الإمارات في القرن الإفريقي.. دعم لإثيوبيا وإريتريا بعد توتر مع الصومال
كتب – محمد الصباغ:
بدأت الإمارات العربية المتحدة عبر شركة موانئ دبي العالمية توجيه استثمارات كبيرة نحو منطقة القرن الإفريقي في فترة التسعينيات، فأنشأت ميناءً ضخما في جيبوتي وتعمل على آخر في منطقة صومالي لاند ذاتية التي أعلنت "الاستقلال" عن الجمهورية الصومالية من جانب واحد.
لكن مع توتر العلاقات مؤخرًا مع جيبوتي والحكومة المركزية في الصومال، لم تضع الإمارات وقتًا وكثفت مفاوضاتها مع إثيوبيا وإريتريا من أجل زيادة نفوذها بالمنطقة. ومع إعلان أديس أبابا وأسمرة عن إنهاء الحرب التاريخية بين البلدين والتي استمرت لحوالي عشرين عامًا، يبدو أن أبو ظبي وجهت ضربة غير مباشرة لجيبوتي.
إثيوبيا دولة حبيسة تمتلك تعداد سكانها أكثر من 100 مليون نسمة، وكان حوالي 95% من حركة تجارتها تمر عبر جيبوتي بسبب قطع العلاقات مع إريتريا ولكن مع مرحلة السلام التي بدأت مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، يمكن أن تنتقل أغلب التعاملات التجارية عبر إريتريا وليس جيبوتي.
واختتم اليوم الثلاثاء لقاء جمع ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع رئيس إريتريا أسياس أفوركي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، تم خلاله الإشادة باتفاق السلام التاريخي بين دولتي القرن الإفريقي.
كما صدر بيان ثلاثي بعد القمة أكد العلاقات الراسخة التي تربط الإمارات مع كل من إثيوبيا وإريتريا والمصالح المشتركة بين الدول الثلاث. وأشاد كل من أسمرة وأديس أبابا بالدور الإماراتي في هذا الاتفاق.
نفوذ إماراتي في القرن الإفريقي
ومن جانبه قال محمد بن زايد إن الخطوة "الشجاعة" التي اتخذها قادة البلدين لإنهاء الصراع وفتح آفاق التعاون والتنسيق المشترك تشكل نموذجا "يمكن استلهامه وتطبيقه في تسوية كثير من النزاعات حول العالم".
وكانت الإمارات دعمت جهود السلام بين إثيوبيا وإريتريا على مدار الأشهر الماضية. وتعهدت في يونيو الماضي بضخ حوالي 3 مليارات دولار كمساعدات واستثمارات إلى أثيوبيا، وذلك في إشارة إلى دعم كبير لمساعي آبي أحمد رئيس الوزراء الجديد.
ونقل موقع "ذا ناشيونال" الإماراتي الذي يصدر باللغة الإنجليزية، عن أحمد سليمان، الباحث في الشئون الإفريقية بمعهد تشاتام هاوس، قوله إن حجم التغير في الأسابيع الأخيرة كان كبيرا، في إشارة إلى السلام بين إثيوبيا وإريتريا.
كما ألمح إلى الدور الإماراتي والسعودي الكبير في المساعدة من أجل الوصول لاتفاق بين البلدين لإنهاء الحرب. وأكد أن الدور الإماراتي كبير في إعادة تشكيل زيادة نفوذها في منطقة القرن الإفريقي عبر الأمن والسياسة والتجارة.
وفي إشارة إلى السعي الإماراتي نحو التوسع في القارة السمراء وفي منطقة القرن الإفريقي، ترى شركة موانئ دبي العالمية أن منطقة القرن الإفريقي تحتاج إلى عدد أكبر من الموانئ، حيث هناك دول مثل جنوب السودان وأوغندا ورواندا تعاني من أجل الوصول إلى الأسواق العالمية.
وبحسب تقرير إيكونومست تعتقد الشركة الإماراتي أن المنطقة من السودان إلى الصومال بحاجة إلى حوالي 10 أو 12 ميناء.
إريتريا وإثيوبيا بعد أزمات الصومال وجيبوتي
آفاق التعاون التي تحدث عنها ولي عهد أبو ظبي، تفتح الباب أمام استخدام إثيوبي للمياه الإريترية في العمليات التجارية في خطوة قد تؤثر على حجم التبادل مع جيبوتي. وذلك بجانب تقارب إماراتي مع البلدين في ظل توترات مع الحكومات في جيبوتي والصومال.
وأشارت مجلة إيكونومست البريطانية في تقرير لها هذا الأسبوع أن السلام بين إريتريا وإثيوبيا يبرز الأهمية الاستراتيجية لمنطقة القرن الإفريقي، المنطقة التي تستثمر فيها الإمارات، وفي نفس الوقت لازال يشوبها صراعات قوية وخصوصا في الصومال.
شهدت الأشهر الأخيرة نزاعا دبلوماسيا بين الحكومة المركزية الصومالية وبين الإمارات، أنهت الأخيرة بسببه برنامجا عسكريا لتدريب جنود الجيش الصومالي.
فقبل عام وقّعت شركة مملومة للحكومة الإماراتية تعاقدًا قيمته 336 مليون دولار من أجل توسعة ميناء بوصاصو في شمال العاصمة مقديشيو، وبالتحديد في منطقة بونتلاند الصومالية شبه ذاتية الحكم.
وقبل عامين، كانت شركة أخرى إماراتية سيطرت على ميناء بربرة في منطقة "صوماليلاند" الشمالية التي أعلنت استقلالها من جانب واحد عن الجمهورية الصومالية. وتعهدت الإمارات بدفع حوالي 440 مليون دولار من أجل تطوير الميناء.
وطالما كانت الحكومة المركزية في مقديشيو على خلاف مع الحكومات الذاتية في بونتلاند وصومالي لاند، ولذلك غضبت من الإمارات بسبب قرارها بالتعامل مع تلك الحكومات دون تواصل مع مقديشيو.
ويأتي ذلك في وقت تدعم فيه تركيا وقطر الحكومة المركزية الصومالية بملايين الدولارات. فقد ذكرت وكالة رويترز في تقرير لها في مايو الماضي أن تركيا بدأت استثمارات في الصومال بعشرات المليارات من الدولارات. وأدارت شركة تركية ميناء مقديشيو منذ عام 2014، بينما قامت شركات تركية أخرى ببناء طرق ومدارس ومستشفيات.
وبحسب مسؤولين رسميين ورجال أعمال ودبلوماسيين صوماليين، فإن النزاع في الشرق الأوسط يقود الرغبة في السيطرة على منطقة القرن الإفريقي ومياهه.
وفي أبريل داهمت قوات صومالية طائرة إماراتية في مطار مقديشيو، واستولت على مبالغ تقدر بحوالي 9.6 مليون دولار. وشجبت الإمارات هذه الخطوة مشيرة إلى استنكارها من احتجاز طائرة خاصة على متنها 47 شخصًا والاستيلاء على مبالغ كانت مخصصة لدعم الجيش الصومالي والمتدربين تحت تهديد السلاح.
وقبل هذا النزاع مع الصومال، كانت شركة موانئ دبي العالمية اتهمت حكومة جيبوتي بالاستيلاء على محطة حاويات "دوراليه" من شركة مملوكة لموانئ دبي التي صممت وتولت بناء المحطة وتشغيلها منذ عام 2006 بعقد امتياز منحته لها حكومة جيبوتي.
وأضافت الشركة في بيان أصدرته في فبراير أن "الاستيلاء غير القانوني على المحطة جاء ليتوج الحملة التي شنتها الحكومة لإجبار موانئ دبي العالمية على إعادة التفاوض بشأن شروط الامتياز التي تبين أنها (عادلة ومعقولة) من قبل محكمة لندن للتحكيم الدولي التي يقودها اللورد ليونارد هوفمان والسير ريتشارد أيكنس، وكلاهما من فقهاء القانون الإنجليزي السابقين المرموقين".
ويبلغ حجم الطاقة الاستيعابية لمحطة "دوراليه" 1.25 مليون حاوية، بحسب الشركة الإماراتية.
فيديو قد يعجبك: