كيف استخدمت أمريكا طلابًا لفضح مخابئ صدام حسين في حرب الخليج ؟
كتب- محمد عطايا:
في خريف عام 1990، طُلب من مجموعة طلاب أحدى فروع الهندسة، في ندوة علمية بجامعة في العاصمة الأمريكية واشنطن، تكليف بجمع أكبر قدر من المعلومات حول جميع المباني العراقية، من القصور إلى المستودعات والمتاحف والمخابئ.
بحسب تقرير "ذا دايلي بيست" الأمريكية، فإنه تم إخبار الطلاب، بأن جمع المعلومات جزء من عملية توثيق لمعالم الدولة، والحفاظ على الفن المعماري لها من الحرب التي على وشك الحدوث.
لم يعلم الطلاب أن تكليفهم كان جزءًا من تجربة اتبعتها المخابرات الأمريكية "CIA"؛ لجمع معلومات حول ما لقبته بوثائق حساسة، عن فن المعمار، وتوثيق جيد لفن العمارة والرسم البياني، لتحديد الأهداف المحتملة في العراق، خلال حقبة الرئيس الراحل صدام حسين.
عندما بدأت عملية "عاصفة الصحراء" في العراق بعد شهور قليلة في يناير 1991، كانت لدى القوات الأمريكية، القدرة على ضرب الصواريخ داخل النوافذ في بغداد، حيث أن المعلومات توافرت بشكل دقيق للغاية عن تلك المباني، بعد ما مدتهم به طلبة الهندسة في واشنطن.
كشفت الصحيفة الأمريكية، أن تقريرها الصحفي مبنى على معلومات حصلت عليها من ضابط مخابرات عسكرية سابق، الذي أكد أن السلطات في واشنطن أطلقت حملة واسعة للكشف عن كل مبنى في العراق، مشيرة إلى أنهم أرادوا معرفة مواقع كل غرفة وممر، ونافذة في العراق.
وأكدت "ذا دايلي بيست"، أن تلك المعلومات لم تكن "تافهة"، ولكنها مهمة للغاية، حيث أن ذلك النوع من المعرفة جعل الجيش الأمريكي دقيق للغاية في أهدافه، ما جعل عملياته هناك هي الأدق في تاريخ العمليات العسكرية.
فيما قال ضابط المخابرات العسكرية الأمريكية، إن مجموعة الخريجين في واشنطن جعلوا من العمليات العسكرية الدقيقة في العراق، أمر ناجح.
كشفت الصحيفة الأمريكية، أن قواعد لعبة التجسس في العالم تغيرت في ذلك الوقت، نتيجة لما مر به المجتمع الدولي من تغيرات كبيرة، حيث كان الاتحاد السوفيتي ينهار كليًا، والجدار العازل في ألمانيا تم هدمه قبل عام من بدء "عاصفة الصحراء"، ما جعل جهاز الاستخبارات الأمريكية "سي آي إيه" يلجأ إلى بعض الطلاب المتخصصين في الهندسة المعمارية للتجسس على الدول الأخرى.
فسر الضابط السابق بالمخابرات العسكرية، احتياج أمريكا لمخطوطات المنازل، قائلًا: "السؤال الأساسي هو، كيف تدمر قبوًا ؟ ومن هنا كان منطلق للعديد من الأسئلة لأجهزة التجسس في واشنطن، وعلى سبيل المثال نحتاج إلى العديد من المخطوطات لرسومات معمارية في العراق، في الوقت الذي نعلم فيه جيدًا أن بغداد نفسها لم تستطع التوصل لما حصلنا عليه".
وتابع: "حتى نحصل على معلومات دقيقة بشكل خفي، كان لابد من عقد مؤتمر معماري مزيف، يلقي بالضوء على المخططات الهندسية لتصميمات المنازل في الشرق الأوسط".
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن تلك الخطة تبدو معقدة للغاية، ولكنها غير شائعة، مشيرة إلى تقرير نشرته صحيفة "جارديان" البريطانية العام الماضي، كتب فيه أن المخابرات الأمريكية أنفقت بشكل سري ملايين الدولارات لإقامة مؤتمرات علمية حول العالم.
وأشارت الصحيفة إلى أنه إذا ما علم الطلاب الخريجين بما يقدومنه من خدمات غير مباشرة للمخابرات الأمريكية، أو شكوا في الأمر أنهم يجمعون معلومات بشكل غير طبيعي، متسائلة كيف ستكون الإجابة ؟
ظل الكاتب الصحفي جيوف مانوج، يبحث عن دليل لحديث ضابط المخابرات الأمريكي، فتوجه إلى جميع الجامعات في واشنطن لمعرفة إذا ما تم عقد محاضرة في ذلك الوقت حول هذا الموضوع، إلا أنه لم يجد أي رد مقنع.
وتابع، أنه ارسل مخاطبًا جهاز المخابرات الأمريكية لإطلاعه على معلومات حول ذلك الحدث، إلا أنه وبعد 7 شهور وجد نفي أو تكذيب للراوية، وفي أخر رسالة أخبروه أن تلك المعلومات سرية للغاية، ما جعله يتأكد من إخفاء الـ"سي اي ايه" لشيء ما.
وأضاف أنه كلما بحث بشكل أعمق، وجد معلومات لم يتوقع أن يحصل عليها تؤكد تصريحات ضابط المخابرات المتقاعد، مشيرًا إلى أنه على سبيل المثال وجد المهندس الألماني الذي صنع مخابئ الرئيس الراحل صدام حسين، يستجوب في مقر الـ"CIA" لإمدادهم بمعلومات حول تلك المخابئ والمباني.
فيديو قد يعجبك: