بـ"3 خطوات غير مسبوقة".. واشنطن تخطب وِد السودان بعد سنوات من العداء
كتبت- رنا أسامة:
تشهد العلاقات بين واشنطن والخرطوم تحوًلا ملحوظًا، بعد أن أقدمت الولايات المتحدة على 3 قرارات "غير مسبوقة" تعكس موقفًا جديدًا داخل البيت الأبيض إزاء حكومة عمر البشير، أبرزها السماح بمُعاملات تجارية مباشرة مع واشنطن، في خطوة تُعزّز الآمال بحذف اسم السودان من لائحة الإرهاب الأمريكية.
في أكتوبر الماضي، رفعت واشنطن جزءًا من عقوباتها الاقتصادية والتجارية الأقسى على السودان، والمفروضة منذ 20 عامًا، لكنها ما زالت تبقي عليه ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، بسبب ما قالت إنه دعم الخرطوم للجماعات الإسلامية المُسلّحة.
معاملات تجارية مباشرة مع الخرطوم: تطور إيجابي
وللمرة الأولى منذ سنوات، قررت وزارة الخزانة الأمريكية، مُمثّلة في مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها "أوفاك"، السماح بتمويل كافة الصادرات من المنتجات والأجهزة والمعدات الزراعية والطبية للسودان، في خطوة أشاد بها مسؤولون بالخرطوم واعتبروها "تطورًا إيجابيًا وإيذانًا ببدء المعاملات التجارية والمصرفية المباشرة بين البلدين".
ويسمح القرار الصادر، يوم الخميس، بتنفيذ أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في أكتوبر الماضي، والخاص بالسماح بالمُعاملات التجارية والخدمية مع السودان مع الإبقاء على العقوبات المفروضة على الأفراد.
وبحسب القرار، يتم إلغاء لوائح السودان وتعديل لائحة الإرهاب الخاصة بالجزاءات الحكومية، وإدراج ترخيص عام يفوض بعض المعاملات المتعلقة بصادرات السلع الزراعية والأدوية والأجهزة الطبية.
بدوره، وصف نائب محافظ بنك السودان المركزي، مساعد محمد أحمد، القرار بأنه "تطوّر إيجابي لتعزيز رفع الحظر الأمريكي عن السودان وإلغاء الأوامر التنفيذية التي قيدت المعاملات التجارية والمصرفية بين البلدين منذ عام 1997".
وقال، في تصريحات صحفية، إن القرار يمهد بدوره لمرحلة التعامل المباشر بين البلدين بموجب التعديلات الجديدة، مُشيرًا إلى أن هذه التعديلات تعتبر "رسالة إيجابية للمتعاملين مع السودان".
كما وصف رئيس غرفة الصادرات باتحاد أصحاب العمل السوداني، وجدي ميرغني، القرار الأمريكي بأنه "مهم" لا سيّما وأنه يتزامن مع بداية الموسم الزراعي الصيفي بالبلاد.
مكافحة الاتجار بالبشر: ترحيب سوداني
إلى جانب رفع القيود على المُعاملات التجارية والمِصرفية، أشادت وزارة الخارجية الأمريكية بجهود السودان في مكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر والهجرة غير المشروعة، في تقريرها السنوي حول الظاهرة لعام 2018، في خطوة لاقت ترحيبًا واسعًا من جانب الحكومة السودانية.
بموجب ذلك، تم رفع تصنيف السودان من الفئة الثالثة للدول المُنتهِكة لمعايير مكافحة الاتجار بالبشر إلى الفئة الثانية للدول المراقبة.
وأدرجت الإدارة الأمريكية، في أكتوبر الماضي، السودان إلى قائمة الدول "المتهمة بالتقاعس" عن إيقاف الاتجار بالبشر.
وفي يونيو الماضي، صنّف التقرير الأمريكي السنوي، السودان، ضمن بلدان المستوى الثالث التي لا تفي حكوماتها بالحد الأدنى لمعايير مكافحة الاتجار بالبشر، ولا تبذل جهودًا لفعل ذلك. فيما تستنكر الخرطوم ذلك، وتطالب بالإقرار بالجهود الكبيرة المبذولة من قبل السودان، بخصوص مواجهة الاتجار بالبشر.
وبموجب قانون أمريكي صدر عام 2000، يسمى قانون "حماية ضحايا الاتجار بالبشر"، لا تقدم الولايات المتحدة مساعدات خارجية غير إنسانية أو غير مرتبطة بالتجارة لأي دولة تتقاعس عن الالتزام بالحد من المعايير لإنهاء الاتجار بالبشر ولا تبذل جهودا لفعل ذلك.
ويشمل القانون الأمريكي، 3 محاور، هي "التعرف على ضحايا الاتجار، وإنقاذهم من وضعية الاسترقاق التي يعيشونها في العمالة أو في تجارة الجنس وتقديم الحماية لهم، التحقيق القضائي مع الأشخاص المتاجرين بالرجال أو النساء أو الأطفال وتقديمهم إلى المحاكمة العادلة وفرض العقوبات الرادعة ضدهم، وأخيرًا اتخاذ التدابير اللازمة للوقاية ضد الاتجار بالأشخاص، كالتوعية والتدريب وسن القوانين".
شطب السودان من لائحة تجنيد الأطفال: رد اعتبار
كما رفعت واشنطن اسم السودان من لائحة الدول التي تُجنّد الأطفال، بعد إعلان الأمم المتحدة خلو سجل الخرطوم من تجنيد الأطفال وانتهاك حقوقهم في مناطق النزاعات.
وقالت وزيرة التنمية الاجتماعية بالسودان، مشاعر الدولب، إن رفع اسم بلادها من قائمة الدول المنتهكة حقوق الأطفال في مناطق النزاعات هو "رد اعتبار لها".
وأكّدت أن قوات بلادها المسلحة عُرفت عبر تاريخها بالحرص على حقوق المدنيين، بمن فيهم الأطفال، ولم تجند أي أطفال ضمن تشكيلاتها المختلفة.
واعتبر وزير الدولة السوداني للشؤون الخارجية، أسامة فيصل، أن "رفع اسم السودان من هذه القائمة سيكون حافزًا إضافيًا لبذل مزيد من الجهود في قضايا دولية تهم السودان، كشطب اسمه من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب"، موضحًا أن التباحث مع الولايات المتحدة بهذا الخصوص "سيبدأ قريبًا".
رفع السودان من قائمة الإرهاب: خطة عربية
إلى ذلك، أعلن البرلمان العربي التوصّل إلى خطة تنفيذية لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، يُنتظر عرضها على رئاسة البرلمان يوم الأربعاء المُقبل.
وقال رئيس البرلمان العربي مشعل بن فهم السلمي، في مؤتمر مشترك مع ووزير الخارجية السوداني أسامة فيصل، الأحد، إن "الخطة تم التوصل إليها في اجتماع عُقِد بالعاصمة السودانية، الخرطوم".
وأكد السلمي أن "السودان يحاول حل أزمة الجنوب ويحارب الإرهاب، ولذلك نرى أن هذا الدور يستوجب أن يرفع الجانب الأمريكي اسمه من قائمة الإرهاب".
وفي الوقت ذاته، كشف مسؤول سوداني عن زيارة قريبة لوزير خارجية السودان، الدرديري محمد أحمد، إلى أمريكا، للبدء في المرحلة الثانية للحوار الثنائي بين السودان وأمريكا، بغية حل بقية القضايا العالقة بين البلدين.
ويسعى السودان في حوار ثان مع واشنطن، لرفع كامل للحظر الاقتصادي الأمريكي عن بلاده، تمهيدًا لحذف اسمه من الدول الراعية للإرهاب في اللائحة الأمريكية.
فيديو قد يعجبك: