الملك" في إشارة إلى نرجسية ترامب واعتداده بذاته.
وأثار غلاف التايم الذي صممته لصورة ترامب وهو ينظر إلى طفلة مُهاجرة غير شرعية صغيرة، تبكي بعد فصلها عن عائلتها، وكتبت عليها مُعلقة "أهلا في أمريكا" جدلاً كبيرًا، كما انتشر انتشارًا واسعًا.
ويعتبر ترامب أي أخبار تُسيء إليه أو تنتقد تصرفاته أو افعاله عدوة له وعدو للشعب الأمريكي. وقال أحد المسؤولين السابقين في البيت الأبيض إن الرئيس يتعامل مع الأمور دائمًا بمنطق الحرب، فهو ليس لديه سعة صدر ولا يتقبل النقد أبدًا.
وقالت نيويورك تايمز إن مساعدي ترامب والعاملين معه يعملون على ابقائه معزولاً عن العالم الخارجي، وفي الوقت ذاته يدعو الرئيس الأمريكي مؤيديه وأنصاره إلى الثقة به، وألا يهتموا بالانتقادات الموجهة له والتقارير التي تُسيء إليه.
ودائمًا ما يستخدم ترامب بطاقة التقدم الاقتصادي الذي حققه منذ توليه الرئاسة للرد على انتقادات وسائل الإعلام.
ودعا ترامب مؤيديه واتباعه، في تجمع للمحاربين القدامى الثلاثاء الماضي في كانساس، بألا يصدقون الهراء إذ تنشره وسائل الإعلام المزيف.
وقال: "ما ترونه وما تقرأونه ليس ما يحدث حقًا".
فيديو قد يعجبك: