بعد أزمة "اختراق الأجواء".. صراع الإمارات وقطر ينتقل إلى هولندا
كتب – محمد الصباغ:
لا تتوقف الأزمة الخليجية عن التطور وملامسة أفق أبعد منذ قطع الدول الأربع (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) العلاقات الدبلوماسية مع قطر في العام الماضي، فشهدت إغلاق للحدود البرية والبحرية ومناوشات في الأجواء بين قطر والإمارات، ثم وصل الأمر مؤخرًا إلى هولندا حيث مقر المحكمة الجنائية الدولية.
أغلقت الدول الخليجية الثلاث حدودها مع الدوحة واتهمتها بدعم الإرهاب والتدخل في شئون الدول المجاورة من أجل زعزعة الاستقرار في المنطقة، وطالبتها بالتوقف عن التقارب مع إيران والعودة إلى "الحضن العربي" وإغلاق قناة الجزيرة التي لا توقف موادها العدائية نحو الدول المقاطعة.
نفت الدوحة بدورها هذا الأمر وأشارت إلى أن المنظمات التي تقول الدول المقاطعة إنها إرهابية بعضها –مثل الإخوان المسلمين- مجرد تيارات سياسية غير مرغوب فيها في تلك الدول وليست منظمات إرهابية، وواصلت التقارب مع إيران وأيضًا تركيا وسمحت بوجود قاعدة تركية جديدة على أراضيها.
ومع الشد والجذب المستمر، اتهمت الإمارات والبحرين الإمارة الخليجية الغنية بالاستهتار بسلامة الطائرات المدنية وتعريض حياة المدنيين للخطر. ونفت الدوحة هذه الاتهامات وزعمت أن الإمارات هي من تفعل ذلك بانتهاك قوانين الطيران المدني.
الأزمة تنقل إلى هولندا
وفي بداية شهر يونيو الجاري، تقدمت قطر بشكوى إلى محكمة العدل الدولية ضد الإمارات وطالبتها بالعدول عن إجراءات اتخذتها في إطار مقاطعتها للدوحة، متهمة إياها بانتهاك اتفاقية دولية للقاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
وتتبع محكمة العدل الدولية الأمم المتحدة وهي مختصة بإنهاء الخلافات القانونية بين الدول وبعضها البعض، وتسعى الدوحة من خلالها إلى إنهاء فوري للإجراءات، التي بحسب الإمارة الخليجية لها تأثير مدمر على القطريين وأسرهم حيث بات آلاف الأشخاص غير قادرين على زيارة أفراد أسرهم في الإمارات.
وقالت الدوحة إن الإمارات طردت مواطنين قطريين وأغلقت مكاتب قناة الجزيرة الإخبارية إلى جانب إجراءات أخرى، وطالبت المحكمة بإصدار حكم مؤقت يوقف هذه الإجراءات.
واعتبرت الإمارات في بيان رسمي، اليوم الخميس، أن ادعاءات قطر أمام محكمة العدل الدولية لا أساس لها من الصحة واعتبرت أن قطر تزيّف الحقائق.
وذكر البيان أيضًا أن قطر بهذه الشكوى أمام "العدل الدولية" تعد جزء من محاولات مستمر لصرف الانتباه عن "دعمها الإرهاب والتحريض على الكراهية والعنف وتدخلها في شؤون دول أخرى ذات سيادة".
وأكدت الإمارات أنها تمتثل بشكل كامل للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
وصرّح سعيد علي النويس سفير الإمارات لدى هولندا، اليوم الخميس: "ندرك أن الشعب القطري لا يتحمل أية تبعات حيال السياسات الخطرة لحكومته لذلك اتخذت دولة الإمارات سلسلة من التدابير ضد قطر مع ضمان عدم إلحاق الضرر بشعبها ".
كما أشار إلى أنه حينما اتخذت الإمارات تدابيرها ضد الحكومة القطرية كانت ضرورية "لحماية أمنها القومي"، وحينها اتخذت في الوقت نفسه إجراءات "استثنائية لضمان عدم إلحاق ضرر بالمواطنين القطريين العاديين أو أفراد العائلات الإماراتية القطرية المختلطة".
وقالت الإمارات إنها قدمت أدلة على أنه منذ منتصف يونيو من العام الجاري كان هناك 1294 مواطنا قطريًا يعيشون في الإمارات وهو رقم لا يختلف عما كان الوضع عليه في قبل عام.
كما أشارت إلى أنها قدمت لمحكمة العدل الدولية ملخصا بالحوالات البنكية بين الإمارات وقطر والتي تظهر أن الحوالات البنكية الواردة بلغت 26 مليونا و463 ألفا و270 درهما إماراتيا، فيما بلغت التحويلات الخارجية 15 مليونا و747 ألفا و493 درهما في الفترة من يونيو 2017 إلى أبريل 2018.
وأشارت الدوحة بأن الإجراءات الإماراتية ضد مواطني قطر تمثلت في "عدم تمكينهم من العلاج والتعليم والتجارة إضافة إلى قطع الصلات الأسرية".
صدام جوي
وسبق المعركة القضائية في هولندا خلافات جوية انتقلت إلى منظمة الطيران المدني الدولية ومجلس الأمن.
كانت هيئة الطيران المدني الإماراتية في بداية العام الجاري، نددت باقتراب مقاتلتين قطريتين من طائرتين مدنيتين إماراتيين في المجال الجوي البحريني، واعتبرت ما فعلته الدوحة "استهتار بسلامة الطائرات المدنية والملاحة الجوية".
ونقلت وكالة أنباء الإمارات أن هذا التصرف دفع بقائد إحدى الطائرتين المدنيتين إلى إجراء مناورة لتفادي الاصطدام بالمقاتلين القطريتين.
ولك تكن هذه المرة الأولى التي تتهم فيها الإمارات قطر باعتراض حركة الطيران المدني وهو ما دفعها لتقديم أدلة سابقة أمام منظمة الطيران المدني الدولي بإحداثيات الاعتراضات القطرية لسلامة الملاحة الجوية.
فتقدمت الإمارات في يناير بمذكرتي إحاطة لمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد تعريض قطر حياة مدنيين للخطر باعتراض مقاتلاتها طائرتين إماراتيتين مدنيتين كانتا تحلقان عبر خطوط معتمدة دوليًا إلى العاصمة البحرينية، المنامة، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الإماراتية (وام).
وبالتنسيق مع البحرين، رفعت الإمارات تقريرًا إلى منظمة الطيران المدني الدولية (إيكاو) حول اعتراض مقاتلات قطرية لطائرتي الإمارات، داعية إلى فتح تحقيق.
كما بثَّ التلفزيون البحريني، مقطعًا لتسجيل أجهزة الرادار يوضح لحظة اعتراض المقاتلات القطرية للطائرتين الإماراتيتين.
وسبق هذا الأمر اتهام الدوحة للإمارات باختراق طائرة عسكرية للأجواء القطرية.
وأعلن مسئولون قطريون آنذاك أنه "يبدو أن هيئة الطيران بالإمارات تحاول من خلال نشرها ادعاءات كاذبة استباق الأحداث والتغطية على خبر اختراق الطائرة العسكرية الإماراتية الأجواء القطرية".
وأضافت "يبدو من ناحية ثانية أن الإمارات تحاول لفت الأنظار بعيدا عن حوادث أخرى سببت لها أزمات إعلامية في اليومين الماضيين وتحاول التغطية عليها عن طريق خلق الفقاعات الإعلامية غير المؤسسة على وقائع حقيقية".
وقطعت الدول الأربع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة في مايو من عام 2017، ولاتزال الأزمة تلقي بظلالها على المواقف والتحركات الإقليمية، حيث تسببت في ابتعاد قطري عن التوافق الخليجي والعربي واتجهت أكثر نحو كل من تركيا وقطر.
فيديو قد يعجبك: