إعلان

هل تدق إسرائيل إسفينا بين روسيا وإيران؟

06:11 م السبت 02 يونيو 2018

إسرائيل عززت من دفاعاتها في هضبة الجولان، جبهتها م

لندن (بي بي سي)
في وقت مبكر من هذا الشهر، وصلت المعركة الطويلة بين إسرائيل وإيران في سوريا إلى منعطف تصعيدي غير مسبوق. وما يُعتقد هو أن الهجوم الصاروخي الإيراني ضد مواقع للجيش الإسرائيلي في هضبة الجولان المحتلة (الذي كان نفسه ردا على غارات جوية إسرائيلية سابقة ضد قاعدة إيرانية في سوريا) دفع تل أبيب إلى شن هجوم أوسع.

وشنّت الطائرات الإسرائيلية غارات على نحو 50 هدفا إيرانيا في سوريا، أي تقريبا كل قاعدة أو منشأة إيرانية معروفة هناك، ما أدى، بحسب محللين، إلى تراجع لقوتها العسكرية في سوريا لأشهر إن لم يكن لسنوات.

لكن، بات واضحا الآن أن الهجوم قد يؤدي إلى تغيير في الديناميات الإقليمية إلى ما هو أبعد من ذلك، كما قد تقدم التطورات في هضبة الجولان في الجنوب باعثا إضافيا.

ويتوقع أن تصبح هذه المنطقة في جنوب غرب سوريا، التي تضم محافظة القنيطرة التي تتاخم المواقع الإسرائيلية، مركزا لهجوم حكومي جديد.

ويحرص الرئيس السوري، بشار الأسد، على طرد عدد كبير من المليشيات العسكرية، على الأقل تلك المليشيات التي أعلنت ولاءها لتنظيم الدولة الإسلامية.

وقد تكون المعركة المحتملة هنا بوتقة صراعات جديدة، ستؤدي إلى إثارة التوترات بين الأطراف الخارجية الثلاث التي لها مصالحها الاستراتيجية الأكثر أهمية في البلاد، وهي إيران وإسرائيل وروسيا.

التوازن

إن العلاقة بين الدول الثلاث علاقة غير عادية على الإطلاق، وهذا أقل ما يقال. فإيران وإسرائيل عدوان لدودان لبعضهما بعضا. وسوريا في طريقها لأن تصبح أخطر جبهة في صراعهما المرير.

أما روسيا وإيران فهما الداعمان العسكريان الرئيسيان للرئيس الأسد في سوريا. وبدونهما ربما كان قد أطيح بالأسد من سدة الحكم.

لكن موسكو لديها علاقات وثيقة بإسرائيل، فرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كان مدعوا مؤخرا كضيف شرف في استعراض عسكري ضخم في موسكو، احتفالا بذكرى الحرب العالمية الثانية.

لذلك، كيف توازن روسيا علاقتها مع إيران وإسرائيل على حد سواء؟ وهل تتباين مصالحها الاستراتيجية في سوريا؟

يمثل العامل المثير في الحملة الجوية الإسرائيلية الطويلة للحد من أو، إن إمكن، تغيير اتجاه القوات الموالية لإيران في سوريا هو سلبية موسكو.

وتمتلك روسيا، الحليف المفترض لإيران، قاعدة جوية في سوريا بها أجهزة راداد وصواريخ أرض جو يمكنها بكل قوة التصدي لأي ضربات جوية إسرائيلية إذا أرادت. لكنها حتى الآن لم تفعل شيئا.

وتركوا، فعليا، السماء فوق سوريا ولبنان مفتوحة أمام العمليات الجوية الإسرائيلية.

وفي الحقيقة، هناك خط ساخن دائما بين القوات الإسرائيلية والروسية في سوريا لضمان أن ضربات إسرائيل الجوية لن تتعارض مع التحركات الجوية الروسية.

مصالح استراتيجية

بالتالي، ما هي النتيجة التي يمكن استخلاصها من السلوك الروسي؟ وهل هناك أمر لم تعد تتفق عليه موسكو وطهران؟ وماذا يمكن أن يعني ذلك بالنسبة للحرب غير المعلنة بين إسرائيل وإيران؟

في البداية، كان الأمر أبسط بكثير. فعندما بدا الأسد على وشك الانهيار في أغسطس/آب 2016، شعر حلفاؤه بأنهم مجبرون على مساعدته.

ووفرت روسيا دعما جويا قويا بينما ساعدت إيران بمليشياتها المختلفة، من بينها حزب الله في لبنان، قوات الأسد في الميدان.

ومن هذا المنطلق، كانت أهداف روسيا وإيران متوافقة سواء لتعزيز الموقف العسكري أو، إذا أمكن، تمكين النظام من مواصلة الهجوم لاستعادة الأراضي التي فقد السيطرة عليها.

بالنسبة لروسيا، كان هذا كله يتعلق بتوفير الدعم لحليف قديم، حليف تعود العلاقة معه إلى سنوات الحرب الباردة.

وشعرت روسيا بالقلق من زعزعة الوضع المتزايدة في المنطقة، والخوف من أن يؤدي زحف داعش في نهاية المطاف إلى إثارة المشاعر بالقرب من حدود روسيا.

وكانت هناك اعتبارات جيو-استراتيجية أيضا، إذ شكلت سوريا وقاعدة روسيا البحرية الصغيرة (التي يجري توسيعها الآن) قبضة صغيرة لموسكو في الشرق الأوسط، وهي المنطقة التي كانت حريصة على تجديد نفوذها فيها لتراجع نفوذ واشنطن بها.

كما هدفت إيران، أيضا، إلى مساعدة حليف مهم وقديم لكن كانت لها حسابات جيو-استراتيجية في سياستها هي الأخرى.

فسوريا الضعيفة والمقسمة لن تشكل تهديدا كبيرا لإسرائيل، في حين ترى إسرائيل إيران وسعيها المحتمل للحصول على قنبلة ذرية تهديدا وجوديا، كما أن إيران نفسها ترى أن القوة العسكرية الإسرائيلية بعيدة المدى تشكل تهديدا كبيرا وعقبة أمام طموحاتها الإقليمية.

ولهذا، إذا تمكن نظام الأسد من الاسقرار، ورسخت قوات إيرانية أو قوات بالوكالة وجوها في سوريا، عندئذ يمكن مواجهة إسرائيل بالقرب من حدودها.

ممر إيراني

في الواقع، فإن النفوذ الإيراني المتنامي في العراق واستمرار وجود الرئيس الأسد يمكن أن يوفر فرصة لإنشاء ممر بري يمتد عبر سوريا إلى لبنان، وهو ما قد يسمح في يوم من الأيام بوصول الأسلحة والإمدادات العسكرية إلى حزب الله.

في الوقت الحالي، يصل كثير من هذه الصواريخ والمعدات جوا. لكن طرقا كهذه قد تُعترض وتتوقف يوم ما. ولا زال إيران نظاما ثوريا يتوق إلى تصدير رسالته إلى العالم العربي.

وشهدت انتصارات الأسد المتنامية ترسيخ مجموعة من القوات الموالية لإيران وجودها في سوريا، بداية من وحدات من قوات الحرس الثوري حتى مجموعة متنوعة من الميليشيات، كالفيلق الأجنبي الشيعي، الذي جرى تجنيده في باكستان وأفغانستان وأماكن أخرى.

وأطلقت إسرائيل حملة دعائية كبرى لإقناع العالم بأن إيران تسعى إلى وجود عسكري دائم في سوريا، وتؤكد أن هذا أمر لن تسمح به.

بقاء المليشيات في الخليج

دفعت التوترات المتصاعدة إلى وجود نشاط دبلوماسي كبير بين إسرائيل وروسيا. وخلال هذا الأسبوع فقط، يزرو وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، موسكو لإجراء محادثات مع نظيره الروسي، سيرغي شويغو.

وتشير كل المؤشرات إلى أن روسيا منزعجة من ضراوة الضربات الإسرائيلية على المنشآت الإيرانية، خوفا من أنه إذا استمر هذا الوضع فيمكن أن يؤدي إلى مواجهة قد تهدد سيطرة الرئيس الأسد على السلطة.

ويبدو أن روسيا مستعدة لدعم خطة تحظر اقتراب أي قوات موالية لإيران من حدود إسرائيل.

وعلى المدى القصير، يعني هذا أن الميليشيات الموالية لإيران بعيدة عن أي هجوم حكومي جديد على الجولان الجنوبي.

لكن هذا يرجح أن يكون بمثابة وسيلة مؤقتة، فإسرائيل تعارض وجود إيران العسكري في سوريا برمته، وكانت معظم غاراتها الجوية بعيدة كل البعد عن الجولان.

ومن غير المحتمل تخلي إيران عن مصالحها الخاصة واستسلامها.

ودعا الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى انسحاب جميع القوات الأجنبية من سوريا، وهي الدعوة التي كررها وزير خارجيته، سيرغي لافروف، منذ أيام قليلة، وقال إنه يتعين على القوات السورية فقط الانتشار جنوبي البلاد.

لكن ما مدى التأثير الروسي على طهران وحلفائها؟
من الواضح أن موسكو ترغب في تحقيق الاستقرار في سوريا، بما يمكّن نظام الأسد من "إعلان النصر".

وتعد إيران حليفا رئيسيا على الأرض لتحقيق هذا الهدف. لكن الصراع الإقليمي بين إسرائيل وإيران يلوح في الأفق بقوة. وبعدما قررت منح إسرائيل على ما يبدو حرية للحركة في الأجواء، فإن روسيا قد تجد جمهورا أقل تقبلاً لدعم طهران.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان