"مفاوضات سرية".. لماذا فكرت إيران في إنشاء جهاز استخبارات بمصر أثناء حكم مرسي؟
كتب - هشام عبد الخالق:
أصدر "منتدى الشرق الأوسط" تقريرًا جديدًا ركز على الأعمال الخيرية لهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، وصلتهم القريبة بجماعة "الإخوان المسلمين" الإرهابية، ولم تتغير هذه المنظمة حتى بعد تقاعد الشريك المؤسس لها هاني البنا من تمثيلها، وتورطت المنظمة في الترويج للأيديولوجية الإسلاميّة، وتُعد بمثابة جبهة غربية لأجندات الإخوان، من خلال صلتها الوثيقة بالمؤسسات الخيرية في غزة التي تدعمها حماس، وإرسال الدعم لحماس، وروابطها الحميمة مع الجمعيات الخيرية الأخرى المعروفة بتمويل القضايا والمؤسسات الإرهابية، وصلتها بأشخاص مثل عصام الحداد مستشار الرئيس الإخواني محمد مرسي.
وتقول صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، إن عصام الحداد فتح مكتب لهيئة الإغاثة العالمية في القاهرة، أثناء توليه منصب مستشار مرسي، وحاز المكتب على دعم قيادات جماعة الإخوان الإرهابية، وتلقى تبرعًا كبيرًا من فرع الشركة الأم في بريطانيا، وتم استخدامه كغطاء لتمويل عمليات الإخوان في مصر، في الوقت الذي ظهر فيه على أنه يشارك في أنشطة خيرية شرعية.
وكشف التقرير، أن الحداد التقى الجاسوس الإيراني وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني في القاهرة عام 2013، لـ "تقديم المشورة للحكومة الإخوانية حول بناء جهازها الخاص للأمن والاستخبارات، بشكل مستقل عن أجهزة الاستخبارات الوطنية".
وفي نفس الوقت تقريبًا، التقت إدارة الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت باراك أوباما، بالحداد، وتبنت السياسات التي تدعم بقاء الإخوان في مصر.
والمثير للدهشة في هذا الأمر، بحسب الصحيفة، أن الإدارة الأمريكية استخدمت كلمة "الإسلاميين المعتدلين" لوصف الإخوان في مصر، ووصفت الرئيس الإيراني حسن روحاني بـ "الإصلاحي المعتدل"، على الرغم من تزايد انتهاكات حقوق الإنسان في إيران أثناء تولي روحاني الحكم.
وجماعة "الإخوان" الإرهابية هي الأخرى كانت ترفض ظاهرياً القيام بأي نشاطات تتعلق بالجهاد الإسلامي، ولكنها من ناحية أخرى كانت تُفضل تمويل العديد من الوكلاء الذين قاموا بمثل هذه الهجمات أو قاموا بتعليم أشخاص نفذوا هجمات إرهابية فيما بعد. ولعب الإصلاحيون في إيران نفس اللعبة وفي الغالب استفادوا من بعضهما البعض، وفقًا للصحيفة.
وتقول الصحيفة: توجد قضيتان هنا، الأولى: إن مرسي كان صديقًا لإيران، والدليل على ذلك زيارته لطهران 2012، وهو توضيح يدل على التحول المهم في سياسته، وتم اتهامه فيما بعد بتسريب أسرار الدولة المصرية إلى الحرس الثوري الإيراني، وهذا الاتهام مبنيّ على حقائق منها العلاقة المقربة التي جمعت بين قاسم سليماني وعصام الحداد.
والمثير للدهشة هنا أنه قبل تولي "الإخوان" السلطة في مصر، كان يُنظر إلى جماعة الإخوان وإيران على أنهما متنافسين وليس أصدقاء، ولكن مما يبدو الآن أن إيران مستعدة لمصادقة أي تنظيم طالما فيه مصلحتها.
تقول الصحيفة: ساعدت إيران إرهابيي القاعدة في 11 سبتمبر، ووفرت الملاذ لأعضائها داخل إيران كجزء من ترتيبات خاصة، وفي النهاية ساعدت المنظمة الإرهابية على إعادة بناء نفسها.
على الجانب الآخر، كانت جماعة الإخوان معروفة برعاية الوكلاء الإرهابيين والحركات الأيديولوجية التي تعكس عقيدتهم الإسلامية، ومع ذلك، فإن الإسلام السني الثوري، في جوهره، وعلى الرغم من التعاليم الدينية المختلفة عن الخمينية الإيرانية القائمة على الشيعة، كان يستند إلى مبادئ وأساليب سياسية مماثلة، وكان يجب أن يكون التآخي بين مرسي وخامنئي ليس بهذا القدر من المفاجأة، وفقًا لما أورده تقرير "منتدى الشرق الأوسط".
ويبدو أن أيديولوجية الإخوان أثرت بشكل أو بآخر على الثورة الإسلامية في إيران، فالمرشد الإيراني آية الله علي خامنئي ترجم كتابين من أعمال سيد قطب - أحد المفكرين الرئيسيين للإخوان والأب الفكري لتنظيم القاعدة - إلى الفارسية، وانتشرت هذه الكتب في إيران على نطاق واسع، وقد يكونان من أكثر الكتب قراءة في التعاليم الإسلامية.
ويقول الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان "عندما يتعلق الأمر بالصحوة الإسلامية توجد ثلاث مدارس فقط: مدرسة حسن البنا، مدرسة سيد قطب، ومدرسة خامنئي".
وقال علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد خامنئي: "إن جماعة الإخوان هي الأقرب إلى طهران من بين جميع الجماعات الإسلامية، وعندما زار الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد مصر في فبراير 2013 والتقى بحكومة مرسي، صرّح بأن مصر هي بوابة طهران في المنطقة".
ولم يتوقف التدخل الإيراني في أفريقيا بخلع مرسي في 2013، حيث نقلت طهران نشاطها إلى ليبيا ودول أخرى في غرب أفريقيا، ونمت علاقاتها مع موريتانيا والجزائر وتونس، ولكن مصر ما زالت بعيدة كل البعد عن الأيادي الإيرانية.
ومع ذلك، فإن وكلاء الإخوان المنتشرين في جميع أنحاء أفريقيا قد لا يزالون يملكون المفتاح لزعزعة استقرار الحلفاء المعادين لصعود إيران في المنطقة، وعلاوة على ذلك، تواصل إيران استثمار الكثير من الأموال في الترويج للشيعة، ليس فقط في غرب أفريقيا والمغرب، بل في مصر أيضًا.
ونظرًا لوجود دليل على الصلة بين شخصيات هيئة الإغاثة الإسلامية الذين كانوا ناشطين في السياسة وإيران، فإن التحقيق السياسي والتمويل للقضايا والجماعات ذات المنفعة المتبادلة من قبل الإخوان وجمهورية إيران يجب أن يتم التحقيق فيها واستهدافها.
وقالت الصحيفة: تدعم جماعة الإخوان الإرهابية وإيران، حركة حماس، ولكن ما هي الجماعات الإرهابية الأخرى والوكلاء الآخرين الذين استفادوا من الترتيبات التي لمح إليها الاجتماع بين عصام الحداد وقاسم سليماني؟ القضية الأخرى التي لم يتم فحصها بعد هي توقيت الأحداث، ففي الوقت الذي كان مسؤولو مرسي - مثل حداد - يتفاوضون حول بناء جهاز استخباراتي جديد ومستقل لإيران، كانت إدارة أوباما متورطة في مفاوضات سرية حول الصفقة النووية مع الجمهورية الإسلامية.
وأشار التقرير إلى أن النظام الإيراني لم يكن يتفاوض مع الولايات المتحدة والدول الأخرى حول الاتفاق النووي بحسن نية، حيث كانت لديه دوافع عدائية، والأكثر من ذلك، كان يتطلع إلى تعزيز جهاز سري منفصل عن مخابراته الوطنية القوية.
الأمر الثاني: تبقى طبيعة الخدمات التي وعدت بها جماعة الإخوان للمساعدة في هذا غير معلومة، وكذلك ما إذا كانت إيران نجحت بالفعل في إنشاء جهاز استخباراتي آخر، وما هو الغرض الذي يفترض أن تخدمه.
ثالثًا: كانت إيران، في ذلك الوقت، تنوي بوضوح زيادة مستوى أنشطتها السرية إلى ما هو أبعد من مقدرتها، وغالبًا كان هذا لأسباب معادية للمصالح الغربية.
وجهة نظر أخرى لهذه القضية، بحسب الصحيفة، هي أن إيران كانت تساعد الإخوان على بناء جهاز استخبارات مستقل في مصر. وتظل الأسئلة بشأن تلك الفكرة: هل كانت إيران تتطلع لاستخدام هذا الجهاز داخل مصر لأنشطتها الخاصة غير المشروعة؟ هل اتبعت نفس الاستراتيجية مع دول أخرى؟ هل توجد معلومات استخباراتية غير رسمية إضافية في تركيا أو الدول الأخرى المتحالفة مع طهران؟ هل أنشأت إيران شبكة إرشاد فرعية على غرار المجموعات السرية الخاصة بها في جميع أنحاء العالم؟
وقد لا تشكل قضية دعم إدارة أوباما المفتوح لحكومة مرسي تناقضًا في ضوء طموحات الاتفاق النووي كما كان يُعتقد سابقًا، فكما نعرف كان الخط الأحمر لأوباما في سوريا لا شيء سوى حيلة لإرضاء طهران وضمان نجاح الاتفاق النووي، وقد يكون الدعم الأمريكي لمصر في هذه الفترة بسبب أن جماعة الإخوان كانت شريكًا مهمًا لإيران، لذلك فضلت إدارة أوباما دعم مصالحها لإنجاح الاتفاق النووي بأي شكل.
وتساءلت الصحيفة: إلى أي مدى كانت إدارة أوباما تعرف خطط جماعة الإخوان المشتركة مع إيران؟ ومتى عرفتها؟ وما مدى قوة العلاقات بين مختلف وكلاء جماعة الإخوان مثل هيئة الإغاثة الإسلامية، ونظرائهم الممولين من إيران؟
وتختتم الصحيفة تقريرها بأن "التقرير الخاص بمنتدى الشرق الأوسط هو الخطوة الأولى لمعرفة ذلك".
فيديو قد يعجبك: