إعلان

تحدي ميانمار الكبير في التعامل مع عمالة الأطفال

03:45 م الإثنين 11 يونيو 2018

عمالة الأطفال

يانجون - (د ب أ):

تبدأ نوبة عمل الطفلة خين ساباي، البالغة من العمر عشر سنوات، في متجر شاي يعج بالحركة في مركز ميانمار التجاري، يانجون، من الساعة الرابعة صباحاً وتنتهي في الساعة 11 مساءً طيلة أيام الأسبوع.

وخلال انشغالها في تنظيف الطاولات وتلقى الطلبات وإعداد الطعام، تقول إنها تحسد صديقاتها اللواتي يذهبن إلى المدرسة.

وتقول ساباي، الطفلة التي تعطي دخلها الشهري البالغ 60 ألف كيات (44 دولارا) لعائلتها التي تعيش في مدينة تبعد ساعتين عن يانجون، "أريد أن أتعلم".

وتعتبر خين ساباي واحدة من أكثر من 1ر1 مليون طفل دون سن 17 في ميانمار - أو 3ر9 في المئة من إجمالي عدد الأطفال في البلاد - الذين يكدحون في المصانع والمطاعم والمناجم أو في المزارع، بدلا من الذهاب إلى المدرسة، وفقا لخبراء في عمالة الأطفال مقرهم ميانمار.

وفي الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي لمناهضة عمالة الأطفال، غدا الثلاثاء، فإن هناك نحو 152 مليون طفل في جميع أنحاء العالم كانوا يعملون في عام 2016، وفقا لمنظمة العمل الدولية.

وتعتبر أرقام ميانمار أعلى من المتوسط الإقليمي في قارة آسيا والمقدر بـ4ر7 في المئة. ويزداد الأمر سوءا في أفريقيا، فهناك ما يقدر بنحو 6ر19 في المئة من الأطفال يعملون.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه، أونج سان سوتشي، التي كان ينظر إليها على أنها أيقونة الديمقراطية في ميانمار، أن التصدي لعمالة الأطفال أولويتها عندما تولت السلطة عام 2016 ، قال مسؤولون وخبراء لوكالة الانباء الألمانية (د.ب.أ) إن القضاء على عمالة الأطفال لا يزال يشكل تحديًا كبيرًا أمام أحد أفقر بلدان المنطقة بسبب محدودية موارد وقدرات الحكومة.

وتجري حاليا مشاورات بشأن قانون حقوق الطفل، الذي تشتد الحاجة إليه، والذي من المقرر أن يحمي العمال الصغار ويتضمن حظراً على العمل لمن هم دون سن 18 عاماً، بقيادة لجنة مشروع القانون بعد إحالته إلى البرلمان في يوليو من العام الماضي.

ويقول نيونت وين، الذي يعمل في وزارة العمل وهو عضو باللجنة التي تم إطلاقها في فبراير الماضي لتنفيذ خطة العمل الوطنية للحكومة التي تبلغ مدتها 15 عامًا، "نحن بحاجة إلى التحلي بالصبر".

وأوضح وين لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن "عمالة الأطفال تمثل تحديا كبيرا وقضية معقدة وحساسة للغاية"، مضيفا أن الإدارة المنوط بها التفتيش على المصانع والالتزام بقانون العمل مواردها المالية والبشرية "محدودة للغاية" مما يعرقل التفتيش عن حالات عمل الأطفال.

كما أن الاستثمار الأجنبي، الذي تشتد الحاجة إليه معرض للخطر أيضا، إذ يتعين على الشركات الدولية أن تتوخى الحذر في ميانمار.

فقد كشفت شركة (إتش آند إم) لصناعة الملابس، التي تدرب موظفي الإدارة والعاملين في مصانعها في ميانمار والبالغ عددها 40 مصنعا وتجري عمليات تفتيش منتظمة، العام الماضي عن حالات عمالة أطفال تضمنت عاملًا واحدًا يقل عمره عن 14 عامًا وثلاثة تتراوح أعمارهم بين 14 و 15 عامًا.

ويقول فيلكس أوكبورن، المدير بالشركة، إنه "تم تعويضهم، وإعادتهم إلى أسرهم، وبالتعاون مع الشركة ومنظمات غير حكومية لحماية حقوق الطفل، قمنا بوضع خطة للتدريب المهني والتعليم غير الرسمي بما يحقق أفضل مصلحة للأطفال تماشيا مع ممارساتنا".

ويعتبر ما يقرب من 600 ألف شاب يعملون في أعمال خطرة - مثل البناء أو التعدين - أولوية بالنسبة للحكومة ووكالات الأمم المتحدة، لأن هؤلاء العمال هم أكثر عرضة للتعرض للأذى جسديًا أو عقليًا.

ويعد أونج فون مو البالغ من العمر تسع سنوات واحدا من بين العديد من الأطفال في يانجون الذين يراوغون بين السيارات في إشارات المرور لبيع زجاجات المياه والمكسرات للسائقين.

ويقول "أعيش مع أمي فقط، لذلك اضطررت إلى ترك المدرسة".

ويقول سليم بن عيسى من منظمة العمل الدولية في ميانمار "عندما لا تستطيع العائلات إرسال أطفالها إلى المدرسة، فإنها تؤدي إلى استمرار دورة الفقر. ميانمار تريد أن تمتلك قوة عاملة ماهرة، وليس قوة عاملة رخيصة".

وإلى جانب الآثار المترتبة على صحة الأطفال وآفاق المستقبل، يحذر الخبراء من أن عدداً كبيراً من الشباب غير المتعلمين سيغادر الدولة غير القادرة على التنافس مع الاقتصادات المجاورة في المستقبل.

وفي عاميها الأوليين في السلطة، عدلت الحكومة الجديدة تشريعات لرفع الحد الأدنى لسن العاملين في المصانع ومحلات البيع بالتجزئة من 13 إلى 14 عاما وجعلت من غير القانوني تشغيل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 عاما بدوام كامل.

وتقول تيونا أسلانيشفيلي، أخصائية حماية الطفل في مكتب منظمة اليونيسف بميانمار، "لكن التشريع ليس سوى جزء من الحل ... التنفيذ الخطوة التالية، وسيتعين مضاعفة عمليات تفتيش أماكن العمل".

ووفقا لأسلانيشفيلي، فإن حقيقة أن 60 في المئة من الأطفال العاملين في ميانمار يعملون في الزراعة يجعل إنفاذ قوانين وسياسات العمل أكثر صعوبة ويتطلب "استراتيجية دقيقة وجهد طويل الأمد لتغيير السلوكيات المجتمعية" في المناطق الريفية.

وتقول أسلانيشفيلي لـ(د.ب.أ) إن وزارة الرعاية الاجتماعية ستحتاج إلى بناء القدرة على الاستجابة لحالات الأطفال الذين ينقلون من أوضاع العمل الخطيرة وتوفير سبل العلاج لهم.

ويحث الخبراء على إصلاح نظام التعليم القديم في ميانمار، قائلين إن التعليم الإلزامي ينبغي أن يرتقي إلى الحد الأدنى لسن العمل.

ووفقا لبن عيسى فإن ضمان الوصول إلى التعليم الجيد - والتعليم الفني والمهني - هما جزء من إصلاحات التعليم الجارية في البلاد ومن أهداف خطة العمل الوطنية.

وطبقت إحدى شركات الاتصالات الرائدة في ميانمار، تيلينور، سياسة عدم التسامح مطلقا مع عمالة الأطفال في بناء ثمانية ألاف برج اتصال منذ عام 2014.

ووفقا لإحاطة التنمية المستدامة لعام 2018، فإن عمليات تفتيش عشوائية غير معلن عنها لم تعثر على أي حالات عمالة للأطفال خلال عام 2017.

ويقول مين ثو، الخبير في استدامة نشاط الأعمال: "القبول الاجتماعي [لعمالة الأطفال] والفقر هي القضايا الرئيسية، فضلاً عن الافتقار إلى بدائل للأطفال".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان